عبدالله العولقي

الإعلام ومنظمة الصحة العالمية

الثلاثاء - 14 أبريل 2020

Tue - 14 Apr 2020

على الرغم من التاريخ الناصع لمنظمة الصحة العالمية WHO إلا أنها اليوم تواجه حملة إعلامية شرسة لم تشهدها منذ تأسيسها سنة 1948م، فهذه المنظمة المسؤولة عن صحة الإنسان على كوكب الأرض، تمتد فروعها إلى دول العالم، وترتبط علميا وتعاونيا مع أعرق مراكز الأبحاث العلمية والدراسات الطبية في الشرق والغرب، وتمتلك في سجلها الإنساني إنجازات عظمى تتجلى في اكتشاف وتقديم مئات الأمصال واللقاحات التي أنقذت أرواح البشر من الأوبئة والأمراض، ولا سيما في الدول والمجتمعات الفقيرة.

الاتهامات الإعلامية المتداولة عالميا تتركز حول ثلاث جهات تتقاذف التهم فيما بينها على حساب صحة الإنسان البشري، أولاها الصين التي تعد البؤرة الأولى للوباء الكوروني، تليها منظمة الصحة العالمية المسؤولة دوليا عن الأوبئة التي تفتك بالإنسان، وأخيرا الولايات المتحدة ودول أوروبا.

السؤال الذي طرحه عديد من المتسائلين حول العالم: هل كان الهوس الصيني المعروف تجاه المال والأعمال والفرص التجارية وراء تفشي الفايروس بهذه الصورة المرعبة حول العالم؟ فالأمريكان والأوروبيون يلومون الصين عندما تأخرت في إقفال منافذها الدولية، واتخاذ إجراءات العزل الجغرافي لمدينة ووهان التي ترتبط بعلاقات تجارية وثيقة مع كل أقطار العالم، كما وجهوا اللوم أيضا إلى منظمة الصحة العالمية عندما تقاعست هي الأخرى في تصنيف الوباء الكوروني إلى درجة الجائحة، وتأخرت في دق جرس إنذار الخطر المبكر أمام العالم لاتخاذ الإجراءات اللازمة لاحتوائه!

تعد الولايات المتحدة الأمريكية أكثر دولة داعمة لجهود منظمة الصحة العالمية، ولهذا هاجم الرئيس الأمريكي دونالد ترمب المنظمة أمام وسائل الإعلام، وهدد بخفض أموال الدعم الأمريكي للمنظمة، بل واتهمها بالانحياز المطلق تجاه الصين عندما تسترت على أرقام وإحصاءات الوباء الفعلية، وعلى الجانب الآخر، تحدث بعض الأطباء المنافحين عن المنظمة عن أن المنظمة هيئة دولية، ولا تنحاز لأي جهة، كل ما في الأمر أن الصينيين لم يقدموا للمنظمة إفصاحا فعليا عن حقيقة الوباء فيها!

الإعلام الصيني بدوره هاجم الأمريكيين والأوروبيين باعتبار أنهم يمتلكون نظاما صحيا متطورا، ولديهم في أوطانهم أفضل معاهد الأبحاث ومراكز الدراسات الوبائية التي لم تدق جرس الإنذار، لدرجة أن قرار الأوروبيين بإغلاق منافذهم الدولية مجرد ردة فعل تقليدية للخطوة الصينية، مع علم تلك المراكز بطبيعة الفايروس وخطورته وطريقة انتشاره.

أخيرا، البشر حول العالم لا يهمهم كل تلك الاتهامات التي تتقاطع بين حبائل السياسة ومصالح الاقتصاد، ما يهمهم أن تتوحد الجهود الإنسانية في القضاء على الوباء، ولهذا على منظمة الصحة العالمية ألا تلتفت إلى صراخ الإعلام حتى تمضي قدما في رسالتها الإنسانية، وأن تقضي على البيروقراطية المملة في نمطية أبحاثها وقراراتها حتى تكون سريعة الاستجابة لأي جائحة تهدد الوجود البشري.

@albakry1814