لماذا اكتشاف لقاح للأمراض الفيروسية أصعب من البكتيرية؟

الخميس - 21 مايو 2020

Thu - 21 May 2020








محمد السقاف
محمد السقاف
‏يعد إنتاج العلاجات واللقاحات للأمراض الفيروسية في غاية الصعوبة، مما يجعلها أكثر خطرا من حيث تهديدها لحياة الشعوب واقتصاد الدول، بخلاف أمراض البكتيريا، وذلك بحسب ما ذكره أستاذ علم البكتيريا الطبي المشارك بجامعة شقراء الدكتور محمد السقاف لـ«مكة» .

وفيما يخص إمكانية توصل العلماء والباحثين حاليا بكل جهدهم في كل أنحاء العالم لإيجاد علاج ولقاح لفيروس كورونا المستجد الذي تحول لجائحة تسببت بخسائر هائلة على الصعيدين البشري والاقتصادي، أوضح السقاف أن ‏ذلك ممكن، لأن العالم أصبح مختبرا كبيرا، والعلماء وجامعاتهم في سباق علمي للتوصل إلى لقاح آمن لفيروس كورونا، وبمساندة الحكومات وهيئات الدواء والغذاء، وأيضا شركات الأدوية، هناك حاليا 100 مقترح للقاح حول العالم تم إعطاء الكثير منها الضوء الأخضر بالبدء، هذا السباق أمام تحدي الوقت وجودة التطعيم وسلامته من الآثار الجانبية.

وأضاف السقاف أن مراحل إنتاج لقاح ما تمر بمراحل عدة أولها التجارب المعملية، ثم التجربة على حيوانات التجارب ثم إلى المرحلة الأهم بالتجارب السريرية على مجموعة من المتطوعين وتقسم هذه المرحلة لمراحل ومجموعات كبيرة من البشر لضمان نجاح اللقاح.

وأشار إلى أننا في عصر التكنولوجيا المختبرية، وأهمها تطور علم الوراثة الجزيئية وتقنية دراسة كامل الخريطة الوراثية للفيروسات، كما فعلت الصين عندما أرسلت مع بداية تفشي المرض كامل التسلسل الوراثي لفيروس كورونا، الأمر الذي أشعل التنافس العلمي لدراسة الفيروس واكتشاف علاج أو لقاح له.

وتابع : نحن متفائلون بأن نجني ثمار هذا التنافس ونتأمل من تصريح «شركة موديرنا» الذي مفاده أن اللقاح تحت التجربة على البشر آمن ومبشر بالخير، وأن المتطوعين الثمانية الأوائل أظهروا مستوى عاليا من المناعة وتمكنت أجسامهم من إنتاج الأجسام المضادة المشابهة للأشخاص المتعافين، وأن التجربة تمر بتسارع رائع حتى اللحظة.

وبنظرة تاريخية لأشهر الأمراض الفيروسية التي توصل العلماء للقاحات لها، قال السقاف إن مصطلح اللقاح مشتق من Variolaevaccinae (جدري البقر)، حيث استخدمه العالم إدوارد جينر -مكتشف اللقاح- عام 1798م، ومن بعدها تطور هذا العلم وتحسنت الصحة العامة للبشرية التي قضت معها اللقاحات على أشرس الأوبئة في تلك الأزمنة.

وأوضح أن فيروس مرض الجدري يظل من أشهر وأقدم الفيروسات التي وجد لها لقاح، ومر لقاحه بمراحل مختلفة من التطوير والتحسين، إضافة إلى فيروس الحصبة الذي تم تصنيعه منذ زمن وأثبت فعاليته وما زال تطويره مستمرا حتى عام 2015، لافتا إلى أن عمليات إنتاج اللقاحات تمر بسنوات طويلة، لأن خفاياها كثيرة تتطلب متابعات لقراءات وعلامات صحية دقيقة لنستطيع أن نقول إن اللقاح وصل للكمال.

أسباب صعوبة تطوير لقاحات للأمراض الفيروسية بحسب السقاف:

1 الفيروسات تحمل الحمض النووي الديوكسي DNA أو الريبي RNA حيث يعد التركيب الوراثي للبكتيريا أكثر ثباتا من التركيب الوراثي للفيروسات خصوصا فيروسات RNA نظرا لأنها ما زالت غير مكتملة وبها قاعدة نيتروجينية قابلة للتحويل وهي اليوراسيل، لذا تبقى مراوغة ومتحورة ويصعب على ذاكرة النظام المناعي في الجسم المتمثل في الأجسام المضادة تذكرها

2 معظم الفيروسات يحتوي على غلاف بروتيني خارجي يحميها من الجهاز المناعي ويكون مسؤولا عن مقاومة الفيروس للأجسام المناعية للعائل الذي تصيبه، وهذا الغلاف البروتيني يمكن أن يحدث له تغيرا في التركيب الخاص به من خلال حدوث الطفرات بعكس أغلب البكتيريات المسببة للأمراض، حيث تحتوي على كبسولة أو غلاف خارجي، وبعضها لا يحتوي على الكبسولة، وتركيبها الكيميائي في الغالب يكون ثابتا.

3 تطوير اللقاح الخاص بالفيروسات يحتاج إلى وقت طويل نسبيا عند مقارنته بالوقت الذي يحتاجه اللقاح البكتيري، وهذا بسبب أن اللقاح في الفيروسات يمر بمراحل عديدة، أهمها فهم خصائص الفيروس وسلوكه في المضيف، وهذا صعب جدا في الفيروسات، لأنها متغيرة بشكل مستمر سواء في الغطاء البروتيني أو حتى الحمض النووي RNA عكس البكتيريا

4 أكثر اللقاحات البكتيرية تكون موجهة ضد السموم التي تفرزها، وليس البكتيريا نفسها وتسمى هذه اللقاحات التوكسيدات التي تبطل عمل السم البكتيري المعروف تركيبه الثابت

5 الفيروسات وخاصة التاجية لها قدرة عالية على التحور، ويختلف هذا التحور في الفيروس الواحد من مكان لآخر حتى داخل البلد الواحد، فمثلا في الصين تم اكتشاف سلالتين من الفيروس، إحداهما أكثر شراسة من الأخرى

6 في الفيروسات يصعب دائما إيجاد نموذج حيواني جيد لاختبار اللقاح الفيروسي عليه

7 بعض اللقاحات الفيروسية تسبب حدوث تغيرات في جسم العائل تجعل الجسم أكثر عرضة للأمراض الشديدة بعد التطعيم بعكس اللقاحات البكتيرية.

فعلى سبيل المثال اللقاح الذي تم إنتاجه لفيروس وباء إنفلونزا الخنازير في 2009 والمعروف باسم pandemrix تم سحبه من السوق بعد اكتشاف آثاره السلبية