وهم القوة لدى الملالي
السبت - 16 مايو 2020
Sat - 16 May 2020
يدرك المتخصصون والباحثون أن معظم ما يصفه الحرس الثوري الإيراني بالإنجازات العسكرية، والادعاء بأن هناك تقدما تقنيا يحدث في هذا المجال ليس سوى نوع من الدعاية الزائفة، التي تستهدف رفع المعنويات والسعي لممارسة الحرب النفسية ضد من يعتبرهم نظام الملالي الإيراني أعداءه وخصومه، وفي هذا الإطار لا يبدو مفاجئا ما حدث مؤخرا من استهداف إحدى الفرقاطات بنيران صديقة خلال تدريب بحري ومقتل نحو 19 عنصرا وإصابة 15 آخرين.
لم يستطع الملالي إخفاء الحادث لضخامته وخسائره الكبيرة، ولكنهم مارسوا عادتهم في إلقاء اللوم على الولايات المتحدة بدعوى أنها تشن حربا الكترونية تسبب تشويشا لدى الجانب الإيراني! وهي دعاوى بلهاء لأن أي جيش في العالم حاليا لم يعد يعمل في بيئة آمنة تماما، وأن اختراق أنظمة الحاسوب لم يعد مهمة يضعها الخصوم والأعداء والمنافسون على قائمة أولوياتهم فحسب، بل هناك أيضا عناصر مدربة محترفة تعمل لمصالح جماعات وشركات ودول، وتجري محاولات مستمرة لاختراق الأنظمة والحصول على المعلومات والبيانات وتعطيل أنظمة التشغيل وغير ذلك، وإيران نفسها لديها جيش سيبراني محترف يحاول ممارسة القرصنة واختراق أنظمة معلومات الدول والجيوش على مدار الساعة، وبالتالي يبدو من السذاجة تفسير كارثة عسكرية كهذه في إطار التشويش على أنظمة التشغيل وغير ذلك.
المؤكد - معلوماتيا - أن البارجة الإيرانية أصيبت بالخطأ بصاروخ أطلقته مدمرة إيرانية أيضا تشارك في التدريبات البحرية، وأن الحادث وقع بسبب «خطأ تقني في الصاروخ الموجه الذي تم إطلاقه»، كما قال بيان رسمي صادر عن الجيش الإيراني.
فنيا، من الممكن أن يكون هناك تدخل خارجي قام بالتأثير على نظام التحكم والسيطرة في الصاروخ الذي تم إطلاقه وتغيير توجيهه كي يصيب البارجة الإيرانية، ولكن هذا الأمر يعني سهولة اختراق نظام التحكم والسيطرة الذي عادة ما يكون صعب الاختراق، ويمتلك قدرة على التشويش في مثل هذه الحالات، ولكن ضعف التكنولوجيا العسكرية الإيرانية وتقادمها والشعور بوهم التقدم توفر الفرصة لوقوع مثل هذه الكوارث العسكرية.
لا شك أن ما حدث يمثل فضيحة بكل المقاييس للصناعات العسكرية الإيرانية، حيث من الواضح أنها تعاني أحد أمرين، أولهما سهولة احتراق أنظمة التحكم والرقابة والسيطرة والتوجيه، بكل ما يعنيه ذلك من سلبيات بالنسبة لأجواء الحروب السيبرانية التي يعيشها العالم في الوقت الراهن، أو أنها تعاني اختلالات تقنية في أنظمة الرقابة والتوجيه بما يسمح بوقوع أخطاء في توجيه الأهداف، وهذا هو الاحتمال الأقل، وبالتالي فإننا أمام منظومة متهالكة تخصم من رصيد أي جيش ولا تضيف إليه على مستوى الردع والحماية الذاتية، ناهيك عن الهجوم وشن الحروب الاستباقية!
قناعتي أن كلا الجانبين، الولايات المتحدة ونظام الملالي، لا يرغبان حاليا في الكشف عن السبب الحقيقي لتدمير البارجة الإيرانية، فالملالي لا يريدون الظهور بمظهر الضعيف الذي تلقى صفعة عسكرية كهذه، كما لا يريدون أن يمنحوا الرئيس ترمب انتصارا سياسيا يساعده في تعزيز شعبيته المتراجعة بسبب سوء إدارة أزمة تفشي فيروس «كورونا» داخل الولايات المتحدة، كما أنهم يدركون أن الرئيس ترمب ربما يترقب أي خطأ إيراني لرفع مستوى الصراع والتوتر العسكري وتحقيق نصر سريع يدعم فرص فوزه في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وإدارة الرئيس ترمب على الجانب الآخر، تنتهج مع الملالي سياسة توجيه الرسائل من دون إعلان، وتحقق أهدافها من دون ضجيج، وبالتالي لا ينتظر منها أي إعلان أو حتى تلميح لدور أمريكي في تفجير البارجة الإيرانية، خاصة أنها كانت في مهمة تدريبية وأن الأمر لا يعدو كونه رسالة مباشرة للمرشد الأعلى بأن يد الولايات المتحدة قادرة على النيل من القوات الإيرانية في أي مكان.
