محمد العطية

استمرارية الخدمات الالكترونية.. درس جائحة كورونا

الخميس - 16 أبريل 2020

Thu - 16 Apr 2020

تسبب وباء كورونا العالمي في الحجر المنزلي لمعظم سكان العالم، ولعلنا نتخيل كيف تكون حياتنا أثناء الحجر المنزلي دون وجود تطبيقات وخدمات الكترونية، بحمد الله تعتبر المملكة العربية السعودية من الدول المتقدمة في الخدمات الالكترونية، مما جعل حياتنا أسهل ومن قضاء شؤوننا اليومية أبسط، وهنا يشار بالبنان إلى الخدمات التقنية الأمنية (أبشر) والخدمات العدلية والبنكية المتقدمة، وتطبيقات التراسل التي تعمل على شبكات اتصالات آمنة وموثوقة.

وحيث إن الذي لا يتقدم فإنه يتقادم مع مرور الزمن، فإن كثيرا من الأعمال البينية والأعمال التي تتطلب موارد بشرية عالية سوف تتحول إلى استخدام التطبيقات التقنية، خاصة ونحن نعيش عصر الجيل الخامس (5G) من شبكات الاتصالات الخلوية التي ستسهل وتسرع التواصل بين الناس (People) وقواعد البيانات (DATA) والإجراءات (Processes) والأشياء (Things) أو ما يسمى انترنت كل شيء (Internet Everything)، وذلك للتحول إلى الواقع الافتراضي وتتبع الأصول والمدن الذكية، والمباني الذكية، والزراعة الذكية، وشبكات الطاقة الذكية، والرعاية الصحية الذكية، والأتمتة الصناعية، والتعليم الذكي عن بعد، والمراقبة والتحكم والتتبع عن بعد.

ومع التطور المتسارع في الخدمات الالكترونية التي يجب أن نواكبها حتى لا يكون هنالك فجوة رقمية، فإنه لا يخفى على أحد أن هذه التقنيات تعمل ضمن الشبكة العالمية للانترنت (WWW) والتي نعلم أن طريقة ترابطها شبكي بواسطة الكيابل البرية والبحرية والأقمار الصناعية والشبكات الهوائية.

وهنا يبرز التساؤل التالي كأحد المخاطر المحتملة (دعونا نأخذ أسوأ الاحتمالات):

ماذا لو حصل انقطاع كامل أو شبه كامل لشبكة الانترنت العالمية عن المملكة لأي سبب؟

لك أن تتخيل عزيزي أن ذلك سوف يجعلك في انعزالية تامة عن محيطك الخارجي، ولن تستطيع أن تستخدم معظم التطبيقات والخدمات الالكترونية، خاصة أثناء الحجر المنزلي بسبب وباء كورونا، حيث تنص التعليمات الاحترازية لمكافحة هذا الوباء على استخدام الخدمات والتطبيقات التقنية لأن التجول محظور، وكيف أن الحلول التقنية الميسرة سوف تصبح خارج الخيارات.

حتى لو لم يكن هنالك وباء كورونا فقد أصبحت الخدمات والتطبيقات الالكترونية جزءا من حياتنا اليومية التي لا نستطيع إنجاز أعمالنا دونها، وسوف تكون تأثيرات الانقطاع الاقتصادية والحياتية كارثية في عالم انترنت كل شيء.

وهذا يدعونا إلى التفكير الجدي فيما يسمى السيادة الالكترونية، التي تتطلب إنشاء شبكة ربط للبنية الحيوية الأساسية الوطنية دون المرور بخوادم (Servers) خارج المملكة، مستقلة عن الشبكة العالمية للانترنت، مما يعزز الموثوقية والاعتمادية والاستقلالية عند تعرض الشبكة العالمية لأي انقطاع عرضي أو مقصود، وهذا يعتبر احتياطيا لأننا في الظروف الطبيعية جزء من الشبكة العالمية للانترنت ولا يمكن الانعزال عن العالم.وهنا يجدر الحديث أيضا عن أهمية أن يكون لدينا تطبيقات تواصل وطنية، وبريد الكتروني وطني (مشفرة) وغيرها، لأنه في الظروف غير الطبيعية سوف نجني ثمار التخطيط الاستراتيجي لمختلف أنواع المخاطر التقنية المحتملة.

وحيث إن المملكة متقدمة تقنيا، وهي إحدى دول العشرين (G20) وتمثل ثقلا عالميا في جميع المجالات، ولديها هيئات متخصصة مثل هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، فإن الحلول التقنية الوطنية الاستراتيجية ليست بعيدة المنال.

mattiah8@