الحرب على الإرهابيين اختبار للديمقراطية في تونس

الأحد - 15 مايو 2016

Sun - 15 May 2016

شنت الشرطة التونسية بعد أربعة أيام من قتل إرهابيين 21 سائحا بالرصاص في متحف باردو بتونس العام الماضي حملة اعتقالات شملت عشرات الأشخاص الذين يشتبه في صلاتهم بالمسلحين.

أحد من الذين ألقي القبض عليهم عامل أخذوه من بيته في تونس، وقال الرجل الذي نفى أي صلة له بالمتشددين إنه نقل إلى مركز احتجاز تابع للشرطة، حيث ربطوه في قضيب من المعدن وأوسعوه ضربا على رأسه وقدميه بأنبوب.

وذكر العامل، برفقة محاميه، والذي أفرج عنه الشهر الماضي أنه قال في الاحتجاز كل ما تريده القوات الأمنية، وإنه مذنب فقط ليتوقفوا عن تعذيبه، وأضاف «لم يكن لدي أي اختيار آخر».

صعوبة الموازنة

وفي وقت تعترف فيه الحكومة التونسية بأن الانتهاكات تحدث أحيانا، تشير بعض الانتهاكات التي حدثت في الآونة الأخيرة إلى صعوبة الطريق الذي تمضي فيه تونس لتحقق هدفين متزامنين هما تعزيز الديمقراطية الوليدة التي جاءت بعد انتفاضة 2011 ومحاربة الإرهابيين.

ومثل فرنسا وبلجيكا وغيرهما من الدول ضحايا التفجيرات والهجمات تحاول تونس أن تصل لطريقة تحمي بها الناس وفي نفس الوقت تحمي حقوقهم.

وهذه العملية أصعب بكثير في دولة تحاول أجهزتها الأمنية أن تلقي وراء ظهرها بتاريخ من الانتهاكات. وبينما تحمل الشرطة على الإرهابيين توجد مخاطرة بأن تتسبب انتهاكاتها في تقويض العملية الديمقراطية في البلاد.

وتتحدث منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان، بينها منظمة العفو الدولية ومحامون عن ظهور انتهاكات في مراكز الاحتجاز الشرطية وكذلك عن اعتقالات تعسفية وتعذيب، مما يقوض العملية الديمقراطية الجديدة.

وفيما بين المحامي أنور أولاد علي الذي يدافع عن متشددين عندما يتعلق الأمر بالحرب على الإرهاب بعض الناس يقولون دع حقوق الإنسان جانبا، أشارت الحكومة إلى أن كثيرا من العمل مطلوب لوقف الانتهاكات.

وفي أبريل شكلت لجنة مستقلة لمنع التعذيب وغيره من الانتهاكات في مبادرة أشادت بها الأمم المتحدة.

وأوضح عمر منصور وزير العدل الأسبوع الماضي عند زيارته لسجن للنساء كثير من المحتجزات فيه ألقي القبض عليهن بتهم تتصل بالإرهاب وشكون من تعرضهن للضرب «نعم هناك بعض حالات التعذيب وسوء المعاملة ولكنها ليست ممارسات ممنهجة

ولا استراتيجية، هناك حالات فردية ونحن نعمل مع منظمات المجتمع المدني لوقف مثل هذه الممارسات».

وقليل من الناس هم من يتهمون تونس بالعودة إلى أسوأ أيام الماضي عندما تصرفت الأجهزة الأمنية في ظل حكم زين العابدين بن علي دون خوف من حساب.

وفي نفس الوقت تسبب التهديد الذي يمثله الإرهابيون في مطالبة كثير من الناس بحملة أشد عليهم، ومنذ هجوم باردو شن الإرهابيون ثلاث هجمات قتلوا في أحدها عددا من السياح بأحد شواطئ منتجع سوسة ونفذوا في الثاني تفجيرا انتحاريا في تونس العاصمة وأغاروا في الثالث على مدينة حدودية.

سلطات أوسع

لا ريب في أن تونس تواجه تهديدا من المتشددين، وغادر البلاد أكثر من 4000 مواطن للقتال في صفوف تنظيم داعش وغير ذلك من الجماعات في العراق وسوريا وليبيا.

ومن شأن حالة الطوارئ التي مددت منذ الهجوم على فندق سوسة إعطاء جهاز أمن الدولة سلطات أوسع في مجال إلقاء القبض على الأشخاص واعتقال المشتبه بهم. ونص قانون جديد لمكافحة الإرهاب على جعل فترة الحبس الاحتياطي التي تسبق المحاكمة 15 يوما.

لقد حقق الجيش التونسي تقدما في مكافحة الإرهاب، ويرجع الفضل في ذلك جزئيا إلى تدريب من دول غربية شمل أساليب حماية الحدود، لكن الشرطة لم تحقق مثل هذا التقدم بل أعادت إلى الخدمة ضباطا عملوا في عهد بن علي لتعزز صفوف فرق المباحث بها.

وعن ذلك قال مسؤول أمني تونسي كبير لـ»رويترز» «هم يقدمون المساعدة والخبرة في مجال بسط الأمن ومكافحة الإرهاب».

وأضاف «فعلا هناك تجاوزات وانتهاكات وسوء معاملة وتعذيب ولكنها حالات فردية معزولة، كل الحالات التي تثبت يعاقب مرتكبوها».

وقال كمال الجندوبي الوزير المكلف بحقوق الإنسان إن بلاده تحاول إقامة توازن بين الأمن وحقوق الإنسان. لكنه أقر بوجود صعوبات، مضيفا «كيف يمكن محاربة مجموعات إرهابية تبحث عن الموت؟ وكيف عليك أن تفعل ذلك في احترام لحقوق الإنسان؟ حين نعتقل أحدا، فإننا نتعامل معه وفقا لمبادئ حقوق الإنسان».

تعزيز التشدد

يخشى النشطاء أن يكون من شأن الانتهاكات الأمنية حتى إن كانت حالات معزولة تعزيز دعاية المتشددين

لا سيما أن تونس لا تزال تكابد للحد من البطالة بين الشباب والتغلب على الأزمة الاقتصادية التي كانت من أسباب انتفاضة 2011.

ويكون الأثر سيئا عندما تكون الانتهاكات بارزة مثل حالة سفيان المليتي لاعب كرة القدم السابق الذي شارك في مباريات كأس العالم 2006 وفي عشرات المباريات الدولية، إذ إن في أواخر مارس داهمت قوات مكافحة الإرهاب منزل المليتي وألقته في سجن بتونس العاصمة قال إنه تعرض فيه لإهانات لفظية وأجبر على الركوع لساعات، كما قيل له إنه متصل بالمتشددين الذين هاجموا بن قردان، وبعد خمسة أيام أفرج عن المليتي دون توجيه اتهام.

وبين المليتي إذا كان هذا قد حدث مع شخص مشهور فكيف سيكون التعامل مع أشخاص عاديين ليس لهم من يساعدهم».

وتساءل: أين هي الحقوق وأين السلطات من كل ما يجري؟ فيما ذكر متحدث باسم الشرطة أنه لا تعليق لديه على حالة المليتي.

«نعم هناك بعض حالات التعذيب وسوء المعاملة، ولكنها ليست ممارسات ممنهجة ولا استراتيجية، هناك حالات فردية، ونحن نعمل مع منظمات المجتمع المدني لوقف مثل هذه الممارسات».

عمر منصور - وزير العدل التونسي