خامنئي يستعد لتوجيه ضربة قاضية لروحاني

تفجير قضية اختفاء المليارات الخمسة يكشف عن نوايا مبيتة للإطاحة بالرئيس الاتهامات الموجهة للحرس الثوري والقضاء وأصحاب العمائم تجاوزت الحدود واقعة الصلاة في طهران أخرجت إطار الخلاف للشعب ووسائل الإعلام تسجيل مسرب في مسجد الخميني يكشف غضب روحاني من رئيسي ضغوط داخلية لإبقاء الحكومة حتى نهاية الفترة الرئاسية العام المقبل
تفجير قضية اختفاء المليارات الخمسة يكشف عن نوايا مبيتة للإطاحة بالرئيس الاتهامات الموجهة للحرس الثوري والقضاء وأصحاب العمائم تجاوزت الحدود واقعة الصلاة في طهران أخرجت إطار الخلاف للشعب ووسائل الإعلام تسجيل مسرب في مسجد الخميني يكشف غضب روحاني من رئيسي ضغوط داخلية لإبقاء الحكومة حتى نهاية الفترة الرئاسية العام المقبل

الثلاثاء - 28 أبريل 2020

Tue - 28 Apr 2020

يتجه المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي وأعوانه في نظام الملالي إلى الإطاحة بالرئيس حسن روحاني، بعدما وصلت الخلافات وراء الكواليس إلى ذروتها، وفي ظل أزمة كورونا الشرسة، التي أرغمت الأخير على اتخاذ قرارات اقتصادية صعبة أغضبت أصحاب العمائم.

وبات واضحا أن قضية اختفاء 5 مليارات من الخزانة الإيرانية ستكون القشة التي قصمت ظهر البعير، بعدما كشر المرشح الرئاسي السابق ورجل خامنئي القوي عن أنيابه، وأكد أنه ستتم ملاحقة القضية قضائيا، مؤكدا أن تقرير هيئة الرقابة المالية حول مسح موارد الموازنة ليس محل شك وشبهة.

وفي ظل الغضب الكبير الذي ظهر على روحاني من تبعات القضية، يبدو أن الصراع وصل إلى مرحلة من الغليان ستؤدي إلى تطورات كبيرة في الفترة المقبلة، بعد أن ظل الصراع خلف الكواليس لسنوات طويلة.








علاقة قوية تربط رئيسي بخامنئي
علاقة قوية تربط رئيسي بخامنئي



خلاف عاصف

وعدت وسائل إعلام غريبة الفيديو المسرب لخروج روحاني المبكر من الصلاة دليلا على خلاف عاصف، رغم أن مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني بضربة أمريكية جوية فرض وحدة شكلية في الموقف بين تيارات النظام الإيراني ومؤسساته، إلا أن تأثير حادثة الطائرة الأوكرانية، وفقا لمحللين سياسيين، كان أكبر، وعمق من حالة الانقسام بين فريق الرئيس الإصلاحي، وفريق المرشد المحافظ، وخاصة أن التظاهرات التي عمت المدن الإيرانية، على خلفية قضية الطائرة، اتهمت المرشد والحرس الثوري بالانتقام لــ »سليماني » من الإيرانيين، خاصة أن معظم قتلى الطائرة ال 176 ، هم من الرعايا الإيرانيين.

ووقعت حادثة الطائرة في الوقت الذي كان من المفترض أن الحرس الثوري يقوم فيه بعملية انتقام لسليماني، ضد الجنود الأمريكان في العراق، لتكون النتيجة مقتل عشرات الإيرانيين، وعدم إصابة أي جندي أمريكي.

تسجيل مسرب

التفتيش في جذور الخلافات بين روحاني ورجال خامنئي يكشف عن الكثير من الأسرار المهمة، فقد أفصحت تصريحات مسربة لأحد القادة البارزين في قوات الحرس الثوري الإيراني عن تعاظم الخلاف بين المرشد الأعلى والرئيس، بل وتكهنات باحتمالية أن يقدم روحاني استقالته.

