العلاقات العامة الرقمية.. إعادة هندسة التواصل

الثلاثاء - 14 أبريل 2020

Tue - 14 Apr 2020

عبدالله عنايت
عبدالله عنايت
فرضت التطورات التكنولوجية المتقدمة في عالم الاتصال نفسها على خريطة قطاع العلاقات العامة، وهي ليست في ذلك بدعا من القطاعات التي تأثرت هي الأخرى بذلك أيما تأثر، وأصبحت أحد أهم العوامل المؤثرة في إعادة هندسة الاتصال لهذا القطاع الحيوي.

وقد تتبعت كثيرا مما دون في هذا الموضوع من قراءات تحليلية أو ملتقيات عالمية ناقشت المفاهيم الجديدة لما يمكن أن نطلق عليه "العلاقات العامة الرقمية"، ووجدت أن أكثرها يصب في صالح تحسين الصورة الذهنية للعملاء، وظل هذا الموضوع محل نقاش استمر ما بين أربع إلى خمس سنوات تقريبا، وتركز حول تحديد مفهوم العلاقات العامة الرقمية وأدوارها ومهامها، والتعرف على واقع العلاقات العامة الرقمية في المجتمعات العربية عموما، والسعودية على وجه الخصوص، وشكل إدارة المحتوى فيها، واستشراف مستقبلها مهنيا وأكاديميا، ودرجة تأثير علاقتها بوسائل الإعلام، ومدى التداخل بينها وبين التطبيقات الالكترونية.

وعندما أنظر للأمر من النواحي المهنية، أؤكد أن هناك عددا قليلا جدا من الشركات بدأت تبلور مفاهيم "العلاقات العامة الرقمية" ضمن سياساتها الداخلية، واستراتيجيتها الاتصالية، وهي خطوة في الاتجاه الصحيح خاصة في سوق حيوي كسوق المملكة العربية السعودية، والذي يعد من أكثر الأسواق نشاطا على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في المقابل لا تزال كثير من الشركات والوكالات المستقلة بعيدة نوعا ما عن تطورها المؤسسي، وتعريف كوادرها بمهارات "العلاقات العامة الرقمية".

عرفت جمعية العلاقات العامة الدولية والمعهد البريطاني للعلاقات العامة "العلاقات العامة الرقمية" بأنها: توظيف وتسخير تقنيات الاتصال الحديث، وقنوات الإعلام الرقمي، لتنفيذ أنشطتها، وذلك للإسهام في تحقيق أهداف المؤسسة مع الجمهور أو المجتمع. وأضيف إلى هذا المفهوم أهمية التعامل مع تطبيقات متقدمة كانترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي في الاتصالات التي أسهمت في مساعدة الفرق ليس فقط على تتبع قياس أداء الحملات الإعلامية، وإنما كان لها دور مهم في إدارة الاستراتيجيات الاتصالية لأزمات العملاء الإعلامية.

أصبح الذكاء الاصطناعي اليوم جزءا مهما من حياتنا اليومية، خاصة لمتخصصي العلاقات العامة، لذلك أؤيد بشدة تنمهية مهاراتهم في كيفية استخدام هذه الخاصية، لأتمتة عدد من المهام المتكررة التي من شأنها توفير الوقت للفريق والعميل على حد سواء. وصدقا لا أميل للقلق الذي يذهب بعيدا للتخويف من فقدان الوظائف، لانتشار هذه الخاصية بسبب الذكاء الاصطناعي والأدوات الرقمية، لأن هذه الخواص ستظل بعيدة مهما بلغت درجة تطورها عن مسار الإبداع والابتكار والتفكير النقدي البشري الذي ما يزال هو المحرك لهذا القطاع.

ويعد تسويق المحتوى جزءا أساسيا من حملة العلاقات العامة الرقمية، لقد ولت أيام الإعلان عن المنتج، ومن ثم توقع ظهور مبيعات، فأصبحت لدى المستهلكين الأذكياء اليوم خيارات أكثر من أي وقت مضى، ومن المرجح أن تكون العلامات التجارية القادرة على التواصل معهم بطريقة مجدية أكثر نجاحا، لذلك يعد تسويق المحتوى نقلة نوعية عند التفكير في الاستراتيجيات التقليدية للعلاقات العامة مقابل الرقمية.

وأخيرا يعد هذا هو الوقت المناسب الذي تلعب فيه خبرة العلاقات العامة الرقمية دورها في العمل مع منشئي المحتوى ذوي الخبرة، لصياغة قصة مقنعة حول العلامة التجارية التي يتردد صداها مع عملائها، وهو ما يتطلب الإلمام بدمج محتوى التسويق وتحسين محرك البحث ووسائل التواصل الاجتماعي وخدمة العملاء، كل هذه الأمور هي ما يجب أن يتعلمه ممارسو العلاقات العامة اليوم قبل الغد.