البارود بديلا للورد في حقول الشام
الاثنين - 16 مايو 2016
Mon - 16 May 2016
يتجول مزارعون في حقول من اللونين الأحمر والزهري لقطف الوردة الدمشقية التي صمدت على مر التاريخ ونقلت اسم العاصمة السورية إلى أفخم العطور العالمية، لكنها أصيبت بالذبول حاليا لتدخل في عداد ضحايا الحرب في سوريا.
الوردة الشامية ظلّت وفية للتراب حيث تنمو، لكنها اليوم تحتضر، بعدما قتلت الحرب الشجر والحجر والبشر وأخيرا الوردة، حسبما يقول جمال عباس، أحد المزارعين الطاعنين في السن العامل في مزارع قرية المراح في منطقة النبك شمال دمشق.
وتعد منطقة النبك، خاصة قرية المراح، ذات الغالبية التركمانية، المصدر الأساس لهذه الوردة، إلا أن الحرب حرمت عائلات عدة نشأت على زراعة الوردة الشامية من مصدر رزقها الأساس، فقطعت الطرقات إلى حقول المراح وألغي مهرجان الورد المعتاد في 2012 و2013 مع اشتداد المعارك في المنطقة.
ورغم الهدوء الذي ساد في محيط النبك منذ 2014، لم يعد إنتاج الوردة الشامية إلى سابق عهده، خاصة أن النزاع أجبر عديدا من المزارعين في قرية المراح على مغادرة أراضيهم.
وبقيت عائلات قليلة حاولت الحفاظ على البساتين والمحاصيل، بينها عائلة بيطار التي يعمل أفرادها من الأجداد إلى الأحفاد في ما تبقى من مساحات مزروعة بالورد.
حمزة بيطار (43 عاما) يقول «لقد تعلمت المشي على هذا التراب، وأنا أجني الورد منذ أن كان عمري خمس سنوات».
يتجول حمزة في حقول الوردة الدمشقية، يشرف على عمل المزارعين في قطف محصول العام الحالي المتضائل في بساتين المراح.
ويضيف «انخفضت كميات إنتاج الوردة الشامية السنوية من ثمانين طنا في 2010، إلى أقل من عشرين طنا هذا العام بسبب الحرب والجفاف».
يروي حمزة مسيرة الوردة الشامية، «كنا ننقل كثيرا من المحصول إلى سوق البزورية وسط دمشق، وهناك كانت تباع عشرات الأطنان إلى تجار لبنانيين متخصصين بنقله إلى أوروبا».
ويتابع «يعيد الفرنسيون تقطير الورد المجفف، ويدخل السائل المستخلص في صناعة العطور الفاخرة، بحيث ترد عبارة الوردة الدمشقية ضمن مكوناتها الأساسية».
آلاف من السنين
تعود الوردة الشامية إلى آلاف السنين. وانتقلت زراعتها مع الزمن إلى دول عدة بينها بلغاريا وفرنسا وإيران وتركيا.
أغرت الوردة الشامية كل من مرّ على الأراضي السورية فنقلها إلى أوروبا بشكل كبير الصليبيون منذ مئات السنين وسار على خطاهم الفرنسيون خلال فترة الانتداب في النصف الأول من القرن الماضي.
تتميز الوردة الشامية برائحة نفاذة زكية وبالإضافة إلى استخدامها في تركيب العطور، يستخدم شراب مياه الورد في الشرق في صناعة الحلويات كما في تعطير المساجد، وتعد في بعض الدول جالبة للحظ، خاصة في الأفراح، وهي تستخدم أيضا في المستحضرات الطبية الطبيعية.
اعتاد أهالي دمشق وريفها سابقا على شم رائحة الوردة الشامية أينما كانوا فقد كانت منتشرة على جوانب الطرقات وفي الحدائق وعلى شرفات المنازل، أما اليوم فغابت وإن جزئيا مع تراجع الإنتاج.
