تسمين المشكلات وصناعة القيود!
الجمعة - 10 يونيو 2016
Fri - 10 Jun 2016
بوصلة التحول الوطني تشير إلى الأمام، وكذلك تشير إلى الخلف لمراجعة الطرق التي تدفعنا إلى الأمام، فاستشراف الأمام ليس واضحا على الدوام، فحين استشرف الخبراء قبل أعوام طويلة أهمية زراعة وإنتاج القمح محليا لتحقيق الاكتفاء الذاتي للمملكة، تحمسوا للفكرة فطُبقت على نطاق واسع، ثم جاء المستقبل واتضح خطأ الرؤية المستنزفة لمخزوننا المائي، وليس عيبا أن نتراجع عن القرارات التي لم يؤيدها المستقبل المستهدف، وهذا المثال كاف لاستشراف قيمة المراجعة ومحاكمة القرارات بالزمن والمراحل، للتوسع فيما يصح، وإيقاف ما يثبت خطؤه.
الحديث مع الوطنيين أصحاب التأملات والهمم يثري المتابع، وموضوعي اليوم قدحه في رأسي حديثٌ مع رجل وطني، فنحن نشكو ضعف مخرجات التعليم بصفة عامة، ولهذا أسباب جمة ترتبط بإصلاح التعليم، وبالمناهج، وبالثقافة العامة، ونشكو كذلك ضعف مخرجات التعليم العالي التي نعيدها إلى التعليم العام، لكننا مستمرون في التوسع وإطالة أمد المعضلة، ثم نشكو حجم البطالة المتراكمة، ويستغرقنا إيجاد الحلول المستحيلة!
اليوم تتوسع الجامعات بكيفية مذهلة ومخيفة وخطى ليست محسوبة في قبول الخريجين، ثم في افتتاح الفروع، وفي الثاني وجه إيجابي لنشر التعليم، وتوفير الفرص الدراسية، وتوطين الناس في أماكنهم للحد من الهجرة الداخلية، وزيادة وعي المجتمع، لكن هناك وجه آخر مخيف، حين تدفع تلك الفروع للجامعات بآلاف الخريجين سنويا، ويظلون معلقين يبحثون عن فرص وظيفية تليق بالشهادات التي حصلوا عليها، وغالبا سوق العمل لا يوفر ما يأملون، فتتكدس الأعداد عاما بعد عام، ويتضاعف الإحباط على وجوه أبنائنا تراكميا.
لا بد أن تتحرك وزارة التعليم وفق نظرية التحول الوطني، وأن تدرس التوسع في القبول وكذلك التوسع في الفروع التي تفتتحها الجامعات باستمرار، حتى الناشئة منها، ومعظمها لا تقدم جديدا لأبناء الوطن يختلف عما تقدمه الجامعات من أعوام طويلة، جلها تخصصات إنسانية نظرية، وإن افتتحت أقساما علمية تطبيقية فالإقبال عليها ضعيف ومحدود، وكذلك المخرجات لا تخدم التحول الوطني الذي يتخذ الاقتصاد والصناعة عمودا فقريا له، وهذا كله يدعو إلى إعادة النظر في تلك الفروع التي ترفع قيمة مصروفات الميزانية، ولا يقبل العمل فيها إلا القلة من الأساتذة المميزين، فلماذا لا يشدد القبول في الجامعات ليتحول الشباب إلى خيارات مهنية أخرى، وتحول تلك الفروع إلى كليات صناعية ومهنية؟.
على الصعيد نفسه لا تزال المعاهد والكليات التقنية دون المأمول، ينظر لها الشباب كخيار ثانوي لا يقدم لمستقبلهم ما تقدمه الجامعات، وهذا ما يجب أن تفكر فيه عميقا المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني، فليس الوطن بحاجة إلى شعراء ودعاة ومؤرخين وفنانين كحاجته إلى الصناعيين، والصناعة بحاجة إلى كوادر مميزة، تتلقى علوما عصرية وتدريبا مكثفا عاليا، يؤهل مخرجاتها لشتى المجالات الصناعية الموجودة، أو التي يحتاجها الوطن، وفي هذا السياق يجب أن تبنى استراتيجيات وزارة التعليم والمؤسسة العامة بما يتوافق والمرحلة الحالية، لاستقطاب المصانع الحكومية والخاصة إلى البيئات المختلفة، والإفادة من حماس الشباب الطموح وإعدادهم بكفاءة عالية لسوق العمل الذي نطمح أن يقيل اعتمادنا على النفط.
