«قياس» والقبول بالجامعات.. أحشفًا وسوء كَيلة!

الاثنين - 18 مايو 2020

Mon - 18 May 2020

حرب طاحنة دارت رحاها مطلع الأسبوع الماضي على شاشة قناة الإخبارية عبر برنامج «الراصد» الذي يقدمه الزميل عبدالله الغنمي، بين مسؤول سابق بهيئة تطوير التعليم وآخر حالي بالمركز الوطني «قياس»، حول جدوى وضرورة عقد اختبار «التحصيلي» لهذا العام عن بعد، تماشيا مع الخطوات الاحترازية للحد من انتشار فيروس كورونا.

للوهلة الأولى تشعر وأنت تستمع للجدل الدائر بين الضيفين أن الحرب التي نشبت في أكتوبر الماضي بين وزارة التعليم وهيئة تقويم التعليم حول نتائج الاختبارات الدولية، وتدني مستوى طلاب الصفوف الابتدائية والمتوسطة في مادتي الرياضيات والعلوم؛ ما زالت قائمة، وأن كل جهة تريد أن تنتصر على الأخرى وبالضربة القاضية، دون أي اعتبار للطرف المتنازع عليه وهو (الطالب) المتضرر الأكبر من كل هذا.

فالعضو السابق بهيئة تقويم التعليم - الذي يبدو أنه انقلب عليها بعد أن غادر أسوارها، أكد أن الجامعات السعودية هي الوحيدة في العالم التي تشترط اختبارين للقبول مع نتيجة الثانوية العامة، وأن الإصرار على إجراء اختبار هذا العام، وفي هذه الظروف الاستثنائية، ووفق الاشتراطات الجديدة غير المحكمة، يعد عبثا.

هذا غير تشكيكه في الإجراءات الاحترازية التي سيعتمدها مركز قياس لإجراء الاختبار بمقرات وزارة الصحة لمن لا يملك من الطلاب حاسب آلي، ومدى نجاعة تلك الإجراءات في تحقيق التباعد المطلوب، خاصة أنه سيتعامل مع شريحة عمرية صغيرة في السن، قد لا تكون مدركة لخطر عدم التباعد، الذي تحذر منه وزارة الصحة ليل نهار على لسان متحدثها الرسمي.

ليأتي رد المدير التنفيذي للمركز الوطني «قياس» صادما، عندما اعتبر قرار وزارة التعليم بإلغاء الاختبارات النهائية خاطئا، وأنه كان من المفترض إجراء الاختبارات بأي طريقة كانت، لأن وزارة التعليم بهذا الإلغاء أفقدت الجامعات أي معيار يمكن الاعتماد عليه لقبول الطلاب لديها، خاصة في التخصصات العلمية كالطب والهندسة والحاسب الآلي.

وعلى الرغم من عدم وضوح صوت مدير المركز الوطني أو صورته في كثير من الأحيان أثناء الحوار بسبب ضعف شبكة الانترنت في منزله، إلا أنه دافع بشراسة عن النظام المزمع تطبيقه هذا العام، وأنه معتمد من جهة متخصصة لها خبرة طويلة في إجراء هذا النوع من الاختبارات.

شخصيا، لا أعتقد أن القرار الذي اتخذه وزير التعليم كان خاطئا، بل الخطأ لو اتخذ أي قرار غيره، حيث فوجئ بظرف استثنائي يطلب منه تعليم نحو 6 ملايين طالب وطالبة في جميع المراحل الدراسية عن بعد. في تجربة لم تستعد لها الوزارة بفرقها الإدارية والتربوية والأكاديمية، ولا الأهالي أو الجهات المساندة الوسيطة بين الطرفين، وإن ادعوا جميعا خلاف ذلك.

وكولي أمر حضر مع أبنائه (ولد وبنت في المرحلة الثانوية) جميع الدروس التي قدمها المعلمون على منصتي «كلاسيرا» و«بلاك بورد» المعتمدتين في المدارس الخاصة، أستطيع أن أجزم أن التعليم عن بعد يفتقر لمقومات عديدة، أهمها المقوم الأخلاقي (الرقابة الذاتية وعدم الغش)، واحترام الطالب للعملية التعليمية، وإيمانه بنفسه وبقدراته. وأن ما تلقاه الطلاب من تحصيل علمي بعد كورونا لا يقارن بما نالوه قبلها. وأن إيصال المعلومات للطلاب عبر المنصات الالكترونية يكون سلسا في المواد النظرية، عسيرا في العلمية، وبالتالي نحتاج معلما بقدرات ابتكارية استثنائية كي يستطيع تجاوز البعد الافتراضي لإيصال أفكاره للطلاب بيسر وسهولة.

أما الحديث عن التعليم الحكومي فحدث ولا حرج، حيث أخبرني معلمون بمدارس حكومية أنهم قضوا أيامهم على أسرتهم نائمين ملء جفونهم، فيما طلابهم مرهونون للدروس المعلبة الجاهزة التي تقدمها قنوات «عين» التلفزيونية أو منصتها الالكترونية، دون مقدرة على الاستفسار أو طلب الحصول على توضيح أكثر وبأسلوب آخر.

ليبقى السؤال: لماذا يتم تحميل الطلاب مسؤولية كل ما حصل لهم من عدم استكمال المناهج الدراسية أو تحصيلها بطريقة سوية، ثم يأتي من يطالب بتطبيق المعايير القياسية للقبول بالجامعات على طلاب لم يكن موسمهم الأخير قياسيا؟ لماذا لا توكل للجامعات مسؤولية تقييم قدرات الطلاب التحصيلية خلال السنة التحضيرية، واستثناء قبولهم هذا العام بمعياري نتيجة الثانوية العامة واختبار القدرات؟

الأكيد أن مسؤولي الوزارة وعلى رأسهم الوزير حمد آل الشيخ لن تغيب عنهم الظروف التي مرت بالطلاب، وسيكون قرارهم الأخير منصفا لهم وللعملية التعليمية.. فهل سنسمع منهم أي جديد في الأيام المقبلة؟

Alnowaisir@