الخدمة المدنية في برنامج التحول الوطني
الخميس - 09 يونيو 2016
Thu - 09 Jun 2016
موظف الخدمة المدنية أو الموظف العام بصورته الحالية لم يتبلور إلا بعد تطور علم الإدارة في العصور الحديثة وتوسع وتعدد مجالات الوظيفة العامة. والتباين حول مفهومها لا يزال قائما منذ عشرات السنين، فهي وفقا للمفهوم الأوروبي عمل دائم ومستقر وتخضع لنظام قانوني خاص متميز ومستقل عن القانون الخاص ويخضع الموظف فيها لمجموعة من القواعد القانونية التي تعطيه حقوقا وتفرض عليه واجبات مهنية محددة، وفي القانون الأمريكي تعرف بأنها عمل يشتغل به الموظف مدة معينة، وهي ليست مستقرة أو دائمة، والموظفون فيها يخضعون لنفس النظام القانوني الذي يخضع له كل العاملين في الدولة.
والفرق بين المفهومين يتمحور حول الديمومة والاستقرار «الأمان الوظيفي»، وفي السعودية أقرب ما تكون الوظيفة العامة إلى المفهوم الأوروبي، فموظف الوظيفة العامة «الخدمة المدنية» أو ما نسميه في لغتنا «الموظف الحكومي» منذ أن يدخل الوظيفة وحتى تتم إحالته للتقاعد هو في مأمن من الإقالة أو الفصل إلا في حالات محدودة جدا كالإخلال بأخلاقيات الوظيفة العامة أو ارتكاب قضايا مخلة بالشرف والأمانة، وما دونهما لا يستوجب ذلك، فالإنتاجية ومعايير قياس الأداء لا وجود لها في البقاء والاستقرار في الوظيفة، لذا يقبل السعوديون على الوظائف الحكومية مقارنة بوظائف القطاع الخاص بحجة الأمان الوظيفي.
وإشراك وزارة الخدمة المدنية في برنامج التحول الوطني الذي أقر يوم الاثنين الماضي بهدف إعادة هيكلة الوظيفة العامة لتحسين الأداء الحكومي بشكل عام وتأسيس مبدأ الشفافية، كان مطلبا ضروريا لأن الوظيفة العامة بصورتها الحالية عرقلت نجاح كثير من المبادرات السابقة.
وإعادة هيكلة الوظيفة العامة تعني أولا إيجاد حل للمشاكل الناتجة عن الهيكلية التنظيمية والبنية المؤسساتية للإدارات الحكومية، فالهياكل التنظيمية في جميع الوزارات تعاني من عيوب تنظيمية، وتميل إلى المركزية الإدارية البيروقراطية والروتين، إلى جانب مشاكل ترتبط بقدم الأنظمة والتشريعيات التي تعمل عليها تلك الجهات، وعدم وجود إدارات للتخطيط في معظم الجهات، وما تقدمه تلك الجهات عبارة عن اجتهادات موظفين لا علاقة لهم بالتخطيط، وهي مهمة ليست باليسيرة وتتطلب طاقما عالي التأهيل للقيام بذلك، وهو ما قد لا يتوفر لدى الوزارة نفسها.
كما أن التحدي الآخر، يتمثل في استقطاب قيادات من القطاع الخاص للعمل في الوظيفة العامة، ولا أعتقد أن لدى وزارة الخدمة المدنية - حتى مع برنامج التحول الوطني - القدرة على منافسة الشركات على استقطاب القيادات الكفؤة من القطاع الخاص، ووزير الخدمة المدنية ووكلاؤها يدركون ذلك جيدا، فسقف الرواتب محدد سلفا بسلم الرواتب، والمزايا المالية لا توجد مقارنة بما يقدمه القطاع الخاص من مزايا لاستقطاب الكفاءات المميزة.
بالتأكيد، هذه التحديات لا تقلل من قيمة المبادرات التي قدمتها الوزارة لبرنامج التحول الوطني، لكن تحديد الأهداف، وترتيب الأولويات والتخطيط الجيد شرط أساسي لنجاح إعادة الهيكلة، وهذه هي أخطر مراحل الهيكلة التي يجب على وزارة الخدمة التنبه لها.
وبالعودة إلى المبادرات التي قدمتها وزارة الخدمة المدنية، والمتمثلة في وضع برنامج للحد من التباين في الرواتب والتعويضات في قطاعات الخدمة المدنية، ومشروع تحويل الموظفين الحكوميين في الأعمال المساندة إلى رياديي أعمال، إلى جانب إعداد وتطوير القيادات الإدارية، وبرنامج لإيجاد بيئة عمل محفزة، وبرنامج للتدريب عن بعد، وزيادة مشاركة المرأة في الخدمة المدنية، وبرنامج لضمان التوازن لتفضيل العمل بين القطاعين العام والخاص نجد أنها متسقة مع معظم الرؤى والدراسات التي ناقشت واقع القطاع العام طوال السنوات الماضية، وأوصت بها للخروج من مأزق ضعف الإنتاجية والبيروقراطية والتسيب الإداري وما يرتبط به من مشاكل.