حين يتخرج الطالب من الثانوية، ويجد بيئة جاذبة تغريه بالعلوم التي يتلقاها، وتغريه بأنظمتها المرنة، ومكافآتها العالية، ومستقبلها الوظيفي الآمن والمبهر، سيوازن بينها وبين الجامعة التي تمنحه ميزات أقل، فيتحول ظنه أنها البوابة الوحيدة للوظائف المرموقة والمجزية، فالنظرة اليوم للكليات التقنية أنها تؤهل عمالا فقط يكدون دون مزايا، ويظلون طوال حياتهم في تلك الأعمال المرهقة، لا تمنحهم المرتبة اللائقة عسكريا ولا مدنيا في القطاع الحكومي أو الخاص، وهذا كله كفيل بصرف نظر الشباب المسكونين بعشق التقنيات الحديثة والأعمال الصناعية، وحب المغامرات والتحديات، وخسارة للوطن.
إن فرصنا التعليمية المتاحة اليوم بحاجة إلى مراجعة عميقة، فمعظم الثقافات الاجتماعية تتشكل بفعل تلك الفرص، فالناس يموجون تبعا لما يرون فيه مصالحهم وراحتهم، لذلك وجدنا تخصصات الشريعة واللغة العربية والتاريخ وعلم الاجتماع وغيرها من التخصصات النظرية منفذا للكثير من الطلاب الراغبين في الحصول على الشهادة الجامعية المؤهلة لوظيفة معلم، لأن التعليم صنع في مخيلة هؤلاء أن هذه الأقسام لا تحتاج إلى معدلات مرتفعة، ووظيفة معلم لا اشتراطات جادة لمستوى المتقدمين لها، حتى تفاقمت المشكلة، واستمرت الشكوى من تبعات ضعف مخرجات التعليم والبطالة.
لا مناص من المراجعة سواء في الجامعات أم في فروعها أم في مؤسسة التعليم الفني والتدريب المهني، فالمرحلة لا تحتمل المزيد من التسويف ولا المزيد من الأخطاء، خاصة والوطن على مشارف التحول الحقيقي في الكثير من ملامحه، وليت التعليم يكون أول تلك الملامح كي يصنع في أعماق الأبناء ثقافات إيجابية يزدهر على ضفافها الوطن بإنسانه ومكتسباته.
الحديث مع الوطنيين أصحاب التأملات والهمم يثري المتابع، وموضوعي اليوم قدحه في رأسي حديثٌ مع رجل وطني، فنحن نشكو ضعف مخرجات التعليم بصفة عامة، ولهذا أسباب جمة ترتبط بإصلاح التعليم، وبالمناهج، وبالثقافة العامة، ونشكو كذلك ضعف مخرجات التعليم العالي التي نعيدها إلى التعليم العام، لكننا مستمرون في التوسع وإطالة أمد المعضلة، ثم نشكو حجم البطالة المتراكمة، ويستغرقنا إيجاد الحلول المستحيلة!
اليوم تتوسع الجامعات بكيفية مذهلة ومخيفة وخطى ليست محسوبة في قبول الخريجين، ثم في افتتاح الفروع، وفي الثاني وجه إيجابي لنشر التعليم، وتوفير الفرص الدراسية، وتوطين الناس في أماكنهم للحد من الهجرة الداخلية، وزيادة وعي المجتمع، لكن هناك وجه آخر مخيف، حين تدفع تلك الفروع للجامعات بآلاف الخريجين سنويا، ويظلون معلقين يبحثون عن فرص وظيفية تليق بالشهادات التي حصلوا عليها، وغالبا سوق العمل لا يوفر ما يأملون، فتتكدس الأعداد عاما بعد عام، ويتضاعف الإحباط على وجوه أبنائنا تراكميا.
