أيمن التميمي

عبدالعليم والاحترام المصطنع

الاحد - 31 مايو 2020

Sun - 31 May 2020

عبدالعليم موظف بسيط يعمل في إحدى محطات الخدمات البترولية. في أحد أيام رمضان الفائت توقفت بالمحطة التي يعمل بها صاحبنا عبدالعليم، وذلك من أجل التزود بالوقود، ورأيت في عينيه انكسار المغترب وغصة من ليس بيده حيلة.

سألته عن سبب ذلك، فأجاب بحزن بأن أحد الزبائن انهال عليه قبل قليل بسيل من الشتائم، وكاد يضربه لسبب تافه لا يستحق كل ذلك التعامل القاسي وغير الإنساني! هذه العينة من البشر مع الأسف موجودة في كل مجتمعات العالم، ويزيد تسلطها كلما أمنت العقوبة.

العجيب في الموضوع أن مثل هؤلاء يبحثون عن الاحترام لدى الناس، سواء في أماكن العمل أو في المناسبات الاجتماعية أو حتى عند سفرهم للخارج. فتجد الواحد منهم يغضب عند إساءة معاملته ويعبر عن ذلك لمن حوله، كأن يقول «للأسف فلان هذا غير محترم» أو «لا يحترم» أو غيرها من العبارات التي تدل على انزعاجه من الطريقة التي عومل بها. ولكن في الوقت نفسه عندما يتعامل مع البسطاء والعمال تجد من سلاطة اللسان وسوء التعامل ما يندى له الجبين.

طرفا الميزان عند مثل هؤلاء غير متكافئين، ففي طرف نجد البحث عن التقدير والاحترام من المجتمع وبيئة العمل، وفي الطرف الآخر نجد تهميش الضعفاء والمساكين والتسلط عليهم أو سوء معاملتهم.

يظن هؤلاء أن التعامل القاسي مع العمال والبسطاء والمساكين هو من أنواع الحزم المطلوب والضروري لكي ينضبطوا ويصلح حالهم أو سيمنعهم من الغش أو الاحتيال، وهذا للأسف ظن ليس في محله البتة، وفهم خاطئ لمعنى التعامل الإنساني!

بل ذهب بعضهم لأبعد من ذلك كأن يقوم بعض المديرين السابقين بتوصية المديرين اللاحقين بعدم الابتسام وتبادل الأحاديث مع من هم تحت إدارتهم، وذلك بحجة ألا يتمرد الموظفون عليهم وألا تنفلت الأمور من نصابها.

الاحترام الحقيقي والنابع من النفس الطيبة لا يظهر عند التعامل مع منهم أعلى منك وظيفيا كالمديرين أو المسؤولين ولا مع من هم في مستواك كالأقران، وإنما يكون أكثر وضوحا عند التعامل مع البسطاء أو العمال أو أصحاب الحاجات الذين لا يملكون من الأمر شيئا. فاحترام المديرين والمسؤولين والأقران قد يكون من أجل بعض المجاملات أو مراعاة مصالح شخصية لا أكثر.

أخيرا، القاعدة العامة تقول إن وجدت أنك فظ التعامل مع عبدالعليم ومن في حاله، فاعلم أن احترامك للغير هو احترام مصطنع وتربطه المصالح فحسب!

@aiman_altamimi