كيف تتشكل لغة المبدع

الخميس - 19 مايو 2016

Thu - 19 May 2016

طور نشأتي القرائية والكتابية تساءلت عن ماهيّة «الأدوات» التي تمكن كاتبا ما من أن ينفرد بقلم عتيق وأسلوب رشيق، ليبتكر لغته ويتفرد «بلؤلؤته» التي يجنيها من بحر اللغة.

بالضرورة.. أرى الكتابة تجردا وخلاصة شذرات من شتى العقول، وإعادة إنتاج على المستويين الداخلي والخارجي.. الداخلي؛ بمثابة البذرة التي تسقيها مياه العقول الأخرى، والخارجي؛ بمثابة الخضرة التي تدب في وجه الحياة، نتيجة التلاقح الإنساني والتكوين المعرفي.

وهنا توجهت بالسؤال للشاعر محمد سيدي صاحب ديوان «لعبة الأحرف»، والذي أجاب بقوله:

الأسلوب هو الرجل كما يقولون .. فلغة الإنسان منطوقة كانت أو مكتوبة هي تعبير عن شخصيته ونفسيته وطريقة تفكيره وإحساسه وشعوره ووجدانه ونظرته للأشياء من حوله وطريقة تعاطيه وتفاعله معها.. وهي أيضا تعبير عن مستوى وعيه وثقافته وحصيلته اللغوية ونوعية قراءاته وبيئته ووسطه المعيشي وفضائه الحضاري وما إلى ذلك.. علما بأن الإنسان ومع المزيد من المطالعة والبحث والمحاولة والتجريب قادر على تغيير أو تطوير لغته وأسلوبه بحيث تختلف من تجربة إبداعية إلى أخرى.. غير أن هذا أمر بالغ الصعوبة ويتطلب صبرا وجلدا ولا يتحقق عادة إلا لقلة قليلة من المبدعين.

وتظل القراءة هي المفتاح لامتلاك الرصيد اللغوي ومتانة وجزالة الأسلوب، مع الكتابة بكثرة بطبيعة الحال، حتى يتمرن القلم ويتمكن من الانطلاق ويعتاد على معالجة الأفكار وتصويرها والقدرة على إيصالها إلى الآخرين.

أما دراسة اللغة فهي مهمة حتما على ألا تجعلها عائقا أمامك. يكفيك مبدئيا أن تلم بالأصول وأن تعرف الفاعل والمفعول والمنصوب والمجرور وما إلى ذلك. وحين يتاح لك التوسع في دراستها ذات يوم فافعل. علما بأن كتابا كبارا لم يتوسعوا في دراستها بقدر ما عاشوها وعشقوها في بطون الكتب.