علي المطوع

الصحة بعد كورونا

الاحد - 17 مايو 2020

Sun - 17 May 2020

وزارة الصحة توجتها منجزاتها الأخيرة لتصبح الرقم الأول والأصعب خلال أسوأ أزمة صحية تعرض لها أخيرا إنسان هذه الأرض الخيرة المباركة، فالصحة بعد هذا الظرف لم تعد تاجا على رؤوس الأصحاء فحسب، بل صيرتها كورونا وظروفها لتصبح تاجا على رؤوس الجميع، المريض والصحيح.

وزارة الصحة كانت في مراحل سابقة تعد الاسم الأول والأكبر في هامش حراكنا الإعلامي والإعلاني على حد سواء، فأخبارها وأخطاؤها كانت تصنف على أنها السبق الذي ينبغي أن تفرد له العناوين المجلجلة والأخبار السريعة والكتابات البراقة، التي تجذب الناس وتشعل منصات التواصل ومحطات التلفزيون لتصنع منها أخبار وتحقيقات ومطالبات تثري المشهد الدعائي للإعلام وأعلامه ودهمائه.

اليوم الوزارة في وضع مختلف متناسق متسق، أخرج لنا منظومة تتعاطى العلاج في المشافي وتدفع برسائل الطمأنينة للمواطن والمقيم عبر المنصات والمنابر، يصاحب ذلك كل الأدوار الضرورية، بدءا بالوقاية مرورا بالتطبيب وأخيرا توفير العلاج.

ولأن الجميع يتفق أن ما قبل كورونا شيء وما بعدها شيء، فحري بوزارتنا كونها الوزارة التي تساير الإنسان وترعاه منذ بواكير حضوره إلى هذه الدنيا وصولا إلى النهاية المعروفة، أن يكون لها تصور عام وخطة محكمة لإعادة ترتيب مشهدها العلاجي بكل مكوناته الفنية والإدارية، لتصنع لنفسها فارقا يخولها البقاء فاعلة في قادم الأيام، وهذا مقام يجعلني أقترح على مقام الوزارة بعض المقترحات من واقع معاش واستشراف وأمنيات بغد أفضل ومستقبل أكثر إشراقا.

1 تخصيص الرعاية الصحية الأولية كون مرافقها الإنشائية شبه مكتملة، وهياكلها التنظيمية وقواها العاملة من جميع التخصصات يمكن توفيرها أو إيجادها بالشراكة مع القطاع الخاص، وبهذا تكون الوزارة قد انعتقت من عبء تنظيمي وإداري كبير، كان يستهلك كثيرا من المال والجهد والوقت، وهذا ما سيوفره القطاع الخاص عبر آليات نظامية محكمة تراعي مصلحة المريض ومتطلبات هذا النوع من الخدمة الصحية السهلة نوعا ما قياسا بالخدمات الصحية الأخرى.

2 محاولة تفعيل حالة من الانسجام المهني التكاملي بين فئات العمل الصحي في المستشفيات، وهذا الانسجام يكون من خلال زيادة الوعي الجمعي، ومحاولة خلق قنوات تواصل إنسانية واجتماعية تسمح بإزالة الفوارق النفسية بين الممارسين الصحيين، كون الصف الأول يتمتع بتأهيل عال وثقافة أعلى فيما هناك عدد لا يستهان به من أصحاب المؤهلات الأقل، والذين يحتاجون إلى زمن أكبر وخبرات أكثر للوصول إلى ذلك الانسجام المأمول الذي يضمن سلاسة العمليات الصحية وزيادة فاعليتها.

3 هناك تخمة في المسميات الوظيفية الإدارية، التي قد يمكن الاستغناء عنها لصالح التوجه الصحي الصحيح، والسبب في هذه التخمة، يعود إلى برامج التشغيل الذاتي في المناطق الصحية التي كان لديها سابقا كثير من المرونة والصلاحية في استقطاب كثيرين، مؤهلاتهم لا تتماهى وتنسجم مع العمل الصحي، وهذا يتطلب إعادة النظر في هذه المسميات الوظيفية والنظر في الوصف الوظيفي لهذه المهن ومدى ملاءمتها ونفعها لبيئات العمل الصحي.

4 إعادة النظر في طفرات المسميات الوظيفية وما صاحبها من توظيف، والتي ذُكرت في الفقرة السابقة، يوازيها تسريع عمليات الأتمتة لبعض الأقسام مثل المختبرات، وذلك من أجل ضمان الوصول إلى نتائج مرضية وفرص كبيرة لتحقيق أقصى درجات الجودة ومستوياتها المثلى التي ستنعكس إيجابا على المريض والمنظومة الصحية وعامليها.

5 تفعيل وتطوير مؤشرات أداء أكثر فاعلية لتقيس إنتاجية الأقسام القانونية وأقسام المتابعة، وتفعيل اللوائح التأديبية والإجرائية لضمان حقوق المؤسسات الصحية والمرضى والعاملين عليها، وذلك من أجل تخفيف حالات التقاضي التي تشاهد وبكثرة في المحاكم الإدارية، والتي تخص في الأغلب قضايا مالية أو اعتراضات على قرارات إدارية غير عادلة.

6 إعادة النظر في إدارات الطب الشرعي ومراكز السموم الجنائية، حيث أنها تشكل عبئا على وزارة الصحة، فخدماتها موجهة لقطاعات أخرى وهذا يقتضي دراسة جدوى إبقائها داخل منظومة الوزارة والمصلحة المثلى المنتظرة لو قدر لها الانتقال إلى جهات أخرى، تكون أكثر علاقة وملائمة لطبيعة ما تقدمه هذا المراكز من خدمات.

هذه نظرة تفاؤلية لواقع نرجوه وننتظره، فوزارة الصحة بعد كورونا حتما ستعيد تموضعها، لتتماهى وتنسجم خدماتها مع متطلبات المرحلة المقبلة وما تقتضيه من مطالب شعبية ومتطلبات عمل احترافية، تراعي الصحة وزارة وإنسانا وتاجا ينبغي أن يظل على الرؤوس دائما وأبدا.

alaseery2@