ممدوح التمار

مرحلة فكر وعمل ومستقبل جديد

السبت - 18 أبريل 2020

Sat - 18 Apr 2020

من طبيعة الحياة أنها متغيره وأحداثها مختلفة وسريعة وبعضها يأتي فجأه ودون سابق معرفة بوقت حدوثه، كما هو الحال مع فيروس كورونا الذي تفشى بالعالم سريعا وأربكه وأخاف سكانه وأودى بحياة كثير منهم، وفرض قيوده عليه وحجب دوله عن بعضها، وأبعد الإنسان عن أهله وأبنائه وأحبابه، وأوقف أعماله اليومية ومناسباته الاجتماعية وجميع الأنشطة التجارية والسياحية والثقافية والترفيهية والرياضية، والأهم من ذلك كله أنه علق صلاة الجمعة والجماعة وتسبب في إغلاق الحرمين الشريفين بعد الصلوات، ومنع المسلمين من العمرة والزيارة، وجعلنا نعيش في عزل صحي وتباعد اجتماعي وحجر منزلي ومنع تجول وجلوس بالبيت، فهو ولا شك كابوس وبائي أزعج البشرية وأصاب حياتها بمقتل، والعياذ بالله.

هذه الجائحة العدو الخفي الذي غزا العالم بين غمضة عين وانتباهتها وغير ملامحه، وبعثر أوراقه وألغى فعالياته وجعله على قدم واحدة، الفيروس الذي انهزمت أمامه قوته وضعفت اقتصادياته وعجزت إمكاناته وانهارت أسواقه وتهمشت اتحاداته، وسقطت شعاراته وفشلت بعض حكوماته، برهنت وأثبت قوة المملكة العربية السعودية أعزها الله حكومة وشعبا، وعظمتها ونجاحها وريادتها وتفوقها وإحسانها وعدلها، وحرص قيادتها الرشيدة حفظها الله على مواطنيها بالداخل والخارج، والمقيمين على أرضها الطيبة المباركة وأهمية سلامتهم (وإن الإنسان أولا)، من خلال الكلمة الملكية الإيمانية المطمئنة والأوامر الملكية الحازمة والإجراءات الاحترازية السريعة والمبادرات الاقتصادية العاجلة، والمواقف الإنسانية السامية والمساهمات الاجتماعية الهادفة والأعمال الحكومية المكثفة، وغيرها كثير من الخدمات والاجتماعات والجولات والدعم والرعاية والمساندة، وجميعها ضمنت بفضل الله الأمن الصحي والغذائي والمجتمعي والنفسي واستمرار الحياة ومتطلباتها والأعمال والتزاماتها بشكل طبيعي، ودون تأثر بفيروس كورونا وما خلفه من تبعات وتحديات حاليه ومستقبلة على المجتمع وأفراده.

ورغم أثر فيروس كورونا السلبي المؤلم على صحة الإنسان إلا أنه ولإيماننا بأن مع العسر يسرا، فإن فترته كانت برأيي إيجابية في جوانب مهمة بحياتنا هي:

  • الجانب الديني: حيث من المؤكد والطبيعي أنها عظمت القيم الإسلامية وكرست مبادئ السنة النبوية وعززت المعاني الإيمانية، وأوضحت قيمة النعم الربانية ورسخت أثر التقرب إلى الله عز وجل، واللجوء إليه والتوكل عليه وعبادته وتلاوة كتابه العزيز.

  • الجانب الإنساني: أوضحت أهمية المشاركة والمسؤولية الفردية والمجتمعية والدولية، خاصة عندما يكون الخطر على الجميع فكلنا مسؤول.

  • الجانب العملي: أظهرت جدوى أعمال ومشاريع وفرص جديدة أصبح من الضروري التوسع فيها وتطويرها والاهتمام بها والحرص عليها، وهي العمل عن بعد والخدمات والتجارة الالكترونية.

  • الجانب التعليمي: أكدت لنا أنه بإمكاننا التعليم والدراسة عن بعد وأنها تغني في كثير من المجالات عن الحضور المباشر.

  • الجانب الشخصي: أضافت لنا تجارب جديدة وأكسبتنا مهارات مفيدة، وزودت معلوماتنا وأظهرت مواهبنا وأعادت ترتيب أوقاتنا وتنظيم أولوياتنا ومصروفاتنا، والنظر في رغباتنا واحتياجاتنا وكمالياتنا والتركيز على ضرورياتنا.

  • الجانب الأسري: زادت أارتباطنا واهتمامنا وتعاوننا وحرصنا وقربنا من بعضنا الأمر الذي حسن علاقتنا وتحديدا للأسر التي تشكو من البعد واللقاء المختصر العابر السريع.

  • الجانب الاجتماعي: صوبت عاداتنا الخاطئة وهذبت سلوكياتنا الضارة وغيرت مفاهيمنا المختلفة.




فهي بمثابة دورة تنمية بشرية عالمية المفروض أننا تعلمنا واستفدنا منها لأنها منحتنا فرصة مراجعة أنفسنا وتقييم أفكارنا وتصحيح أخطائنا، وتحسين أعمالنا وتطوير خدماتنا لنكون دائما مستعدين للطوارئ والأزمات، ومواجهة المفاجآت والتحديات، وأعتقد أنها مرحلة فكر وعمل ومستقبل جديد.