على أية حال، أهداف الوزارة الاستراتيجية تتلخص في تحسين ثقافة العمل الحكومي، وتحسين رضا عملاء الوزارة ورفع مستوى الارتباط الوظيفي، ورفع كفاءة الإنفاق على الرواتب والتعويضات والمزايا، وزيادة كفاءة رأس المال البشري، إضافة إلى رفع مستوى الشراكة الاستراتيجية بين الوزارة والجهات الحكومية والقطاع الخاص، وكلها ترتبط بشكل مباشر بإعادة هيكلة الوظيفة العامة، فهي الأصل الذي سيحمل هذه الفروع، وبالتالي فإن الطريق إلى هذه الأهداف الخمسة يمر من بوابة إعادة الهيكلة.
والفرق بين المفهومين يتمحور حول الديمومة والاستقرار «الأمان الوظيفي»، وفي السعودية أقرب ما تكون الوظيفة العامة إلى المفهوم الأوروبي، فموظف الوظيفة العامة «الخدمة المدنية» أو ما نسميه في لغتنا «الموظف الحكومي» منذ أن يدخل الوظيفة وحتى تتم إحالته للتقاعد هو في مأمن من الإقالة أو الفصل إلا في حالات محدودة جدا كالإخلال بأخلاقيات الوظيفة العامة أو ارتكاب قضايا مخلة بالشرف والأمانة، وما دونهما لا يستوجب ذلك، فالإنتاجية ومعايير قياس الأداء لا وجود لها في البقاء والاستقرار في الوظيفة، لذا يقبل السعوديون على الوظائف الحكومية مقارنة بوظائف القطاع الخاص بحجة الأمان الوظيفي.
وإشراك وزارة الخدمة المدنية في برنامج التحول الوطني الذي أقر يوم الاثنين الماضي بهدف إعادة هيكلة الوظيفة العامة لتحسين الأداء الحكومي بشكل عام وتأسيس مبدأ الشفافية، كان مطلبا ضروريا لأن الوظيفة العامة بصورتها الحالية عرقلت نجاح كثير من المبادرات السابقة.
وإعادة هيكلة الوظيفة العامة تعني أولا إيجاد حل للمشاكل الناتجة عن الهيكلية التنظيمية والبنية المؤسساتية للإدارات الحكومية، فالهياكل التنظيمية في جميع الوزارات تعاني من عيوب تنظيمية، وتميل إلى المركزية الإدارية البيروقراطية والروتين، إلى جانب مشاكل ترتبط بقدم الأنظمة والتشريعيات التي تعمل عليها تلك الجهات، وعدم وجود إدارات للتخطيط في معظم الجهات، وما تقدمه تلك الجهات عبارة عن اجتهادات موظفين لا علاقة لهم بالتخطيط، وهي مهمة ليست باليسيرة وتتطلب طاقما عالي التأهيل للقيام بذلك، وهو ما قد لا يتوفر لدى الوزارة نفسها.
كما أن التحدي الآخر، يتمثل في استقطاب قيادات من القطاع الخاص للعمل في الوظيفة العامة، ولا أعتقد أن لدى وزارة الخدمة المدنية - حتى مع برنامج التحول الوطني - القدرة على منافسة الشركات على استقطاب القيادات الكفؤة من القطاع الخاص، ووزير الخدمة المدنية ووكلاؤها يدركون ذلك جيدا، فسقف الرواتب محدد سلفا بسلم الرواتب، والمزايا المالية لا توجد مقارنة بما يقدمه القطاع الخاص من مزايا لاستقطاب الكفاءات المميزة.
بالتأكيد، هذه التحديات لا تقلل من قيمة المبادرات التي قدمتها الوزارة لبرنامج التحول الوطني، لكن تحديد الأهداف، وترتيب الأولويات والتخطيط الجيد شرط أساسي لنجاح إعادة الهيكلة، وهذه هي أخطر مراحل الهيكلة التي يجب على وزارة الخدمة التنبه لها.
وبالعودة إلى المبادرات التي قدمتها وزارة الخدمة المدنية، والمتمثلة في وضع برنامج للحد من التباين في الرواتب والتعويضات في قطاعات الخدمة المدنية، ومشروع تحويل الموظفين الحكوميين في الأعمال المساندة إلى رياديي أعمال، إلى جانب إعداد وتطوير القيادات الإدارية، وبرنامج لإيجاد بيئة عمل محفزة، وبرنامج للتدريب عن بعد، وزيادة مشاركة المرأة في الخدمة المدنية، وبرنامج لضمان التوازن لتفضيل العمل بين القطاعين العام والخاص نجد أنها متسقة مع معظم الرؤى والدراسات التي ناقشت واقع القطاع العام طوال السنوات الماضية، وأوصت بها للخروج من مأزق ضعف الإنتاجية والبيروقراطية والتسيب الإداري وما يرتبط به من مشاكل.
على أية حال، أهداف الوزارة الاستراتيجية تتلخص في تحسين ثقافة العمل الحكومي، وتحسين رضا عملاء الوزارة ورفع مستوى الارتباط الوظيفي، ورفع كفاءة الإنفاق على الرواتب والتعويضات والمزايا، وزيادة كفاءة رأس المال البشري، إضافة إلى رفع مستوى الشراكة الاستراتيجية بين الوزارة والجهات الحكومية والقطاع الخاص، وكلها ترتبط بشكل مباشر بإعادة هيكلة الوظيفة العامة، فهي الأصل الذي سيحمل هذه الفروع، وبالتالي فإن الطريق إلى هذه الأهداف الخمسة يمر من بوابة إعادة الهيكلة.