سعد السبيعي

الإيجارات بين سندان الجائحة ودمار المنشآت

الاثنين - 01 يونيو 2020

Mon - 01 Jun 2020

بلا شك أن مبادرات القطاع الخاص لتخفيف الآثار الاقتصادية لفيروس كورونا على أصحاب الأعمال والمجتمع كانت متعددة، وقد قللت كثيرا من تبعات الجائحة بقيمة تجاوزت 120 مليار ريال، وهذه المبادرات العظيمة أتاحت الفرصة لعديد من المنشآت للصمود أمام فيضان الوباء الذي أكل الأخضر واليابس.

وإثر ذلك أطلقت عديد من المبادرات منها «تجارنا فيهم الخير» وغيرها، واستجاب عدد من المؤسسات لهذه المبادرات التي ساعدت كثيرا من المحلات التجارية الصغيرة على مواجهة آثار الجائحة العالمية، لكن هناك مؤسسات أخرى لم تستجب لهذه المبادرات ولم تشترك فيها، وطالبت أصحاب المحلات بقيمة الإيجارات خلال فترة الفترة الماضية التي تم إغلاق المحلات فيها، نظرا للمنع الكامل الذي أصدرته الدولة والتزمت به المنشآت كافة.

ولم تنظر هذه المؤسسات إلى حالات الركود العام الذي أصاب سوق الأعمال والتجارة بالمملكة والعالم بأسره والظروف القاهرة التي يعجز فيها المستأجر عن دفع القيمة الإيجارية، بل إنها هددت مستأجري المحلات إما الدفع أو فسخ التعاقد، بل وصل الأمر إلى التهديد بتحويل الأمر إلى المحكمة المختصة بتقدير الوضع على الرغم من أن هذه المحلات متضررة بصورة بالغة، ويستحيل تنفيذ بنود التعاقد في ظل الوضع الراهن الذي تفرضه مخاوف انتشار الوباء.

ولم تشفع للمستأجرين توسلاتهم للمؤجرين للمطالبة بتأجيل الإيجارات أو تخفيضها، نظرا لظروف كل محل أو نشاط تجاري، مثل الكافيهات والأندية الرياضية الصحية والأنشطة ذات النطاق المحدود كمحلات بيع الإكسسورات والملابس، والتي أغلقت مع سريان إيجاراتها خلال فترة المنع.

ومع تصاعد الخلافات بين الملاك والمستأجرين إلى ساحات القضاء، بات حسم هذه المسألة أمرا ضروريا وعاجلا، بتعديل مؤقت للقيم الإيجارية حسب طبيعة الأنشطة وحجم تضررها من هذه الإجراءات الاحترازية، وبما يعيد التوازن بين مصلحة المؤجر والمستأجر بشكل رسمي، للحيلولة دون دخول الأطراف في منازعات قضائية.

بل أصبح هناك مطالب باستحداث تشريع قانوني، يلزم الملاك بخفض القيمة الإيجارية أو الإعفاء منها، خاصة للفئات المتأثرة الذين تكبدوا العديد من الخسائر جراء الإغلاق، مثل أجور العاملين بها والالتزامات الأخرى كتجديد الإقامات والتأمين الطبي، إضافة للمصروفات التشغيلية للبنايات مثل الصيانة واستهلاك الكهرباء والمياه.

لذا فإنني أرى أن يجري تقسيم فترة كورونا إلى 3 مراحل:

الأولى: يجري فيها تقسيط الفترة الإيجارية ما قبل كورونا.

الثانية: تمثل فترة الأزمة، ويعفى المستأجرون فيها تماما من الدفع.

الثالثة: تخفيض القيم الإيجارية للمحلات خلال السنتين المقبلتين.

كما أناشد الجهات المختصة بالأمر بتوجيه مالكي العقارات بتبني هذه المبادرة، وإلزامهم بالتنفيذ العاجل لها، وذلك حتى يستطيع أصحاب المشاريع الاستمرار في أعمالهم، إلى حين تنتهي هذه الظروف الصعبة القاهرة، وتدور عجلة الإنتاج مرة أخرى، ويستطيع أصحاب المحلات مواجهة أعباء آثار كورونا المدمرة. والله الموفق.

saadelsbeai@