عبدالله الجنيد

حرب النفط 3 (سقف الإنتاج V الإرادة السياسية)

الاثنين - 09 مايو 2016

Mon - 09 May 2016

عندما أصدرت وزارة التجارة الأمريكية في 30 ديسمبر 2014 قرارها بالسماح للشركات الأمريكية المنتجة للنفط بتصدير ما لا يتجاوز المليون برميل من النفط الخفيف يوميا كان ذلك بمثابة خطوة تصعيدية في حرب الأسعار القائمة، حتى مع تعارض ذلك والاستراتيجية الأمريكية في التعامل مع مخزونها النفطي (المؤجل إنتاجه) كاحتياطي استراتيجي. ومن جهة أخرى لارتفاع كلفة الإنتاج (كلفة الرفع Lifting Cost) مقارنة بسعر المستورد من الشرق الأوسط أو أمريكا الجنوبية.

قراءة القرار يجب أن تكون سياسية لا اقتصادية في حرب الإرادات المستعرة وغير المعلنة بين أقطاب منتجي النفط، خصوصا بعد دخول إدارة الرئيس أوباما مرحلة ما يسمى بـ»البطة العرجاء» في العرف الأمريكي. حينها كان يبدو أن الرئيس أوباما أراد التلويح للسعودية بقدرة بلاده على توظيف سياسة إغراق السوق لما له من علاقة طردية بالسعر، ومن جانبها حرصت السعودية حتى آخر زيارة للرئيس أوباما للرياض على التذكير أن «لا تغير في سياستها النفطية»، أي حتى يتفق الكبار من داخل أوبك وخارجها على الالتزام بسقف إنتاج موحد فإن السعودية لن تقبل بخفض إنتاجها على حساب حصتها السوقية. وقد أثبت مؤتمرا الدوحة فشلهما في التوصل إلى صيغة تعهد ملزم بسقف إنتاج لكل أنواع النفوط، والمشهد الآن أكثر تعقيدا بعد تحول حرب الأسعار والإنتاج إلى أدوات سياسية من قبل الاتحاد الروسي وإيران في ملفي سوريا وخلافهما.

الانهيار تجاوز قطاع النفط الصخري إلى التقليدي، مما سوف يضغط بإعادة التفكير في صياغة تعهدات «دول» لضبط سقف الإنتاج من قبل الجميع، وقد لا يكون مستحيلا افتراض دور تكاملي بين اتحاد منتجي النفط الصخري والتقليدي بالتنسيق مع وزارة التجارة الأمريكية كطرف واحد لأجل ذلك. وقد تكون تلك هي أحد الأمور التي ناقشها الوزير النعيمي خلال مشاركته في المؤتمر السنوي لمنتجي النفط الصخري في فبراير المنصرم. فاليوم كارتلات النفط أدركت استحالة استخدام سعر النفط إعلاميا بتحويل الرأي العام الأمريكي كأداة ضغط سياسي على السعودية كما حدث في 1973، لأن المستهلك الأمريكي هو أكبر الرابحين من هذه الحرب القائمة الآن. كذلك لم يتحصل الروس أو الإيرانيون على عائد سياسي قابل للتوظيف في ملفي سوريا أو القرم. فروسيا وإيران حاولتا أكثر من مرة كان آخرها الضغط المباشر من إيران على السعودية قبل انطلاق أعمال قمة الدوحة لمنتجي النفط أبريل الماضي. فالدوافع الإيرانية محض سياسية، ولو قدر لها النجاح في مغامرتها تلك لحسبت إنجازا غير مسبوق في تاريخ العلاقات السعودية الإيرانية لصالح إيران، بل وإثبات ما تدعيه من سطوة إقليمية.

في حين كان الجميع مشغولا فيمن سينجح في مناورة الضغط على السعودية أعلنت تطليقها للاقتصاد الريعي بكل أشكاله وأوله النفط عبر رؤيتها 2030. ربما بات حريا بنا إعادة تذكير البعض بأمرين، أولهما عدد الدول الراغبة في العودة إلى عضوية أوبك، ثانيا تذكير البعض بما قاله الرئيس كلينتون في1992 «إنه الاقتصاد يا أبله Its the economy dummy »، وعلى الجمهورية الإيرانية وروسيا فهم ذلك بمراجعة مستويات التضخم وحجم الدين العام في كل منهما.

[email protected]