وفي سوق البزورية في دمشق القديمة، يتذكر أبوبلال (52 عاما) بحسرة «كان الورد منتشرا من جوبر إلى مرج السلطان (قرب دمشق)، كان الورد الشامي على الطرقات وفي الحدائق، أما اليوم فقد حلت رائحة البارود مكان رائحة الورد»، كما يقول أبوبلال نقلا عن أصدقاء في مدينة دوما المحاصرة من قبل قوات النظام في الغوطة الشرقية.
لم يبق في سوق البزورية سوى متجرين اثنين فقط من أصل ثمانية لتقطير الورد، فيما تعمل المحلات الأخرى في بيع الورد المجفف.
وبحسب تجار في سوق البزورية فإن استخلاص كجم واحد على الأكثر من زيت الورد يتطلب ثلاثة أطنان من الورد المجفف.
فريدة من نوعها
أغلق أبوبلال ورشته الخاصة لتقطير الورد في عين ترما في الغوطة الشرقية قرب دمشق منذ العام الأول للنزاع.
ويعمل اليوم في محل عطورات عربية بدا خاليا من المنتجات، ينفض الغبار عما بقي من بضائع في محله، ويقول «لا تجد اليوم في السوق كله أكثر من ربع كيلو زيت».
ويتابع «رغم زرعها في دول أخرى، إلا أن الوردة الشامية فريدة من نوعها، بسبب رائحتها القوية، كما أن إنتاجها للزيت يفوق شبيهاتها في الخارج».
أمضى أمين بيطار، المزارع في الثمانينات من عمره، حياته في العمل في حقول الورد في قرية المراح. يأخذ نفسا عميقا وهو ينظر إلى حقله، قائلا «تناقصت المساحات المزروعة بالوردة الشامية أكثر من 50%».
يجمع أمين الورد، ويحمله برفق ليضعه داخل سلة إلى جانبه. ويضيف بينما كان جالسا على التراب بملابسه القروية التقليدية، «العلاقة مع الورد تتعدى العلاقة الاقتصادية والبيع والشراء فحسب، بل أصبحت عاطفية، وباتت الوردة الشامية جزءا من عائلتنا».
وبقربه، يحمل جمال عباس سلته في مزارع المراح لجمع الورد، ينظر إلى الحقل أمامه ويتمنى أن يفارق الحياة قبل أن يرى ورود المراح تموت.
الوردة الشامية
الوردة الشامية ظلّت وفية للتراب حيث تنمو، لكنها اليوم تحتضر، بعدما قتلت الحرب الشجر والحجر والبشر وأخيرا الوردة، حسبما يقول جمال عباس، أحد المزارعين الطاعنين في السن العامل في مزارع قرية المراح في منطقة النبك شمال دمشق.
وتعد منطقة النبك، خاصة قرية المراح، ذات الغالبية التركمانية، المصدر الأساس لهذه الوردة، إلا أن الحرب حرمت عائلات عدة نشأت على زراعة الوردة الشامية من مصدر رزقها الأساس، فقطعت الطرقات إلى حقول المراح وألغي مهرجان الورد المعتاد في 2012 و2013 مع اشتداد المعارك في المنطقة.
ورغم الهدوء الذي ساد في محيط النبك منذ 2014، لم يعد إنتاج الوردة الشامية إلى سابق عهده، خاصة أن النزاع أجبر عديدا من المزارعين في قرية المراح على مغادرة أراضيهم.
وبقيت عائلات قليلة حاولت الحفاظ على البساتين والمحاصيل، بينها عائلة بيطار التي يعمل أفرادها من الأجداد إلى الأحفاد في ما تبقى من مساحات مزروعة بالورد.
حمزة بيطار (43 عاما) يقول «لقد تعلمت المشي على هذا التراب، وأنا أجني الورد منذ أن كان عمري خمس سنوات».
يتجول حمزة في حقول الوردة الدمشقية، يشرف على عمل المزارعين في قطف محصول العام الحالي المتضائل في بساتين المراح.
ويضيف «انخفضت كميات إنتاج الوردة الشامية السنوية من ثمانين طنا في 2010، إلى أقل من عشرين طنا هذا العام بسبب الحرب والجفاف».
يروي حمزة مسيرة الوردة الشامية، «كنا ننقل كثيرا من المحصول إلى سوق البزورية وسط دمشق، وهناك كانت تباع عشرات الأطنان إلى تجار لبنانيين متخصصين بنقله إلى أوروبا».
