الفيلسوف المفكر

الثلاثاء - 21 يونيو 2016

Tue - 21 Jun 2016

لم يكن في مخيلتي عندما ذهبت إلى مكتبة جرير أن يكون من بين مقتنياتي كتاب للأستاذ الدكتور عبدالكريم بكار، لا لشيء إلا لأن اهتمامي الشخصي الأكبر يطغى على متابعة واقتناء كتب الفلاسفة العظام من أمثال شيطان الفلاسفة الأكبر فريدريك نيتشه وكانط وأرسطو وزرادشت وغيرهم.

ولكن كتاب الدكتور بكار «تكوين المفكر» قد لفت انتباهي وشدني أكثر لاقتنائه لكونه سعى في هذا الكتاب للمقارنة أحيانا والربط أحيانا أخرى بين الفيلسوف والمفكر والمثقف وعلاقة كل منهما بالآخر وهذا ما يهمني وأسعى من أجله.

يقول الدكتور بكار في كتابه «تكوين المفكر» إن المفكر يتبوأ منزلة ثقافية وعقلية هي فوق منزلة المثقف ودون منزلة الفيلسوف.

فالفيلسوف أبعد غورا في التجريد وفي إبداع المفاهيم وأشد اشتغالا بالقضايا الكبرى من المفكر، والمفكر أبعد غورا في هذه وأشباهها من المثقف، ومن هنا يمكن القول: إن كل فيلسوف مفكر، وليس كل مفكر فيلسوف، وإن كل مفكر مثقف وليس كل مثقف مفكرا. ويبين أن المفكر يتردد في صناعة المفاهيم وبلورة الرؤى واستخلاص العبر وكشف السنن وبين إصلاح الواقع وتشخيص الأزمات التي يعاني منها الناس.

يقول أرسطو ذات مرة عن الفلسفة إنها تتطلب ممن يعمل فيها شروطا معينة، منها عشق لاذع، وذهن بارع، وصبر مقيم.

وسئل أينشتاين عن الفرق بينه وبين الإنسان العادي فأجاب: إذا طلبت من الإنسان العادي أن يحاول العثور على إبرة في كومة قش، فسوف يتوقف ذلك الشخص عن البحث حين يعثر على الإبرة، أما أنا فسوف أقفز على كومة القش بحثا عن الإبر المحتملة.

لذلك فالفيلسوف يختلف تماما عن العالم أو المصلح وذلك لأن كلمة «الفلسفة» كلمة يونانية في الأصل تعني (حب الحكمة) لذلك فإن الفلسفة تلبي حاجات العقل، والفيلسوف يسعى دائما لصناعة المفاهيم وإبداعها وتطويرها وغربلتها.