لا بد أن تتحرك وزارة التعليم وفق نظرية التحول الوطني، وأن تدرس التوسع في القبول وكذلك التوسع في الفروع التي تفتتحها الجامعات باستمرار، حتى الناشئة منها، ومعظمها لا تقدم جديدا لأبناء الوطن يختلف عما تقدمه الجامعات من أعوام طويلة، جلها تخصصات إنسانية نظرية، وإن افتتحت أقساما علمية تطبيقية فالإقبال عليها ضعيف ومحدود، وكذلك المخرجات لا تخدم التحول الوطني الذي يتخذ الاقتصاد والصناعة عمودا فقريا له، وهذا كله يدعو إلى إعادة النظر في تلك الفروع التي ترفع قيمة مصروفات الميزانية، ولا يقبل العمل فيها إلا القلة من الأساتذة المميزين، فلماذا لا يشدد القبول في الجامعات ليتحول الشباب إلى خيارات مهنية أخرى، وتحول تلك الفروع إلى كليات صناعية ومهنية؟.
على الصعيد نفسه لا تزال المعاهد والكليات التقنية دون المأمول، ينظر لها الشباب كخيار ثانوي لا يقدم لمستقبلهم ما تقدمه الجامعات، وهذا ما يجب أن تفكر فيه عميقا المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني، فليس الوطن بحاجة إلى شعراء ودعاة ومؤرخين وفنانين كحاجته إلى الصناعيين، والصناعة بحاجة إلى كوادر مميزة، تتلقى علوما عصرية وتدريبا مكثفا عاليا، يؤهل مخرجاتها لشتى المجالات الصناعية الموجودة، أو التي يحتاجها الوطن، وفي هذا السياق يجب أن تبنى استراتيجيات وزارة التعليم والمؤسسة العامة بما يتوافق والمرحلة الحالية، لاستقطاب المصانع الحكومية والخاصة إلى البيئات المختلفة، والإفادة من حماس الشباب الطموح وإعدادهم بكفاءة عالية لسوق العمل الذي نطمح أن يقيل اعتمادنا على النفط.
حين يتخرج الطالب من الثانوية، ويجد بيئة جاذبة تغريه بالعلوم التي يتلقاها، وتغريه بأنظمتها المرنة، ومكافآتها العالية، ومستقبلها الوظيفي الآمن والمبهر، سيوازن بينها وبين الجامعة التي تمنحه ميزات أقل، فيتحول ظنه أنها البوابة الوحيدة للوظائف المرموقة والمجزية، فالنظرة اليوم للكليات التقنية أنها تؤهل عمالا فقط يكدون دون مزايا، ويظلون طوال حياتهم في تلك الأعمال المرهقة، لا تمنحهم المرتبة اللائقة عسكريا ولا مدنيا في القطاع الحكومي أو الخاص، وهذا كله كفيل بصرف نظر الشباب المسكونين بعشق التقنيات الحديثة والأعمال الصناعية، وحب المغامرات والتحديات، وخسارة للوطن.
إن فرصنا التعليمية المتاحة اليوم بحاجة إلى مراجعة عميقة، فمعظم الثقافات الاجتماعية تتشكل بفعل تلك الفرص، فالناس يموجون تبعا لما يرون فيه مصالحهم وراحتهم، لذلك وجدنا تخصصات الشريعة واللغة العربية والتاريخ وعلم الاجتماع وغيرها من التخصصات النظرية منفذا للكثير من الطلاب الراغبين في الحصول على الشهادة الجامعية المؤهلة لوظيفة معلم، لأن التعليم صنع في مخيلة هؤلاء أن هذه الأقسام لا تحتاج إلى معدلات مرتفعة، ووظيفة معلم لا اشتراطات جادة لمستوى المتقدمين لها، حتى تفاقمت المشكلة، واستمرت الشكوى من تبعات ضعف مخرجات التعليم والبطالة.
لا مناص من المراجعة سواء في الجامعات أم في فروعها أم في مؤسسة التعليم الفني والتدريب المهني، فالمرحلة لا تحتمل المزيد من التسويف ولا المزيد من الأخطاء، خاصة والوطن على مشارف التحول الحقيقي في الكثير من ملامحه، وليت التعليم يكون أول تلك الملامح كي يصنع في أعماق الأبناء ثقافات إيجابية يزدهر على ضفافها الوطن بإنسانه ومكتسباته.