ويتابع «يعيد الفرنسيون تقطير الورد المجفف، ويدخل السائل المستخلص في صناعة العطور الفاخرة، بحيث ترد عبارة الوردة الدمشقية ضمن مكوناتها الأساسية».
آلاف من السنين
تعود الوردة الشامية إلى آلاف السنين. وانتقلت زراعتها مع الزمن إلى دول عدة بينها بلغاريا وفرنسا وإيران وتركيا.
أغرت الوردة الشامية كل من مرّ على الأراضي السورية فنقلها إلى أوروبا بشكل كبير الصليبيون منذ مئات السنين وسار على خطاهم الفرنسيون خلال فترة الانتداب في النصف الأول من القرن الماضي.
تتميز الوردة الشامية برائحة نفاذة زكية وبالإضافة إلى استخدامها في تركيب العطور، يستخدم شراب مياه الورد في الشرق في صناعة الحلويات كما في تعطير المساجد، وتعد في بعض الدول جالبة للحظ، خاصة في الأفراح، وهي تستخدم أيضا في المستحضرات الطبية الطبيعية.
اعتاد أهالي دمشق وريفها سابقا على شم رائحة الوردة الشامية أينما كانوا فقد كانت منتشرة على جوانب الطرقات وفي الحدائق وعلى شرفات المنازل، أما اليوم فغابت وإن جزئيا مع تراجع الإنتاج.
وفي سوق البزورية في دمشق القديمة، يتذكر أبوبلال (52 عاما) بحسرة «كان الورد منتشرا من جوبر إلى مرج السلطان (قرب دمشق)، كان الورد الشامي على الطرقات وفي الحدائق، أما اليوم فقد حلت رائحة البارود مكان رائحة الورد»، كما يقول أبوبلال نقلا عن أصدقاء في مدينة دوما المحاصرة من قبل قوات النظام في الغوطة الشرقية.
لم يبق في سوق البزورية سوى متجرين اثنين فقط من أصل ثمانية لتقطير الورد، فيما تعمل المحلات الأخرى في بيع الورد المجفف.
وبحسب تجار في سوق البزورية فإن استخلاص كجم واحد على الأكثر من زيت الورد يتطلب ثلاثة أطنان من الورد المجفف.
فريدة من نوعها
أغلق أبوبلال ورشته الخاصة لتقطير الورد في عين ترما في الغوطة الشرقية قرب دمشق منذ العام الأول للنزاع.
ويعمل اليوم في محل عطورات عربية بدا خاليا من المنتجات، ينفض الغبار عما بقي من بضائع في محله، ويقول «لا تجد اليوم في السوق كله أكثر من ربع كيلو زيت».
ويتابع «رغم زرعها في دول أخرى، إلا أن الوردة الشامية فريدة من نوعها، بسبب رائحتها القوية، كما أن إنتاجها للزيت يفوق شبيهاتها في الخارج».
أمضى أمين بيطار، المزارع في الثمانينات من عمره، حياته في العمل في حقول الورد في قرية المراح. يأخذ نفسا عميقا وهو ينظر إلى حقله، قائلا «تناقصت المساحات المزروعة بالوردة الشامية أكثر من 50%».
يجمع أمين الورد، ويحمله برفق ليضعه داخل سلة إلى جانبه. ويضيف بينما كان جالسا على التراب بملابسه القروية التقليدية، «العلاقة مع الورد تتعدى العلاقة الاقتصادية والبيع والشراء فحسب، بل أصبحت عاطفية، وباتت الوردة الشامية جزءا من عائلتنا».
وبقربه، يحمل جمال عباس سلته في مزارع المراح لجمع الورد، ينظر إلى الحقل أمامه ويتمنى أن يفارق الحياة قبل أن يرى ورود المراح تموت.
الوردة الشامية
- تعود الوردة إلى آلاف السنين
- انخفضت كميات إنتاجها من ثمانين طنا إلى أقل من عشرين
- تناقصت مساحاتها المزروعة أكثر من 50%
- تعد منطقة النبك المصدر الأساس لها