زيارة أوباما إلى هيروشيما تعيد جدل القنبلة النووية
السبت - 21 مايو 2016
Sat - 21 May 2016
تثير زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما في 27 مايو الحالي إلى هيروشيما نقاشا حادا حول قرار الرئيس الأمريكي الأسبق هاري ترومان تنفيذ أول قصف نووي في التاريخ.
ففي 25 أبريل 1945، وبعد 13 يوما على وفاة فرانكلين روزفلت ووصول ترومان إلى البيت الأبيض، اطلع هذا الأخير على مذكرة سرية «مذهلة» من وزير الحرب هنري ستيمسون قال فيها حين سلمها لترومان باليد «في غضون 4 أشهر، سنكون قد صنعنا السلاح الأكثر رعبا في التاريخ البشري، قنبلة واحدة يمكنها تدمير مدينة كاملة».
وحتى تلك اللحظة، لم تكن لدى ترومان أي فكرة عن «مشروع مانهاتن» القاضي بصنع أول قنبلة ذرية في العالم، رغم أنه كان نائب روزفلت وعضوا سابقا بمجلس الشيوخ واشتهر بالتحقيق في العقود الدفاعية إبان فترة الحرب.
وفي غضون أربعة أشهر اختبرت القنبلة الذرية بنجاح، واختيرت الأهداف، وألقي «ليتل بوي» و»فات مان» على هيروشيما وناجازاكي، مما أدى لمقتل نحو 214 ألف شخص واستسلام إمبراطور اليابان هيروهيتو.
وتبقى السرعة التي اتخذ فيها ترومان قراره وظروف هذا القرار وتداعياته مثيرة للجدل.
ولا تزال غالبية الشخصيات التي ستستقبل أوباما في اليابان تعتقد أن قصف المدنيين جريمة ولم يكن ضروريا. وحض المعلقون الذين يعتبرون أن زيارة أوباما بمثابة اعتراف بالذنب، الرئيس الأمريكي على عدم تقديم اعتذار.
وكتب أستاذ التاريخ بجامعة نوتردام ويلسون ميسكامبل «عندما يزور أوباما هيروشيما في 27 مايو، ينبغي ألا يضع أي مسافة بينه وهاري ترومان. ينبغي أن يشيد بالرئيس الذي أدت إجراءاته لإنهاء حرب رهيبة».
روح انتحارية
وبالنسبة لمؤيديه، لم يكن ترومان يملك خيارات كثيرة، ففي ربيع 1945، التقت القوات الأمريكية والروسية عند نهر الإلبه، وكان أدولف هتلر محاصرا، والحرب في أوروبا توشك على النهاية.
لكن حصيلة الضحايا في المحيط الهادئ كانت مرتفعة أكثر من أي وقت مضى، ولم تظهر اليابان أي إشارات إلى الاستسلام، رغم الخسائر الفادحة والهزيمة التي كان لا مفر منها.
وقال المؤرخ والكاتب ديفيد ماكولو إن أي وحدة يابانية لم تكن قد استسلمت حتى تلك اللحظة.
بالنسبة إلى ترومان، وهو من قدامى المحاربين في الحرب الكونية الأولى، بدا أن خيار استخدام القنبلة، هو أولا وقبل كل شيء، وسيلة للاستعاضة عن غزو بري وحشي لليابان.
ولو حصل الهجوم البري الذي أطلق عليه اسم «عملية السقوط»، لكان شارك فيه مليون جندي أمريكي وما يصل إلى 2,5 مليون جندي ياباني.
ورأى المخططون العسكريون الأمريكيون في حينه أن العملية البرية ستودي بحياة ربع مليون شخص وتوسع الحرب لمدة عام أو أكثر.
وبعدما اختبرت القنبلة في نهاية يوليو بنجاح، أعطى ترومان فرصة أخيرة لليابان. وخلال لقائه بجوزف ستالين وونستون تشرشل في بوتسدام، دعا الزعماء الثلاثة طوكيو إلى «الاستسلام بلا قيد أو شرط»، أو مواجهة «التدمير الفوري والتام».
وانتظر الحلفاء بفارغ الصبر الجواب الياباني الذي أعطاه رئيس الوزراء كانتارو سوزوكي.
وعندما سأل الصحفيون سوزوكي عن موقفه، أجابهم بكلمة «موكوساتسو»، أي «لا تعليق» التي ترجمت إلى «لا يستحق التعليق».
وبحسب تقرير لوكالة الأمن القومي الأمريكي حول مخاطر سوء الفهم، جاء «قرر المسؤولون الأمريكيون الغاضبون اتخاذ إجراءات صارمة بسبب لهجة بيان سوزوكي الذي من الواضح أنهم رأوا فيه مثالا آخر على التعصب والروح الانتحارية».
أين ومتى؟
وكانت هناك أصوات ضمن الدائرة المقربة لترومان تعارض استخدام القنبلة النووية، بمن فيهم دوايت إيزنهاور، الرئيس المستقبلي الذي كان آنذاك جنرالا.