يدرك الملالي والرئيس ترمب وحدهما حقيقة ما حدث للبارجة الإيرانية في مياه خليج عمان أخيرا، ويتوقع أن تشهد فترة الأشهر القليلة المقبلة حتى انتخابات نوفمبر مزيدا من الاختبارات على النسق نفسه، لأنه كلا الطرفين لا يريد خوض مواجهة عسكرية مباشرة ويخشى عواقبها، ويكتفي بلغة الرسائل المبطنة والعمل ضمن حدود التصعيد المحسوب للتوتر.
salemalketbiar@
لم يستطع الملالي إخفاء الحادث لضخامته وخسائره الكبيرة، ولكنهم مارسوا عادتهم في إلقاء اللوم على الولايات المتحدة بدعوى أنها تشن حربا الكترونية تسبب تشويشا لدى الجانب الإيراني! وهي دعاوى بلهاء لأن أي جيش في العالم حاليا لم يعد يعمل في بيئة آمنة تماما، وأن اختراق أنظمة الحاسوب لم يعد مهمة يضعها الخصوم والأعداء والمنافسون على قائمة أولوياتهم فحسب، بل هناك أيضا عناصر مدربة محترفة تعمل لمصالح جماعات وشركات ودول، وتجري محاولات مستمرة لاختراق الأنظمة والحصول على المعلومات والبيانات وتعطيل أنظمة التشغيل وغير ذلك، وإيران نفسها لديها جيش سيبراني محترف يحاول ممارسة القرصنة واختراق أنظمة معلومات الدول والجيوش على مدار الساعة، وبالتالي يبدو من السذاجة تفسير كارثة عسكرية كهذه في إطار التشويش على أنظمة التشغيل وغير ذلك.
المؤكد - معلوماتيا - أن البارجة الإيرانية أصيبت بالخطأ بصاروخ أطلقته مدمرة إيرانية أيضا تشارك في التدريبات البحرية، وأن الحادث وقع بسبب «خطأ تقني في الصاروخ الموجه الذي تم إطلاقه»، كما قال بيان رسمي صادر عن الجيش الإيراني.
فنيا، من الممكن أن يكون هناك تدخل خارجي قام بالتأثير على نظام التحكم والسيطرة في الصاروخ الذي تم إطلاقه وتغيير توجيهه كي يصيب البارجة الإيرانية، ولكن هذا الأمر يعني سهولة اختراق نظام التحكم والسيطرة الذي عادة ما يكون صعب الاختراق، ويمتلك قدرة على التشويش في مثل هذه الحالات، ولكن ضعف التكنولوجيا العسكرية الإيرانية وتقادمها والشعور بوهم التقدم توفر الفرصة لوقوع مثل هذه الكوارث العسكرية.
لا شك أن ما حدث يمثل فضيحة بكل المقاييس للصناعات العسكرية الإيرانية، حيث من الواضح أنها تعاني أحد أمرين، أولهما سهولة احتراق أنظمة التحكم والرقابة والسيطرة والتوجيه، بكل ما يعنيه ذلك من سلبيات بالنسبة لأجواء الحروب السيبرانية التي يعيشها العالم في الوقت الراهن، أو أنها تعاني اختلالات تقنية في أنظمة الرقابة والتوجيه بما يسمح بوقوع أخطاء في توجيه الأهداف، وهذا هو الاحتمال الأقل، وبالتالي فإننا أمام منظومة متهالكة تخصم من رصيد أي جيش ولا تضيف إليه على مستوى الردع والحماية الذاتية، ناهيك عن الهجوم وشن الحروب الاستباقية!
قناعتي أن كلا الجانبين، الولايات المتحدة ونظام الملالي، لا يرغبان حاليا في الكشف عن السبب الحقيقي لتدمير البارجة الإيرانية، فالملالي لا يريدون الظهور بمظهر الضعيف الذي تلقى صفعة عسكرية كهذه، كما لا يريدون أن يمنحوا الرئيس ترمب انتصارا سياسيا يساعده في تعزيز شعبيته المتراجعة بسبب سوء إدارة أزمة تفشي فيروس «كورونا» داخل الولايات المتحدة، كما أنهم يدركون أن الرئيس ترمب ربما يترقب أي خطأ إيراني لرفع مستوى الصراع والتوتر العسكري وتحقيق نصر سريع يدعم فرص فوزه في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وإدارة الرئيس ترمب على الجانب الآخر، تنتهج مع الملالي سياسة توجيه الرسائل من دون إعلان، وتحقق أهدافها من دون ضجيج، وبالتالي لا ينتظر منها أي إعلان أو حتى تلميح لدور أمريكي في تفجير البارجة الإيرانية، خاصة أنها كانت في مهمة تدريبية وأن الأمر لا يعدو كونه رسالة مباشرة للمرشد الأعلى بأن يد الولايات المتحدة قادرة على النيل من القوات الإيرانية في أي مكان.
يدرك الملالي والرئيس ترمب وحدهما حقيقة ما حدث للبارجة الإيرانية في مياه خليج عمان أخيرا، ويتوقع أن تشهد فترة الأشهر القليلة المقبلة حتى انتخابات نوفمبر مزيدا من الاختبارات على النسق نفسه، لأنه كلا الطرفين لا يريد خوض مواجهة عسكرية مباشرة ويخشى عواقبها، ويكتفي بلغة الرسائل المبطنة والعمل ضمن حدود التصعيد المحسوب للتوتر.
salemalketbiar@