فواز عزيز

العودة إلى الحياة بأسلوب جديد

الاحد - 31 مايو 2020

Sun - 31 May 2020

• بدت ملامح «الفرج» تظهر بعد نحو 3 أشهر أمضاها أغلب البشر في «الحجر المنزلي»، وبدأت الخطوات الأخيرة للخروج من عنق زجاجة «العزلة» التي حصرت الحياة في المنازل وجعلت «التباعد الاجتماعي» شرطا وفرضا لممارسة الحياة بشكل طبيعي، وحولت المدن إلى سجون وفيروس «كورونا» هو السجان الخفي.

• ستزول «العزلة» التي بدأت بنصائح التزام المنازل ثم بفرض قوانين منع التجول الجزئي ثم الكلي في كل مكان في العالم، ستزول «العزلة» التي لم يتوقعها أحد، حتى أسوأ الناس نظرة للمستقبل وأكثرهم تشاؤما.

• سنردد كثيرا «ما أجمل الحياة»، وما أجمل العودة إلى طبيعتها التي كنا عليها، ورغم أن «العزلة» لم تكن سيئة، إلا أنها عطلت الحياة وشلت الحركة، وقد عشناها بنعمة الأمن والرخاء في منازلنا، وحفظنا أنفسنا وأحبابنا من انتشار «الوباء»، وكنا في تلك العزلة نتابع بفخر جهود الدولة في حفظ الأنفس وأمن الوطن باحترافية عالية وحرص شديد.

• رحل العيد ومعه المنع الكلي وعادت الحياة إلى المدن جزئيا من السادسة صباحا حتى الثالثة عصرا، واليوم «الأحد» تبدأ مرحلة جديدة من التخفف من الحظر الجزئي، بتقليل مدة الحظر الجزئي ليكون من الثامنة مساء حتى السادسة صباحا.

وتعود معه الإدارات الحكومية والشركات والأسواق إلى العمل. ويعود المصلون إلى المساجد. وإذا كنا بمستوى عال من الوعي والالتزام بالإجراءات والاحترازات والتباعد الاجتماعي سنكون على موعد مع مرحلة جديدة نتخلص فيها من آثار «كورونا» وتعود الحياة إلى طبيعتها بنهاية شوال.

• في تلك «العزلة» الاستثنائية والاضطرارية صحيا، كانت «التقنية» حلا لتخفيف أضرار العزلة ووحشتها، وكانت نفعا كبيرا للبشر وللدول التي كان لديها اهتمام مسبق بـ»التقنية»، وكانت لها خطوات في التحول الالكتروني، والسعودية كانت كذلك، فلم تتعطل كثير من المصالح فيها، لأن العمل قائم «عن بعد»، وخلال الأزمة تطور العمل الالكتروني كثيرا، وهذه من المكاسب التي سنستفيد منها في المستقبل القريب والبعيد في بلادنا.

• كانت «التقنية» هي الكاسب الأكبر من الأزمة وعزلتها التي تسببت بخسائر لكثير من الشركات، وأكبرها شركات الطيران فقد تعطلت طائراتها وسكنت المطارات التي كانت الأكثر صخبا وازدحاما قبل «الجائحة»، فعلى سبيل المثال، في إحدى الصحف خبر عن إفلاس شركة ملابس عريقة بسبب «كورونا»، يجاوره خبر عن مكاسب تطبيق الكتروني خاص بالتواصل المرئي الجماعي، حيث تجاوزت قيمة شركته السوقية 7 شركات طيران بسبب «كورونا» الفيروس الذي عزل الناس واقعيا، فلجؤوا إلى العالم الافتراضي ومنه هذا التطبيق الذي أصبح منصة لإقامة الاجتماعات والفعاليات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية، وكسب سمعة كبيرة وأصبح سبيلا للخلاص من آثار العزلة.

• بدأت عودة الحياة في كل دول العالم تدريجيا وحسب خطط الدول للانتقال من العزلة إلى الانفتاح، وسيبدأ الناس يهتمون بأشياء أخرى غير أخبار «كورونا»، رغم أن خطره ما زال قائما، لكن هل سيبقى العالم الافتراضي شريكا للعالم الواقعي، بعد أن سيطر على كل شيء لفترة ليست بالقصيرة؟ هل ستتغير العادات الاجتماعية وأساليب الحياة التي اعتاد الناس عليها قبل العزلة؟ بعدما تعود الحياة إلى ما كانت عليه قبل «كورونا»، هل سيعود الناس إلى ما كانوا عليه قبلها، أم سيعودون بكثير من التغيير؟

• الإنسان كائن متعايش مع الواقع، وقادر على التكييف مع متطلبات الحياة في سبيل السلامة والرخاء، وربما تكون الأزمة سبيلا لهذا الكائن ليكتشف الأسلوب الأنسب له، ويدرك المهم والثانوي بالنسبة لحياته وواقعه.

• الحياة دروس وعبر بكل حالات الإيجابية والسلبية، وهذه الأزمة من أعظم وأقسى الدروس على الإنسان.