لكن ليست هناك أدلة كثيرة على أن ترومان فكر جديا بالتخلي عن ثمار برنامج كلف ملياري دولار عمل عليه روزفلت سرا على مدى سنوات، والأرجح أنه رأى في السلاح الذري امتدادا رهيبا لكن مفيدا للأسلحة التقليدية.
ولا يبدو أنه كان هناك إدراك بأن إسقاط القنبلة الذرية سيحفز سباق تسلح مع الاتحاد السوفيتي، وهو سباق سيطبع القرن الذي تلا الحرب العالمية الثانية.
وكتب المؤرخ شون مالوي: ما ناقشه القادة الأمريكيون على نطاق واسع، هو أين ومتى تستخدم القنبلة، هل ينبغي أن تستخدم ضد ألمانيا أم اليابان؟ هل ينبغي أولا إصدار تحذير؟
عندما ألقيت القنبلة، لم يذكر ترومان فورا عدد خسائر المدنيين، حتى إنه وصف بعد بضعة أيام هيروشيما بأنها «قاعدة عسكرية»، مما دفع لطرح تساؤلات حول ما إذا كان مدركا لحجم الدمار.
واستبعد البيت الأبيض أن يتطرق أوباما مجددا للقضية الأوسع وهي ما إذا كان ينبغي إسقاط القنبلة أم لا.
وحول ما إذا كان يمكن لأوباما أن يتخذ قرار ترومان، قال المتحدث جوش أرنست «أعتقد أن أوباما يبدي تقديرا لكون الرئيس ترومان اتخذ ذاك القرار للدوافع الصائبة، ترومان ركز على مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة، ووضع حدا لحرب رهيبة. وعندما اتخذ هذا القرار، كان مدركا تماما للخسائر البشرية المحتملة».
محطات لهيروشيما
ففي 25 أبريل 1945، وبعد 13 يوما على وفاة فرانكلين روزفلت ووصول ترومان إلى البيت الأبيض، اطلع هذا الأخير على مذكرة سرية «مذهلة» من وزير الحرب هنري ستيمسون قال فيها حين سلمها لترومان باليد «في غضون 4 أشهر، سنكون قد صنعنا السلاح الأكثر رعبا في التاريخ البشري، قنبلة واحدة يمكنها تدمير مدينة كاملة».
وحتى تلك اللحظة، لم تكن لدى ترومان أي فكرة عن «مشروع مانهاتن» القاضي بصنع أول قنبلة ذرية في العالم، رغم أنه كان نائب روزفلت وعضوا سابقا بمجلس الشيوخ واشتهر بالتحقيق في العقود الدفاعية إبان فترة الحرب.
وفي غضون أربعة أشهر اختبرت القنبلة الذرية بنجاح، واختيرت الأهداف، وألقي «ليتل بوي» و»فات مان» على هيروشيما وناجازاكي، مما أدى لمقتل نحو 214 ألف شخص واستسلام إمبراطور اليابان هيروهيتو.
وتبقى السرعة التي اتخذ فيها ترومان قراره وظروف هذا القرار وتداعياته مثيرة للجدل.
ولا تزال غالبية الشخصيات التي ستستقبل أوباما في اليابان تعتقد أن قصف المدنيين جريمة ولم يكن ضروريا. وحض المعلقون الذين يعتبرون أن زيارة أوباما بمثابة اعتراف بالذنب، الرئيس الأمريكي على عدم تقديم اعتذار.
وكتب أستاذ التاريخ بجامعة نوتردام ويلسون ميسكامبل «عندما يزور أوباما هيروشيما في 27 مايو، ينبغي ألا يضع أي مسافة بينه وهاري ترومان. ينبغي أن يشيد بالرئيس الذي أدت إجراءاته لإنهاء حرب رهيبة».
روح انتحارية
وبالنسبة لمؤيديه، لم يكن ترومان يملك خيارات كثيرة، ففي ربيع 1945، التقت القوات الأمريكية والروسية عند نهر الإلبه، وكان أدولف هتلر محاصرا، والحرب في أوروبا توشك على النهاية.
لكن حصيلة الضحايا في المحيط الهادئ كانت مرتفعة أكثر من أي وقت مضى، ولم تظهر اليابان أي إشارات إلى الاستسلام، رغم الخسائر الفادحة والهزيمة التي كان لا مفر منها.
وقال المؤرخ والكاتب ديفيد ماكولو إن أي وحدة يابانية لم تكن قد استسلمت حتى تلك اللحظة.
بالنسبة إلى ترومان، وهو من قدامى المحاربين في الحرب الكونية الأولى، بدا أن خيار استخدام القنبلة، هو أولا وقبل كل شيء، وسيلة للاستعاضة عن غزو بري وحشي لليابان.
ولو حصل الهجوم البري الذي أطلق عليه اسم «عملية السقوط»، لكان شارك فيه مليون جندي أمريكي وما يصل إلى 2,5 مليون جندي ياباني.
