عبدالله الأعرج

كورونا.. معركة وعي يا سادة!

الاحد - 17 مايو 2020

Sun - 17 May 2020

يبدو فعلا أنه لا يفل الحديد إلا الحديد! فبعد خمسة أشهر نحسات لعام 2020 تبادل العالم فيها مع كوفيد19 اتفاقيات سلمية أعقبتها حروب طاحنة معه، وصولا إلى بداية مؤشرات تعايش بين الإنسان والفيروس، في ظل اتجاه عدد من دول العالم إلى التدرع بالوقاية وتقهقر الثاني أمام بروتوكولاتها!

ويبدو أيضا أن العالم اليوم بات ينظر إلى أن محاربة المجهول بتكاليف مهولة هو أيضا ضرب من الحسابات غير الدقيقة وربما المجنونة، فمن غير المقبول أن تمتد هذه الجائحة لتكون صفعة اقتصادية واجتماعية وعلمية وعملية، إضافة إلى طبيعتها الأساسية كجائحة صحية مبهمة!

اليوم بدأت البوصلة العالمية تشير إلى المراهنة على الوعي التام من الأفراد والمنظمات، وعملت في سبيل تحقيق هذا الهدف على ضخ مستويات متقدمة جدا من الإعلام والإعلان الصحي التوعوي، واستهدفت كل الفئات العمرية بكل اللغات، لتؤكد للجميع كيف أنه من الممكن التعايش مع الجائحة حينما تتخذ أقصى درجات الحيطة والحذر.

القارة العجوز (الأوروبية) بدأت تخفيض حدة القيود ورفع وتيرة التوعية، وكذلك الصين والولايات المتحدة وبعض دول الشرق الأوسط، وهي إجراءات تحمل في جزء كبير منها إشارة تطمينية بأن هذا العدو يمكن التعايش معه إذا كانت هنالك إرادة تامة من المعتدى عليه بالتحصن الجيد والاحتراز الآمن، لحين وجود سلاح علاجي يعيد توازنات المعركة بين الطرفين!

ولأن الوعي يأتي من مكان مقدس داخل أقبية الدماغ البشري فتستيقنه النفوس وتطيب به، فإنني لا أجد أي تفسير لازدياد بعض حالات الإصابات بكوفيد 19 بين بعض الأطفال الصغار سوى غياب الوعي أو تغييبه مقابل الهوى من بعض البالغين، لتكون المحصلة نتيجة قاسية أحيانا لطفل لم يصل مرحلة فهم القرار عوضا عن صنعه، وحين يحدث الفقد يكون الذهول والوجوم ومعاودة الحسابات والندم المتأخر أسياد المشهد ومهندسي الحدث!

ولأن الوعي كذلك مهم فإنني أيضا لا أجد مبررا لكبير في السن بمدح له أن السنين قد صقلته والأيام علمته، ورغم ذلك تراه يزدري عمليات الوقاية والاحتراز ويلبس التوكل منفردا دون احتياطات مفاتح الأمر، بل ويشرعن لنفسه الحديث عن أن ما يراه ويسمعه لا يعدو مبالغات من متشائمين أو ادعاءات من مرجفين!

ولن أنسى معاشر النساء كذلك، فمن غير المقبول هذا الهجوم العنيف من بعضهن على مراكز التسوق وكأن الجائحة ضيف تناول وجبة ثم غادر! ومن المؤسف رؤية بعضهن يصطحبن صغارهن إلى المتاجر ويلتقين بجيرانهن وصديقاتهن في المنازل المتجاورة!

الحرب سيداتي سادتي ضد كوفيد 19ستنتهي بأقل التكاليف حينما يتقد الوعي! والمعركة ستحسم قبل وصول العلاج إذا نشط الذهن! المعركة بالدرجة الأولى معركة وعي وسمع وطاعة للعلم والقائمين عليه! المعركة أنظمة وتشريعات وجهود لا بد أن تحترم! وحين يكون الوعي في أوجه والهوى في أدنى مستوياته سيكون العلم في كامل جاهزيته للإجهاز بحول الله تعالى على ما تبقى من من فلوله، فهل أنتم منتهون؟

dralaaraj@