أحمد صالح حلبي

من هو الإعلامي؟

الخميس - 07 مايو 2020

Thu - 07 May 2020

أدى تطور الاتصالات التقنية إلى بروز وسائل التواصل الاجتماعي التي أفرزت مجموعة من البرامج التي اعتبرها البعض وسائل إعلام، ووظفوها في نشر الأخبار، معتقدين أنها تدخل ضمن وسائل الإعلام المعروفة بأنها «أي وسيلة أو تقنية أو منظمة أو مؤسسة تجارية أو أخرى غير ربحية، عامة أو خاصة، رسمية أو غير رسمية، مهمتها نشر الأخبار ونقل المعلومات..»، كما وظفوا أنفسهم إعلاميين دون أن تتوفر لديهم مقومات العمل الإعلامي، ظنا منهم أن الإعلامي هو من يملك جهاز هاتف جوال، وينقل الخبر ويبثه مع مجموعة من الصور.

وقد حذر الدكتور علي منعم محمد القضاة الأستاذ المشارك في الصحافة والنشر الالكتروني بكلية الصحافة والإعلام بجامعة الزرقاء بالأردن، من هذا بقوله «شكلت شبكات التواصل الاجتماعي، وتطبيقات الاتصال المختلفة خطرا حقيقيا على الإعلام كمهنة، وعلى الإعلاميين المحترفين، وطغى الإعلام الرقمي (الالكتروني)، على حقول الإعلام المختلفة، وأصبح بمقدور أي شخص أن يظهر في وسائل التواصل الاجتماعي لينقل خبرا سريعا، أو يعلق على حادثة ما، فيسمي نفسه، أو نسميه إعلاميا، ويجد له طابورا من المؤيدين والمشجعين بل ومن المسحجين، الأمر الذي من شأنه أن يعتبر تدخلا سافرا في اختصاص الإعلاميين (الصحفيين) الذين يمارسون الإعلام كمهنة، وعمل يومي».

وما قاله الدكتور علي منعم يؤكد انتحالهم شخصيات غير شخصياتهم الحقيقية، و«الظهور أمام الغير بالمظهر الذي تم انتحال شخصيته بحيث الناظر إليه والمتعامل معه يعتقد دون شك أنه يتعامل مع من تم انتحال شخصيته»، وإن كان انتحال شخصية طبيب أو مهندس معماري يعد جريمة لأنه قد يودي بحياة عدد من الضحايا الأبرياء الذين لا ذنب لهم، فإن انتحال صفة الإعلامي يؤدي إلى تدمير فكر مجتمع بأكمله.

وقد لاحظنا ما يؤديه من يدعون أنهم إعلاميون ومشاهير من أعمال تخالف عادات المجتمع وتقاليده وتسيء للآخرين، وأثبتته الوقائع التي أكدت أنهم غير مؤهلين على مخاطبة المجتمع لا بلغة الإرشاد والتوجيه والنصح، ولا بلغة نقل الأخبار، فهدفهم منحصر في الحصول على المال مقابل بث إعلان عن منتج حتى وإن كان سيئا، وسعيهم للاستهزاء بالشخصيات العامة والخاصة، وكشف أسرار منازلهم بمقاطع من داخلها تبرز تعاملهم مع زوجاتهم أو أزواجهم وأبنائهم، بهدف كسب أكبر عدد من المتابعين.

وليس مدعو الإعلام منحصرين في مجال الأخبار، فهناك آخرون يدعو أنهم كتاب صحفيون، وهم في حقيقتهم لا يعرفون عن مضمون المقال الذي قيل إنهم كتبوه شيئا، فثمة من يكتب لهم مقابل ريالات معدودات، مثلهم مثل من يدعون تأليف الكتب والذين تحدث عنهم الدكتور مرزوق بن تنباك، عبر قناة روتانا الخليجية وكشف جزءا من أسرارهم.

أما من أنشؤوا صحفا الكترونية لا تحمل تصاريح، ونصبوا أنفسهم رؤساء ومديري تحرير وهم لا يعرفون الفرق بين المقال والخبر، وما أكثرهم، فهدفهم منحصر في الحصول على المال مقابل نشر الأخبار، والمؤسف أن بعض من يديرون هذه الصحف ليسوا سعوديين، فهناك مقيمون يتولون رئاسة تحريرها، ويأتي من بينهم من يدعي حصوله على درجة الدكتوراه ليتولى الإشراف على مجموعة من الصحف وتنظيم دورات تدريبية في العمل الصحفي!

وما نأمله من وزير الإعلام المكلف الدكتور ماجد القصبي أن يسعى لتفعيل القرار الوزاري رقم (72589) وتاريخ 10/8/1439هـ المتضمن الموافقة على تعديل اللائحة التنفيذية لنشاط النشر الالكتروني، وإصدار لائحة تحمي الإعلاميين الحقيقيين من زيف مدعي الإعلام، الذين أساؤوا للإعلام بأعمال بعيدة عن رسالته، وحماية للمجتمع منهم بعد أن جعلوا مواقعهم في السناب شات وتويتر متجرا ومركزا للاستهزاء بالآخرين.

[email protected]