وفضح تقرير نشره موقع «إيران واير » المعارض، إلى تسجيل صوتي مسرب يتم تداوله من قبل نشطاء منصات التواصل الاجتماعي ومواقع معارضة، يعود لـ »رحيم نوعي أقدم » القائد البارز بالحرس الثوري والمسؤول عن قيادة معسكر «حضرت زينب » التابع للحرس والذي ينشط في الأراضي السورية، وأشار التقرير إلى أن «التسجيل الصوتي المنسوب للقائد الإيراني يعود لجلسة عقدت في مسجد الإمام الخميني بمدينة تبريز 30 نوفمبر 2019 خلال تصاعد أحداث الاحتجاجات التي اندلعت في مختلف المدن الإيرانية احتجاجا على غلاء أسعار البنزين ».

عملية تطهير كورونا في طهران (مكة)
عملية تطهير كورونا في طهران (مكة)



وكشف «نوعي أقدم » في التسجيل المنسوب أن «الرئيس حسن روحاني كان غاضبا للغاية من قرارات رئيس السلطة القضائية، إبراهيم رئيسي التي أسفرت عن إدانة شقيق روحاني، حسين فريدون بالسجن 5 سنوات في قضايا فساد .

معلومات حساسة

وأشار نوعي أقدم وفقا لتقرير «إيران واير » إلى حادثة اعتقال السلطات للصحفي روح الله زم، مدير موقع «آمدنيوز » الإخباري الذي عرف عنه تسريبه لمعلومات أمنية حساسة نقلا عن مسؤولين، حيث كان ذلك من بين أسباب غضب روحاني من إبراهيم رئيسي.

وقال المسؤول إن «الحرس الثوري اضطر للتدخل في قضية تسريبات روح الله زم بعدما كشفت خرق النظام، وقيام مسؤولين بارزين بتسريب معلومات حساسة تدين شخصيات كبرى واعتقل الصحفي من خارج إيران حيث كان يتنقل بين فرنسا والعراق »، ولفت «نوعي أقدم » إلى أن روحاني حاول منع السلطات في إيران من اعتقال شقيقه فريدون، لدرجة أنه هدد بإعلان الحرب وتعطيل عمل الحكومة في حال اعتقال وسجن شقيقه، مضيفا «وهنا قرر المرشد، علي خامنئي التدخل وأصدر قرارا باعتقال ومحاكمة حسين فريدون .»

أجهزة تجسس

وتمكن الحرس الثوري من شراء أجهزة تنصت واستخدمها في التجسس على إحدى مكالمات شقيق روحاني حسين فريدون حيث سجلت المكالمة نصا طلب فيه بتعيين شخص بعينه محافظا للبنك المركزي، وتنصت الحرس على فريدون وهو الأمر الذي أغضب روحاني بشدة، وعدت السلطات القضائية توصية فريدون بتعيين شخص بعينه في منصب محافظ البنك المركزي ضمن قضايا الفساد المالي.

وأوضح التقرير أن «إجراءات الحرس الثوري التي أزعجت روحاني أدت في النهاية إلى اتخاذ الرئيس قرارا عاجلا غير مدروس بزيادة أسعار البنزين؛ الأمر الذي أشعل الشارع الإيراني ضد النظام، لولا تدخل خامنئي لإدارة الأزمة .»

جماعات مخربة

وكشف المسؤول الإيراني أن «حكومة روحاني استعانت بجماعات مخربة في أحداث احتجاجات البنزين »، معتبرا أن «هذه الاحتجاجات كانت بمثابة سيناريو مخطط له من قبل بشكل ممنهج » وفق ما نقل تقرير «إيران واير ».

وقال في التسجيل المنسوب له «السلطات الإيرانية ستنشر عما قريب وثائق ومستندات تثبت أن احتجاجات نوفمبر 2019 ضد غلاء البنزين كانت أخطر وأكثر تعقيدا من احتجاجات »2009 ، في إشارة إلى الاحتجاجات الشعبية الرافضة لنتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2009 .

وتوقعت تقارير عديدة أن يتقدم الرئيس الإيراني حسن روحاني باستقالته من منصبه، بسبب زيادة حدة الخلافات وتعاظم الأزمات التي تواجه حكومته، مع تزايد انتشار فيروس كورونا المستجد، وتحول إيران إلى بؤرة انتشار إقليمية في المنطقة، فيما يفرض النظام ضغوطا لإبقاء روحاني في منصبه حتى نهاية فترته الرئاسية للعام المقبل.

