عبدالعزيز الثنيان

أزمة كورونا الاقتصادية ومنع التجول

الثلاثاء - 05 مايو 2020

Tue - 05 May 2020

يخفى على كثير من الناس السبب الرئيس للوضع الاقتصادي الحالي، والحالة غير الطبيعية للحركة الاقتصادية والتجارية العالمية، ولكن غالب الناس أحس بأثر هذه المشكلة حتى لو لم يكن يعلم فعليا عنها، انتشرت في الفترة الماضية تعليقات كثيرة من أنه لو استمر الوضع الحالي لبضعة أشهر لاغتنى الناس بسبب عدم وجود مصارف لأموالهم، وهنا تكمن الفكرة.

المشكلة الاقتصادية الحالية مشكلة تدفقات نقدية، سببها أن الأموال توقفت عن المستهلكين ولم تتحرك في دائرة الاقتصاد. بعد انتشار فيروس كورونا وقف العمل في عديد من النشاطات التجارية وأغلقت المحلات، وهذا أول سبب لعدم دخول أموال المستهلكين في دائرة الاقتصاد عبر المحلات والمتاجر، خاصة السلع والبضائع والمنتجات الثانوية في هذه الحالة كالأجهزة الالكترونية والملابس.

التاجر في هذه المرحلة يفقد المصدر الوحيد للدخل، والذي اعتمد عليه في بناء التزاماته التي لم يكن ليلتزم بها لولا هذا المصدر الذي يشغل كامل النشاط، من إنشاء الكيان التجاري وإيجار المحلات وشراء البضائع وتوظيف الموظفين ودفع الرسوم الحكومية والفواتير، وما إلى ذلك من التزامات ثابتة يجب على التاجر دفعها مهما كلف الأمر.

عندما تتوقف الأموال عن التدفق للتجار وتستمر الالتزامات بالتزايد يوما بعد يوم، تبدأ حسابات التجار بالدخول في مرحلة الخسائر، وكل تجارة لها حدود ووقت تستطيع أن تتحمل فيه الوضع الحالي، وبعده يكون من الأفضل إيقاف النشاط أو الإفلاس أو التخارج منه بأي طريقة كانت.

هنا يكون الأثر الأكبر على التاجر الأخير مقابل المستهلك، ومن بعده يبدأ يرتفع الأثر على التجار الأعلى منه بالدائرة الاقتصادية، من تجار الجملة وتجار العقار ومزودي الخدمات، ومنهم إلى أعلى أيضا، إلى أن تلمس هذه المشكلة الرسوم الحكومية والضرائب التي أصبحت جزءا لا يستهان به من اقتصاد البلاد.

هذه المشكلة الاقتصادية تعد فريدة من نوعها، وطريقة حصولها ونتائجها تختلف عن أي شيء من التاريخ القريب والبعيد، لا حل واضحا وصحيحا إلى الآن، إلا أن تعود الأمور كما كانت وترجع عجلة التدفقات النقدية للعمل مرة أخرى كما كانت في السابق، وكل يوم من تأخير حصول هذا الأمر يزيد من تأخر رجوع الحياة والاقتصاد لما كانا عليه قبل هذه الجائحة.

أرجو أن تكون هذه المرة الأخيرة التي تحدث فيها مثل هذه الجائحة، لكني لا أظن ذلك، وللمرات المقبلة حمانا الله وإياكم، أرجو أن تكون كل القطاعات التي تأثرت بهذه الأزمة قد تعلمت الدرس واكتشفت الحلول المناسبة لمثل هذه الأوضاع، وكيفية تفادي مثلها ومحاولة ركوب موجة المخاطر من بدايتها، ومعرفة أهمية وفعالية دراسة المخاطر ومدى أثر وقوعها والاستعداد المبكر لها قدر الإمكان، إحداها الحلول الالكترونية والعمل عن بعد، قد تكون أفضل فرصة لمعرفة فعالية هذه الحلول ومدى إمكانية تطبيقها والحصول على أفضل النتائج منها.

الخسارة الأصعب والأكبر هي أنه بعد تجاوزنا لهذه الجائحة بإذن الله في القريب العاجل، أن تكون مرت هذه الأزمة دون أن نتعلم منها أكبر قدر من الدروس والخبرات التي تجعلنا نستطيع تجاوز مثيلاتها في المستقبل بشكل أفضل.