عبدالله المزهر

بورصة الفتوى،العقود الآجلة..!

سنابل موقوتة
سنابل موقوتة

الثلاثاء - 21 أبريل 2020

Tue - 21 Apr 2020

أتمنى أن يهدأ العالم قليلا ويمنحني فرصة للتفكير والتركيز، وأن تكون القضايا والأحداث التي تتوالى على مدار الساعة من النوع الذي أفهمه، لأني لا أستطيع مقاومة الفتوى في كل الأمور التي أسمع عنها حتى لو كنت أسمع عنها للمرة الأولى.

وفي هذه الأيام تحديدا فإنه ليس لدي الكثير من الأعمال وأوقات الراحة التي أحصل عليها بعد أن أنتهي من غسيل الحوش وقبل أن أبدأ في غسل الأطباق - المواعين يعني، أريد أن أستغلها في الحديث وإبداء الملاحظات والتوصيات على الأحداث والتقلبات التي تحدث لكوكبنا الأزرق الجميل.

ولكن فيما يبدو أن أمنياتي ليست قابلة للحدوث، فالأمور تزداد تعقيدا وأصبحت أسمع الأخبار وكأنها باللغة الصينية، وقد كنت بدأت في التعود على الفتوى فيما يتعلق بكورونا، وأصبحت أستخدم في أحاديثي مصطلحات من عينة الخريطة الوراثية وال DNA مع أني لم أدخل مختبرا في حياتي، ولا أعرف الفرق بين المجهر والدربيل - إن كان هناك فرق، وقد تحمست قليلا حتى إني بدأت التفكير في اكتشاف لقاح للمرض، وأسرح قليلا وأنا أفكر في طريقة تسويقه وماذا سأسميه، وما هي القنوات التي سأوافق على الظهور فيها والحديث عن اكتشافي، وما هي القنوات التي سأرفض الحديث لها عن جهودي والمصاعب التي واجهتها أثناء رحلتي الطويلة في المعامل.

ولكن الأمور بدأت تخرج عن السيطرة بعد أن طغت أخبار هبوط أسعار النفط الأمريكي إلى ما دون الصفر، لأني لا أظن أني سأستطيع فهم أي أمر يتعلق بالأرقام والاقتصاد والمال، وإن كنت خبيرا في مسألة «ما دون الصفر » إلا أن خبرتي لم تسعفني للحديث عن الأمر، لأنه بدا صفرا أكبر

بكثير من الصفر الذي أعرفه.

المطمئن في الأمر أن الزملاء في مهنة «الفتوى في كل شأن » كثيرون جدا، وهذا يعني أن غيابي عن الإفتاء في هذا الشأن لن يؤثر على الأسواق العالمية للإفتاء. بل إن المعروض من الفتاوى أكثر من القضايا نفسها، وهذا قد هدد هذه الصناعة وتنهار الأسعار حتى تصبح أقل من الصفر للفتوى الواحدة في عقود التسليم الآجلة والعاجلة.

وعلى أي حال..

ربما لا أفهم كثيرا - ولا قليلا - في أمور الاقتصاد والمال والأعمال، لكن لدي حد أدنى من فهم عقلية المصابين بفيروس الحقد الدفين وفيروس الحسد المستجد، وأعرف الخريطة الوراثية لهذين الفيروسين العريقين، وأستطيع مشاركتها مع بقية المعامل التي تبحث عن لقاح لهما.

ولذلك فإني لم أستغرب حفلة الشماتة التي أبداها بعض «الأشقاء العرب » بعد هبوط أسعار النفط، مع أن كثيرا من الشامتين استفادوا من هذا النفط أكثر مما استفاد منه أهله الأصليون، ولكن بحكم معرفتي بالخريطة الوراثية لم يفاجئني الأمر لأن من أعراض الإصابة بهذين الفيروسين أو أحدهما هو أن المصاب به يتمنى زوال النعمة عن غيره أكثر مما يتمنى الخير لنفسه.

نسأل الله الشفاء للجميع.

agrni@