الضربة القاضية

لم يكن الصراع بين حسن روحاني الذي قدم نفسه على أنه «معتدل » ورجال خامنئي وليد اليوم، بل يمتد لسنوات طويلة، قبل أن يترشح للرئاسة، وبعد فوزه على حساب الرجل

القوي إبراهيم رئيسي رئيس السلطة القضائية، ويبدو أن تقرير هيئة الرقابة المالية الذي نشر يوم 14 أبريل الحالي من قبل المراقب المالي العام، حول اختلاس المليارات من

ميزانية الدولة من قبل مسؤولي الحكومة، هو بداية الحلقة الجديدة في الصراع، بل ربما يكون الحلقة الأخيرة التي تقتضي سقوط أحدهما من فوق الحلبة بضربة قاضية.

أكد رئيسي خلال اجتماع لمجلس القضاء الأعلى، وفقا لوكالة «ميزان » الإيرانية، أن تقرير هيئة الرقابة المالية حول مسح موارد الموازنة متقن وليس محل شائبة، مشددا على أن

القضاء سيبت بكل الملفات المتعلقة بهذه القضية، دون التأثر بالصراعات الجانبية ،» مطالبا دوائر الدولة بـ »الترحيب بالرقابة ».

وكان المراقب المالي العام عادل أذر اتهم الحكومة بمسؤولية اختفاء 4.8 مليارات دولار من ميزانية الدولة، وفند بشكل واضح دخول هذه الميزانية للدولة وعدم وجود ما يدل على أماكن إنفاقها.

تجاوز الحدود

في رده على التقرير.. تجاوز الرئيس حسن روحاني كل الحدود، وذهب لاتهام الحرس الثوري ورجال خامنئي بشكل ضمني، حيث تساءل في كلمة بثها التلفزيون الإيراني الحكومي في اليوم التالي، عن سبب عدم إجراء مراجعة مماثلة، للأداء المالي للمنظمات العسكرية والحرس الثوري والمؤسسات الدينية الثورية والقضاء وسائر المؤسسات التي يهيمن عليها المتشددون، وعزا روحاني التقرير إلى صراع الأجنحة، وادعى أن هيئة الرقابة «أدركت خطأها واعتذرت» .

كلام روحاني لم يكن دبلوماسيا هذه المرة، فقد جاء بصورة مستفزة لخامنئي ورجاله، بل ويمثل صدمة كبيرة للجهات الفاعلة في طهران، بداية من الحرس الثوري الذي يهيمن

على كل الأمور تماما، ووصولا لأصحاب العمائم الذين يشكلون الحاشية المهمة للنظام، والأكثر من ذلك أن الاتهامات وصلت إلى دائرة القضاء التي يجلس على رأسها عدوه اللدود إبراهيم رئيسي.

قصة الصلاة

الخلاف العاصف الحالي بين خامنئي ورجاله المتشددين، وروحاني الذي يرتدي عباءة المعتدلين، أعاد للأذهان خلافا سابقا شغل وسائل الإعلام في إيران قبل شهرين تقريبا،

عندما انتقدت وسائل إعلامية إيرانية مقربة من المرشد الأعلى للثورة، تصرف روحاني، خلال صلاة الجمعة، التي أمها المرشد الأعلى علي خامنئي في العاصمة طهران، عندما استبق إنهاء خامنئي للصلاة، ليقوم من مكانه قبل المرشد، ما اعتبر أنه مؤشر على وجود خلافات عميقة بين الرجلين، ولا سيما أن تصرف روحاني، وفقا لوسائل الإعلام الإيرانية، غير اعتيادي، كما أنه الأول من نوعه منذ قيام نظام الخميني في إيران قبل 40 عاما.

وأرجع معلقون على وسائل التواصل الاجتماعي، وقتها استعجال روحاني في صلاته، إلى خلافات مرتبطة، بين مؤسسة الرئاسة والمرشد، حول كارثة الطائرة الأوكرانية المنكوبة، وخاصة أن أوساطا ومسؤولين في الحرس الثوري الإيراني، المقرب من المرشد، اتهموا الرئيس، باستغلال الحادثة لتحريض الشارع عليهم وعلى الحرس الثوري ككل، في حين يعد مكتب الرئيس أن الحرس الثوري قد كذب عليه، وأظهره بمظهر محرج، وكأنه آخر من يعلم ما يحدث في بلاده.