مها الزهراني

أهمية التغلب على المعوّقات في تنفيذ الأحكام الإدارية

الأربعاء - 11 مايو 2016

Wed - 11 May 2016

أعلنت رؤية المملكة العربية السعودية 2030 وما تضمنته من أهداف ورسم استراتيجيات للتنمية الاقتصادية أمام تحديات من أهمها تحديث الأنظمة واللوائح، وإيجاد تشريعات تسهم في إزالة المعوقات التي تواجه المستثمر وشركات القطاع الخاص في تنفيذ الأحكام الصادرة ضد جهة الإدارة، والتي يعاني منها المواطن أيضا، حيث إن الأحكام القضائية الصادرة ضد الأفراد ومؤسسات القطاع الخاص يمكن تنفيذها بالوسائل الجبرية التي جاءت بها مواد نظام التنفيذ السعودي، بينما يحظر استعمال قوة التنفيذ الجبري ضد الإدارة العامة، وفي ذات الوقت لا توجد وسائل خاصة بتنفيذ الأحكام الإدارية في النظام السعودي، مما أدى إلى تأخير تنفيذ بعض أحكام ديوان المظالم، بينما اتجهت التشريعات المقارنة، واجتهد قضاؤها في إيجاد حلول أخرى فعالة لضمان تنفيذ الإدارة للأحكام القضائية.

ولذلك كثيرا ما يواجه المحكوم له صعوبات في تنفيذ الحكم القضائي الصادر ضد الإدارة؛ بالرغم من استقرار ديوان المظالم في العديد من أحكامه على أن عدم تنفيذ الإدارة للحكم القضائي يمثل قرارا سلبيا مخالفا للقانون، وخطأ يستوجب قيام مسؤوليتها، وتكون مواجهته عن طريق إقامة دعوى جديدة بإلغاء هذا القرار. ولكن ما هو الحل إذا لم يتم تنفيذ الحكم الصادر بالإلغاء مرة أخرى؟! حدث ذلك في فرنسا عندما كان يواجه مجلس الدولة الفرنسي قرارات امتناع الإدارة عن التنفيذ برقابة الإلغاء التقليدية، فوصل به الأمر إلى أن يلغي قرارا إداريا بفصل أحد الموظفين سبع مرات! مما حدا بالمشرع الفرنسي إلى خلق وسائل فعالة كالغرامة التهديدية التي حققت نجاحا ملحوظا في إلزام الإدارة بتنفيذ الأحكام القضائية.

وحتى تعفى الإدارة من هذه المسؤولية فإنه لا بد أن يستند عدم تنفيذها للأحكام القضائية على مبررات مشروعة تخضع لرقابة القضاء الإداري، بحيث تكون هذه المبررات مستمدة من فكرة المصلحة العامة، أو متعلقة بالأمن والنظام العام، أو متعلقة بصعوبات قانونية تتمثل غالبا في الواقع العملي بغموض الحكم وعدم فهم معناه الصحيح، أو صعوبات واقعية تؤدي إلى استحالة تنفيذ الحكم القضائي؛ أي استحالة إعادة الحال إلى ما ينبغي أن تكون عليه، كأن تصدر جامعة قرارا بحرمان طالب من دخول الامتحان فيصدر حكم بإلغاء هذا القرار، إلا أن الجامعة لن تستطيع تنفيذ الحكم؛ لأن الامتحانات تكون قد انتهت ولن يتمكن الطالب حينها من دخول الامتحانات.

وأما المنظم السعودي فقد اتجه إلى تقرير المسؤولية الجنائية على الموظف الممتنع عن تنفيذ الأحكام القضائية، فجاءت المادة (89) من نظام التنفيذ الصادر بالمرسوم الملكي (م/53) وتاريخ 13/8/1433هـ تنص على معاقبة الموظف المرتكب لجريمة الامتناع عن تنفيذ الأحكام القضائية بالسجن لمدة لا تزيد على سبع سنوات، بالإضافة إلى اعتبارها من الجرائم المخلة بالأمانة. ولكن هناك معضلة تتمثل في استبعاد تنفيذ الأحكام الإدارية من نظام التنفيذ وفقا للمادة (2) من ذات النظام التي تنص على: (عدا الأحكام والقرارات الصادرة في القضايا الإدارية والجنائية، يختص قاضي التنفيذ بسلطة التنفيذ الجبري والإشراف عليه، ويعاونه في ذلك ما يكفي من مأموري التنفيذ، وتتبع أمامه الأحكام الواردة في نظام المرافعات الشرعية ما لم ينص هذا النظام على خلاف ذلك). ولذلك نأمل كحل مقترح أن يقوم المنظم السعودي بتوسيع اختصاصات قاضي التنفيذ في المادة (2) من نظام التنفيذ، ليشمل صلاحية قبول طلبات تنفيذ الأحكام الإدارية والإشراف عليها مع الأخذ بالاعتبار مركز الإدارة وأهمية وظيفتها الأساسية في تحقيق المصلحة العامة.