ورأى المخططون العسكريون الأمريكيون في حينه أن العملية البرية ستودي بحياة ربع مليون شخص وتوسع الحرب لمدة عام أو أكثر.
وبعدما اختبرت القنبلة في نهاية يوليو بنجاح، أعطى ترومان فرصة أخيرة لليابان. وخلال لقائه بجوزف ستالين وونستون تشرشل في بوتسدام، دعا الزعماء الثلاثة طوكيو إلى «الاستسلام بلا قيد أو شرط»، أو مواجهة «التدمير الفوري والتام».
وانتظر الحلفاء بفارغ الصبر الجواب الياباني الذي أعطاه رئيس الوزراء كانتارو سوزوكي.
وعندما سأل الصحفيون سوزوكي عن موقفه، أجابهم بكلمة «موكوساتسو»، أي «لا تعليق» التي ترجمت إلى «لا يستحق التعليق».
وبحسب تقرير لوكالة الأمن القومي الأمريكي حول مخاطر سوء الفهم، جاء «قرر المسؤولون الأمريكيون الغاضبون اتخاذ إجراءات صارمة بسبب لهجة بيان سوزوكي الذي من الواضح أنهم رأوا فيه مثالا آخر على التعصب والروح الانتحارية».
أين ومتى؟
وكانت هناك أصوات ضمن الدائرة المقربة لترومان تعارض استخدام القنبلة النووية، بمن فيهم دوايت إيزنهاور، الرئيس المستقبلي الذي كان آنذاك جنرالا.
لكن ليست هناك أدلة كثيرة على أن ترومان فكر جديا بالتخلي عن ثمار برنامج كلف ملياري دولار عمل عليه روزفلت سرا على مدى سنوات، والأرجح أنه رأى في السلاح الذري امتدادا رهيبا لكن مفيدا للأسلحة التقليدية.
ولا يبدو أنه كان هناك إدراك بأن إسقاط القنبلة الذرية سيحفز سباق تسلح مع الاتحاد السوفيتي، وهو سباق سيطبع القرن الذي تلا الحرب العالمية الثانية.
وكتب المؤرخ شون مالوي: ما ناقشه القادة الأمريكيون على نطاق واسع، هو أين ومتى تستخدم القنبلة، هل ينبغي أن تستخدم ضد ألمانيا أم اليابان؟ هل ينبغي أولا إصدار تحذير؟
عندما ألقيت القنبلة، لم يذكر ترومان فورا عدد خسائر المدنيين، حتى إنه وصف بعد بضعة أيام هيروشيما بأنها «قاعدة عسكرية»، مما دفع لطرح تساؤلات حول ما إذا كان مدركا لحجم الدمار.
واستبعد البيت الأبيض أن يتطرق أوباما مجددا للقضية الأوسع وهي ما إذا كان ينبغي إسقاط القنبلة أم لا.
وحول ما إذا كان يمكن لأوباما أن يتخذ قرار ترومان، قال المتحدث جوش أرنست «أعتقد أن أوباما يبدي تقديرا لكون الرئيس ترومان اتخذ ذاك القرار للدوافع الصائبة، ترومان ركز على مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة، ووضع حدا لحرب رهيبة. وعندما اتخذ هذا القرار، كان مدركا تماما للخسائر البشرية المحتملة».
محطات لهيروشيما
- بعد 13 يوما على وصول ترومان إلى البيت الأبيض تسلم مذكرة باليد جاء فيها «في غضون أربعة أشهر، سنكون قد صنعنا السلاح الأكثر رعبا في التاريخ البشري، قنبلة واحدة يمكنها تدمير مدينة كاملة».
- كانت هناك أصوات ضمن الدائرة المقربة للرئيس ترومان تعارض استخدام القنبلة النووية، بمن فيهم دوايت إيزنهاور، الرئيس المستقبلي الذي كان آنذاك جنرالا.
- أعطى ترومان فرصة أخيرة لليابان. وخلال لقائه ستالين وتشرشل في بوتسدام، دعا الزعماء الثلاثة طوكيو إلى الاستسلام بلا قيد أو شرط، أو مواجهة التدمير الفوري والتام.
- عندما سأل الصحفيون رئيس الوزراء الياباني كانتارو سوزوكي عن موقفه من الفرصة المتاحة، أجابهم بكلمة «موكوساتسو»، أي «لا تعليق» التي ترجمت إلى «لا يستحق التعليق».
- بالنسبة إلى ترومان، وهو من قدامى المحاربين في الحرب الكونية الأولى، بدا أن خيار استخدام القنبلة، هو أولا وقبل كل شيء، وسيلة للاستعاضة عن غزو بري وحشي لليابان.
- في غضون أربعة أشهر، اختبرت القنبلة الذرية بنجاح، واختيرت الأهداف، وألقي «ليتل بوي» و«فات مان» على هيروشيما وناجازاكي، وقتل 214 ألف شخص واستسلم إمبراطور اليابان هيروهيتو.