عبدالله الجنيد

أنسنة الإعلام

الاثنين - 23 مايو 2016

Mon - 23 May 2016

هل أضحى الإعلام اليوم ميدان المواجهة الرئيس بين الحداثة والتقليد كما وصفته الأستاذة إيمان الحمود من على منبر برنامج (بالمختصر / mbc) حيث ملامح «الحراك» المجتمعي أكثر وضوحا بين فسطاطي الفكر الليبرالي والمتأسلم. وللأمانة، فإن توصيف «متأسلم» لتلك التيارات ليس تشكيكا في المعتقد الروحي إنما مدخل نقدي لإرث نتاجها الثقافي والفكري المتعاقب.

لكن بالعودة لآليات هذا التزاحم الفكري اجتماعيا، فإننا نجد أن أدوات التواصل الاجتماعي كانت السلاح الأمضى في ترسانة مدرسة الفكر المدني والتي أطلق عليها مسمى «ليبرالية» من قبل خصومها تفعيلا لإحدى أدوات الإقصاء الاجتماعي فعالية.

ربما قد يكون الربيع العربي أحد أهم أدوات استحثاث العصف الفكري اجتماعيا وسياسيا، لذلك نجدنا اليوم أمام متغيرات تتعاظم من حيث وقع تأثيرها مع التحولات المتواترة في فلسفة الدولة وأدوات إدارتها. فأكبر اقتصادين ضمن منظومة الخليج العربي باتا يتكاملان سياسيا رغم فوارق التنمية الاجتماعية، إلا أن الدولة الأكبر تؤكد عبر برامجها نيتها الأكيدة في تعويض ما فات من تنمية. وما كان للمملكة العربية السعودية أن تقدم على هذا المشروع الاستراتيجي لولا تأكدها من وجود قاعدة اجتماعية قادرة على توفير كل أدوات الدعم لمشروع التحول. ونعم كان للإعلام دور طليعي نسبي في عملية تحفيز تلك القاعدة العريضة، إلا أن الإعلام الفردي عبر فضاء التواصل الاجتماعي كان أبلغ أثرا في ذلك التحفيز بمن فيهم أصحابه من حزب الكنبة. فبتعاطفهم الإيجابي مع ما يثار من قضايا اجتماعية مثل حلقات مسلسل (سيلفي) في رمضان 2015، حيث كانت منصته قناة mbc إلا أن عمقه الحقيقي عربيا كان فضاء تويتر. وحتى عندما تم تهديد ناصر القصبي كان مجتمع تويتر الأسرع في التصدي لذلك الاستهداف.

هذا التزاحم ليس صراع حضارات أو منظومات قيم وفضيلة، بل هو بين مشروعين أحدهما لا ينتمي للحاضر ويرفض أي شكل من أشكال التعايش مع المخالف له لأن بنيته ومنهجه لا يحتملان ذلك. ثانيا هو لا يعترف إلا بالخضوع الكلي لإرادته من قبل الدولة قبل المجتمع. وأي منا يستطيع مراجعة التاريخ ليتأكد أن التاريخ قد يقبل لبعض الوقت بحرف مساره، لكن ذلك غير قابل للاستدامة مهما بلغت أدوات القوة الجبرية.

نحن لسنا بصدد شيطنة فكر لخدمة آخر، أو الانغماس في حرب ولاءات أيديولوجية عقيمة، لأن التاريخ الإنساني قد وصل لقناعة عدم جدوى ذلك، واليوم حاجتنا أكبر للتصالح مع التاريخ قبل أي شيء آخر.

[email protected]