مستشار مالي: سعر الصرف الثابت الأفضل للدول المعتمدة على النفط كمورد رئيس لاقتصادها

الخميس - 21 مايو 2020

Thu - 21 May 2020








جانب من اللقاء         (مكة)
جانب من اللقاء (مكة)
أكد مستشار مالي أن سعر الصرف الثابت لا يزال هو الأفضل بالنسبة للدول التي يهيمن على اقتصادها النفط كمورد رئيس مثل المملكة، لافتا إلى أن تذبذب العملة ارتفاعا وانخفاضا نتيجة تعويمها من الأمور الطاردة للاستثمارات، مشيرا إلى أن الربط بعملة واحدة أو عدة عملات أمر يتعلق بالسياسة النقدية ودراسة المخاطر.

وأوضح المستشار السابق بصندوق النقد الدولي الدكتور رجا المرزوقي في لقاء استضافته غرفة الشرقية، أن ربط العملات لأغلب الدول بالدولار بدأ منذ اتفاق دول رئيسة في العالم عام 1942 على إنشاء البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومحاولة إنشاء منظمة التجارة العالمية التي لم تنجح حينها، فكان الدولار يقيم بالذهب، حيث الأوقية بـ35 دولارا، نظرا إلى أن الولايات المتحدة كانت تستحوذ على ربع اقتصاد العالم تقريبا، وبدأ سريان الاتفاق منذ 1946، ليؤكد أهمية الدولار كعملة عالمية، إلا أن التحول كان عندما وقعت حرب فيتنام في الستينات، واضطرت الولايات المتحدة إلى صرف مبالغ إضافية وطبع مبالغ كبيرة بدون وجود ما يقابلها من الذهب، وهو ما أدى إلى اهتزاز ثقة الكثير من قدرة أمريكا على الالتزام بما تم الاتفاق عليه، ليصير الأمر إلى استخدام عملات أخرى.

وأشار إلى أن ذلك أدى إلى ظهور تصنيفات أخرى إلى جانب السعر المربوط بالدولار، منها تصنيف الاتحاد النقدي الدولي المعتمد على الدولار وعملات رئيسة أخرى، بالإضافة إلى مجلس العملة الدولي، وقد تطورت هذه التصنيفات لاحقا إلى الربط الثابت والربط المتغير أو الزاحف والربط المرن، إلى جانب تعويم العملة.

60 % من الدول

وأفاد بأن 60% من الدول تطبق نظام الصرف المرن الذي يتيح لها بعض الحرية في السياسة النقدية بحيث لا تكون مرتبطة تماما بعملة معينة تسيطر على عملتها، إلا أن لذلك تكاليفه حيث يوحي للمستثمرين بعدم الاستقرار، ما يحول الاستثمارات في الغالب إلى استثمارات قصيرة الأمد، فيما تتمثل أغلب سياسات جذب الاستثمارات في طويلة الأمد التي يمكن أن تضيف قيم مهمة للاقتصاد، مبينا أن البنك المركزي حتى في البلدان التي تعتمد نظام تعويم العملة يعمد بالتدخل جزئيا، للحفاظ على العملة الوطنية.

قناتان مؤثرتان

وحول السياسة النقدية وعلاقتها بالسياسة المالية أشار إلى وجود قناتين تؤثران على السياسة النقدية وسعر الصرف أولها قناة الإنفاق والثانية حركة الأموال الاستثمارية، فبالنسبة للإنفاق فإن زيادة إنفاق الحكومة أكبر من قدرة الاقتصاد الاستيعابية، لأن ذلك ينعكس حتما على المستوى العام للأسعار ومعدل الأجور، ويرتفع ناتج السلع والمنتجات التي ليست لها صفة الديمومة مثل العقار والمقاولات والخدمات، مما يؤدي إلى ارتفاع كبير في مستوى مؤشر الأسعار، ويصير هناك توجه استثماري إلى هذه القطاعات على حساب قطاعات إنتاجية مثل الصناعة.

وفي المقابل عندما يكون هناك شح في الإنفاق سيؤدي ذلك إلى انكماش في الاقتصاد وعندما يحدث ذلك، فإن هناك صعوبة في إعادة الحالة السابقة.

الثلاثي المستحيل

وأبان المرزوقي بأن النفط عندما يكون السلعة المتحكمة في الاقتصاد كما هو الحال في أغلب الدول النفطية فإن سعر الصرف يكون غالبا ثابتا، لأن أي تغير في أسعار النفط إذا كان سعر الصرف غير ثابت يؤثر على الوضع المالي وميزان المدفوعات، لافتا إلى وجود ما أسماه الثلاثي المستحيل الذي لا يمكن أن يجتمع في سياسة مالية، وهو أولا حرية رأس المال، وثانيا الاستقلال النقدي، وثالثا سعر الصرف الثابت، حيث لابد من التخلي عن إحداها على الأقل .

الحد من التذبذب

وذكر أن السعر الثابت مع عملة رئيسة مثل الدولار يضعف الاستقلالية النقدية، ولكنه يحقق عددا من الفوائد أهمها التحكم بالموارد وتحقيق الاستقرار في التجارة والاستثمار والتحكم بالتضخم، بالإضافة إلى الحد من تذبذب العملة كمؤشر يؤثر على جذ الاستثمارات .

إلا أن أهم سلبيات السعر الثابت تتمثل في أن انخفاض أسعار النفط قد تؤدي إلى عجز في ميزان المدفوعات، إلا أن لدى الدول النفطية عادة احتياطات ضخمة راكمتها على مدى سنوات لهذه الظروف.

خطر المضاربة بالعملة

وأوضح أن حركة التذبذب للعملة تعد من التكاليف التي يتحملها المستثمرون في الاقتصادات التي تعتمد تعويم العملة أو تستخدم سلة عملات، كما أن المضاربة على العملة تعد من المخاطر الحقيقية التي تواجه الاقتصاد، إلا أن ما يعد ميزة في نظام التعويم للعملة هو ما يتعلق بالاستقلالية النقدية، إلا أن هذه الاستقلالية لا تعد كاملة، نظرا للتأثر بوضع الاقتصاد العالمي، مشيرا إلى أن زيادة التضخم هي من الأمور الملموسة للدول المتبعة لهذه السياسة عند الأحداث الاقتصادية، كما هو الحال بما يحدث في الوقت الراهن من تفشي كورونا .

الظروف الاقتصادية

وحول سعر الصرف الأمثل أشار المرزوقي إلى أنه لا يوجد سعر صرف يمكن أن يقال عنه أمثل، فالقول بإن تعويم العملة يساعد على جذب الاستثمارات وزيادة التجارة والاستثمار غير دقيق لأن هناك عوامل أخرى تؤثر في ذلك، وليس هو الثابت الذي يقيد السياسة النقدية، وهنا يمكن القول إن سعر الصرف الأفضل هو الذي يعتمد على نوع المنتج الرئيس وعلى مراعاة الظروف الاقتصادية، حيث إن وجود قطاع خاص يعتمد على عمالة أجنبية ومواد خام يأتي أغلبها من الخارج، فإنه في حال التحول من سعر ثابت إلى مرن فإن ذلك يؤدي إلى ارتفاع في الأجور وقيمة المواد الخام والمدخلات الصناعية، مما يحد من التنافسية وينعكس على التكلفة الحقيقية للسلع.