فواز عزيز

هوس التأثير والجماهيرية

السبت - 25 يناير 2020

Sat - 25 Jan 2020

• ليس كل مؤثر «قدوة» لكل أحد، فاختاروا قدواتكم.

• وليس كل مؤثر قادرا على أن يبقى مؤثرا فقط، بل أغلبهم متأثر أيضا، لأنه غير مؤهل للتأثير، ولا يملك شيئا إلا الجمهور، والجمهور يمتلك سطوة التأثر الفردي عبر التلقي، والتأثير الجمعي بردة فعله حين يُستفز.

• النجومية تغيرت كثيرا عند الجمهور، وأصبحت تختلط بالشهرة، وبينهما فرق، فليس كل مشهور «نجما»، لكن الجماهير تتعامل مع كل مشهور كنجم، حتى بعض القائمين على الفعاليات أصبحوا كذلك، وأصبحت هذه «النجومية» تمنح بلا أي معايير، وأحيانا تمنح لحدث ما أو مقطع عابر ينال حظا من الانتشار، فيكون من فيه «مشهورا» ويتصور نفسه «نجما» ويتعامل معه الجمهور كنجم، فيحرص القائمون على الفعاليات على استضافته كنجم. حتى أصبحنا لا نعرف سببا لنجومية هذا وذاك!

• في زمن وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت ميادين ومسارح للنجوم والمشاهير «المؤثرين»، وأضحى الجمهور الافتراضي «مؤثرا» أيضا في تلك الميادين والمسارح وفي شخصيات «المؤثرين»، مثل نجمه أو من يتابعه أو يتأثر به؛ ترى كثيرا تراجعات واعتذارات بعض «المؤثرين»، حتى لو ظهرت بشكل تبريرات وتوضيحات، إلا أنها تراجعات سببها تأثير الجمهور والخوف من خسارة جزء منه.

• وجود الجماهير والرغبة في زيادتها قد يقودان النجم أو المشهور إلى فعل أي شيء، حتى الأخطاء التي يدرك أنها خطأ، وإن لم يكن كذلك، فبتفكير قصير سيدرك ذلك فهو ليس جاهلا أو مراهقا بل مدرك وراشد، لكن الجماهيرية تعمي العين والقلب والعقل عن الخطأ في سبيل كسب مزيد من الجماهيرية، خاصة حين يكون ذلك سبيلا لزيادة المداخيل برفع أسعار الإعلان وزيادة الراغبين فيه من التجار والشركات والمهووسين بالأضواء من مسؤولين أو ذوي المال!

• قد يختلف معي البعض في وصف مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي بالمؤثرين، لكن الحقيقة أنهم يؤثرون بالمتابع حتى من لا يرغب بهم، والدليل الكم الكبير من ترويج السلع في حساباتهم، شخصيا أتمنى ألا يكون بعضهم مؤثرا لأن تأثيرهم سلبي على المجتمع حتى على من لا يتابعهم منه.

• قبل أيام قرأت في «الشرق الأوسط» أن شركة «Izea» للتسويق أكدت ارتفاع أرباح الأشخاص المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي الذين يحظون بعدد كبير من المتابعين، وذكرت الشركة أن متوسط سعر نشر صورة دعائية عبر تطبيق «انستقرام» كان 134 دولارا في 2014، وأصبح 1،642 دولارا في 2019، كما ارتفع متوسط تكلفة الصورة الدعائية على انستقرام 44% من 2018 إلى 2019، ومقاطع الفيديو على يوتيوب ارتفعت من 420 دولارا في 2014 إلى 6700 دولار في 2019، وفي تويتر زادت التكلفة من 29 دولارا في 2014 إلى 422 دولارا في 2019، ونقلت عن «بي بي سي» أن عدد التدوينات التي ينشرها المؤثرون زادت في 2018 بنسبة 150%، مما يجعل قيمة صناعة التسويق عبر نجوم مواقع التواصل تبلغ 10 مليارات دولار.

• أرقام كبيرة قد تخدم الأسواق، لكنها قطعا تضر المجتمع، ليس اقتصاديا فحسب، بل حتى اجتماعيا، لأن كثيرا من «المؤثرين» لا يستحقون سلطة التأثير، وتصرفات بعضهم وسلوكياتهم تثبت شيئا من ذلك، والتي قد يكون سببها «الطمع» في زيادة الجماهيرية والمداخيل.

(بين قوسين)

• صحيح أن الجمهور أصبح مؤثرا على المشاهير، وهذا جيد، لكن مشكلة تأثير الجمهور أنه يأتي ردة فعل على استفزاز، فيزيد انتشار هذا المشهور حتى عند من لا يتابعهم.

• قد لا يدرك الجمهور أن استفزاز المشهور له ليس إلا جزءا من لعبة الجماهيرية، فإحدى أو أحد المشاهير استفز الجمهور حتى ارتفع عدد المتابعين من مليون إلى مليونين في وقت قياسي، وانهالت الإعلانات عليه، وانهال الجمهور على تلك السلع المعلنة بالشراء وهو ينتقد المشهور!

fwz14@