سليمان الضحيان

رؤية المملكة 2030م واللغة العربية

الأربعاء - 15 يونيو 2016

Wed - 15 Jun 2016

ارتكزت الرؤية على مكامن القوة التي تتمتع بها المملكة، وهي ترتكز ـ حسب بيان الرؤية ـ على ثلاثة عوامل، عامل وجود الحرمين الشريفين، وعامل القدرات الاستثمارية الضخمة، وعامل موقع السعودية بين ثلاث قارات، وقد نص بيان الرؤية على أن أهم تلك العوامل هو العامل الأول، ولا شك أنه كذلك؛ إذ تنفرد السعودية بوجود الحرمين مهوى أفئدة أكثر من مليار مسلم، ويتضمن هذا العامل المهم أمرا لم تشر إليه الرؤية، وهو يمثل أهمية كبيرة لحضور السعودية في العالم العربي والإسلامي، وهو أن السعودية تشكل 70% من المجموع الكلي لشبه الجزيرة العربية التي هي مهد اللغة العربية، والموطن الأصلي للعرق العربي، وهذا ما جعل اللغة العربية من أهم مكونات هويتنا ووجودنا، وهذا كله يحتم أن يكون للغة العربية حضور كبير في الرؤية المعلنة، وذلك بطرح رؤية مستقبلية مفصلة لها ضمن مخطط الرؤية العامة، وتكون عن ما نريد أن تكون عليه لغتنا العربية.

وكيف نجعل من السعودية مركزا رئيسا لكل ما يتعلق باللغة العربية من نشاط، والأمر لا يحتاج منا البدء من الصفر، بل قد قطعنا شوطا جيدا في هذا المضمار؛ إذ إن السعودية تعد من أنشط الدول العربية خدمة للغة العربية، ففيها كليات متخصصة وأقسام مجموعها يربو على العشرين لتدريس علوم اللغة العربية، وسبعة معاهد جامعية لتدريس اللغة العربية لغير الناطقين بها، تستقبل سنويا آلاف الوافدين، ومعاهد جامعية أخرى في جامعات خارجية، وأكثر من عشرة كراسي لتدريس اللغة العربية في الجامعات العالمية، ولدينا حركة نشطة لتحقيق التراث اللغوي.

ويعد النشاط السعودي في مجال اللغة العربية في الانترنت الأبرز على مستوى العالم العربي، وفي عهد الملك عبدالله - رحمه الله - طرحت في السعودية مشروعات رائدة لخدمة اللغة، منها مبادرة الملك عبدالله للمحتوى العربي في الانترنت، وهو مشروع ضخم لخدمة العربية في الانترنت يتفرع عنه فروع، منها: (المدونة العربية) وهو – وفق دراسة د. خالد الحافي - مشروع جبار لجمع أكبر قدر ممكن من نصوص المؤلفات العربية عبر التاريخ وفي مختلف التخصصات، بهدف أن يصل حجمها إلى بلايين الكلمات، وتغطي فترة زمنية تمتد من الجاهلية إلى العصر الحديث، و(المعجم الحاسوبي التفاعلي) وهو – وفق دراسة د. محمد الكنهل - ممثل للغة العربية الحالية مع صلة وثيقة بالتراث.

ويسد الخلل الموجود في المعاجم الحالية بخوارزميات التوليد والاشتقاق، والمترادفات والمتضادات، والتطبيقات النحوية والصرفية والدلالية، و(السلسلة العربية لكتب التقنيات)، ويتكفل بترجمة أهم المراجع العالمية في كل تقنية من التقنيات الاستراتيجية الإحدى عشرة، و(المقوم الآلي للمقالات العربية /عبر)، ومن المشاريع – أيضا - الفهرس العربي الموحد الذي قامت به مكتبة الملك عبدالعزيز، ويعد من أهم مشاريع المكتبات العربية، فهو يقدم صورة متكاملة عن العالم العربي في مجال الإنتاج الفكري والعلمي، ومنها – أيضا – جائز الملك عبدالله للترجمة إلى اللغة العربية، وهى تشكل رافدا للغة العربية من اللغات الأخرى، ومنها المشروع الرائد بتأسيس مركز الملك عبدالله الدولي لخدمة اللغة العربية، ونشاطه متعدد في خدمة اللغة ما بين مؤتمرات وندوات ودعم مشاريع تدريس اللغة العربية في عدد من البلدان غير العربية، ونشر الإنتاج اللغوي، وطرح مشاريع طموحة لخدمة اللغة، كمشروع التخطيط اللغوي، وتكوين قواعد البيانات لكل ما يتعلق باللغة العربية.

هذه المشاريع والجهود تكوِّن أساسا لرؤية مستقبلية متكاملة عن الدور الذي علينا أن نقوم به تجاه اللغة العربية، كأن يحوَّل مركز الملك عبدالله إلى هيئة عامة لخدمة اللغة العربية، ويتوسع في صلاحياتها، ويؤسس مجمع لغوي لحراسة اللغة وتنميتها، وغير ذلك من مشاريع تجعل للغة مكانة خاصة في مشروع رؤية المملكة المستقبلية.

[email protected]