عبدالله الأعرج

هل فشل التعليم عن بعد؟

الأحد - 29 مارس 2020

Sun - 29 Mar 2020

لم يكن وباء كورونا مباغتا للبشرية في صحتهم فحسب، بل في جوانب أخرى قيمة في حياتهم وعلى رأسها (التعليم).

الدول علقت التعليم والتدريب (المكاني)، وبالنتيجة تحولت البيوت في معظم بقاع الأرض إلى مدارس وجامعات وكليات تقنية تطبيقية للبنين والبنات، وبرز حينها الخيار المنقذ الأوحد وهو (التعليم الالكتروني عن بعد) باستخدام برامج ومنصات متعددة مثل: Bb collaborate وCISCO Web وZoom وغيرها كثير من وسائل نقل المعرفة النظرية والعملية من وراء حجاب.

ردة الفعل الأولية من كل المستفيدين كانت متوقعة جدا: ثقافة لا تحبذ الدراسة عن بعد، بث متقطع، قلة معرفة وحداثة تجربة في استخدام وإدارة منصات التعليم عن بعد من طرف الأساتذة والطلاب، تذمر من طريقة الشرح، ضعف في المحتوى المقدم، هلع من طرق التقييم، وبالتالي نتائج غير عادلة للاختبارات الالكترونية.

ولأن الصدمات الأولى تصنع في الغالب ردة فعل سريعة قابلة غالبا للمحاولة والخطأ، فقد كان الأسبوع الأول من الانتقال إلى تجربة استخدام التقنية عن بعد مصدر انزعاج كبير من كل المستفيدين: الطلاب، المدرسين والأسر في البيوت وتعددت مصادر الانزعاج، وفقا للأسباب التي ذكرتها أعلاه، بيد أن هذا التذمر بدأ بالاضمحلال تدريجيا في بعض البيئات التعليمية أكثر من غيرها، فما هو السبب يا ترى؟

دراسات كثيرة (لا مجال لتفصيلها هنا) تركز على أن التعليم عن بعد يختلف عن التعليم التقليدي وجها لوجه FTF، وتؤكد أن إيمان الأساتذة بهذا الأمر هي الخطوة الأقوى في كسب معركة التعليم الالكتروني مقابل التعليم التقليدي المكاني.

سأختص دراسة لـ Kyungmee Lee المحاضرة بجامعة لانكاستر البريطانية التي أكدت أن هنالك 14 سببا تجعل التعلم عن بعد ناجحا بدرجة متقدمة، أذكرها باختصار شديد ثم أعلق باختصار أشد، وأرجو أن يهتم الأساتذة بهذه النقاط ليصنعوا الفرق المنشود في حربهم التعليمية ضد كورونا، وهي:

1 - سجل محاضراتك ولا تبثها مباشرة منعا لمشاكل انقطاع البث.

2 - أظهر وجهك لطلابك أثناء تسجيل المحاضرة فهذا أكثر فاعلية وحماسية.

3 - سجل محاضرات قصيرة فهي تبعد الملل وتحقق المقصود.

4 - تأكد مسبقا من أن الشرائح التي ستعرضها تناسب الأجهزة الذكية ذات الشاشة الصغيرة، فليس لدى كل الطلاب أجهزة مكتبية.

5 - لا تعتمد حصريا على إنتاجك من الشرائح، وابحث عن مصادر أخرى مشوقة من الانترنت.

6 - عند اختيار مصادر تعليمية تأكد من أنها مفتوحة لدخول الطلاب وليست مغلقة أو مخصصة لفئة معينة.

7 - عندما توصي طلابك بمصادر تعليمية على الانترنت احرص على أن تكون قصيرة، وفي حال تجاوزت 15 دقيقة حدد لهم المقطع الذي تريدهم أن يشاهدوه مثلا من الدقيقة 11:31 إلى الدقيقة 17:20 وهكذا.

8 - استخدم الميزات التفاعلية في برامج البلاك بورد وغيره لطرد السآمة وخلق أجواء تشاركية أثناء التعليم.

9 - اخفض سقف توقعاتك حينما تعد اختبارا الكترونيا أو تطلب تلخيص محاضرة، وذلك بجعل الأسئلة بسيطة وفي المتناول.

10 - لا تربط الدرجات بالحضور، وإنما باستخدام التحضير التلقائي.

11 - حدد ساعات مكتبية على منصة الكترونية أخرى، واجعلها فرصة للنقاش الجماعي الحر بين الطلاب وأستاذهم.

12 - استخدم منصات اجتماعية لتكون مصدر حوار بين الطلاب فقط دون أستاذهم.

13 - لا تخفِ مشاعرك أمام طلابك مطلقا، واسأل عن كيفية استخدام بعض خصائص المنصات الالكترونية وشاركهم البوح حول بعض مشاكل التقنية، وكن جريئا جدا، وأخبرهم أنك تتعلم منهم عن استخدام هذه المنصات.

14 - لا تكثر من تغيير أنماط إيصال المعلومة، وبدلا من ذلك اعتمد على الإعادة والتكرار لأكثر من مرة حتى ترسخ المعلومة.

أختم بأن تجربة التعليم عن بعد الكتروتيا جديدة عالميا، وأن نجاحها أو فشلها مرتهن بمدى فاعلية المعلمين في البحث عن أفضل الممارسات في تطبيقها، كذلك فإن أخذ هذا النوع من التعليم كمشروع شراكة بين الأستاذ وطلابه وتحويله إلى محطات متعة معرفية وأفكار إبداعية كفيلان بتجاوز الأزمة التعليمية، والتأسيس لحقبة جديدة مما يمكن تسميته (تعليم الأزمات)، وهو مكسب معتبر جدير بالاهتمام وحري بالمثابرة والعمل.

dralaaraj@