البطالة ومنظومة التعليم وغياب الإصلاح ثالوث تطرف الشباب العربي
الأربعاء - 04 مايو 2016
Wed - 04 May 2016
منذ سنوات عدة تسعى منظمات عربية، مثل منظمة العمل العربي، ومنظمات أخرى حكومية وغير حكومية لوضع استراتيجية عربية شاملة لمواجهة تنامي ظاهرة التطرف الفكري في أوساط الشباب العربي.
البحث عن الجذور
وتحاول تلك المنظمات من خلال الندوات الفكرية، والحلقات الدراسية، والمؤتمرات، البحث عن أسباب وجذور التطرف الفكري الذي يقود نحو التحاق المزيد من الشباب بالمنظمات الإرهابية. خبراء ومراقبون من دول عربية عدة رصدوا أهم أسباب التطرف في أوساط الشباب العربي، وذكروا منها منظومة التعليم السائدة، وارتفاع معدل البطالة، وغياب الإصلاح السياسي الحقيقي.
وبينما حمل هؤلاء الخبراء والمراقبون الأنظمة العربية جزءا كبيرا من المسؤولية عن ظاهرة التطرف، ألقوا جزءا من المسؤولية على الدول الكبرى بسبب سياسة ازدواجية المعايير التي تتبعها في التعامل مع العرب والمسلمين، وما تكرسه من شعور بالإحباط والظلم لدى كثير من الشباب العربي.
استراتيجية موحدة
رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام (تكامل مصر)، وهو مركز بحثي مستقل، الباحث مصطفى حضري، عد البطالة مقوما أساسيا من مقومات تنامي الفكر المتطرف بين الشباب العربي. واستبعد حضري إمكانية اتفاق الدول العربية على استراتيجية عربية موحدة لمواجهة البطالة، واصفا ذلك بأنه حلم بعيد المنال يصعب تحقيقه. وأوضح أن من أهم الأسباب التي تدفعه نحو الاعتقاد بصعوبة اتفاق الدول العربية على استراتيجية موحدة لمواجهة التطرف، واقع الانشطار العمودي بالعالم العربي بين مستويين من الدخل المتباين لحد بعيد، بين دول نفطية يتمتع مواطنوها بدخل مرتفع، ودول أخرى يتدنى مستوى دخل الفرد فيها لمستويات مخيفة.
بطالة مستشرية
ووفق رأيه فإن ثورات الربيع العربي انطلقت عام 2011 في ظروف بطالة مستشرية منذ عقود في أوساط شريحة مهمة من الشباب العربي الذي وجد في انطلاق هذه الثورات ما يعبر حقيقة عن تطلعاته وطموحاته في العيش الكريم.
وأضاف «هؤلاء الشباب كانوا وقود الثورات العربية التي أصابها بعض النكوص، فهو لا يعني الكثير أمام مؤشرات حتمية انطلاق ثورات أخرى بقيادات شبابية واعية اكتسبت ما يكفي من الخبرة لإحداث تغيير حقيقي في تركيبة المجتمعات العربية».
أنظمة غير مكترثة
وجه الباحث المصري انتقادات لمؤسسات المجتمع المدني والجماعات الدينية والسياسية بالعالم العربي، معتبرا أنها لا تعطي أولوية ضمن أهدافها لمحاربة البطالة والقضاء عليها.
وفي ظل هذا الواقع الذي لا تلقى فيه قضية مكافحة بطالة الشباب، أحد المقومات الأساسية لتنامي الفكر المتطرف، اهتماما من الأنظمة العربية ولا مؤسسات المجتمع المدني، حسب حضري، شدد على أن مواجهة هذه الأزمات لا يمكن أن تتحقق إلا بوضع شعار الإسلام هو الحل موضع التجسيد العملي، بما يتضمنه من مقومات نجاح تتمثل في التكافل المجتمعي، والزكاة التشغيلية، وإحياء الأرض الموات (إعمارها واستصلاحها)، وغير ذلك مما يحفل به الإسلام من حلول جذرية لما تعانيه مجتمعاتنا اليوم من بطالة وتراجع في معدلات التنمية وغيرها.
30 % عاطلون
وبينما تصل نسبة البطالة بين الشباب على مستوى العالم إلى 13% وفق تقرير أصدرته منظمة العمل الدولية بعنوان اتجاهات الاستخدام العالمية للشباب لعام 2015، قال المدير العام لمنظمة العمل العربية أحمد محمد لقمان، على هامش مؤتمر عن سوق العمل العربي بالكويت، في أبريل 2015، إن أكثر من 30 % من الشبان العرب يعانون من البطالة.
شراء الذمم
الخبير الاقتصادي السوري حافظ قرقوط، أيضا، حمل الأنظمة العربية المسؤولية عن تنامي الإرهاب بالمفهوم السائد. وأرجع ذلك إلى عدم تبني هذه الأنظمة لسياسات الإصلاح السياسي بشكل جدي، في الوقت الذي تلتف فيه على الإصلاح السياسي الحقيقي بشراء ذمم بعض المثقفين لإلقاء تهمة الإرهاب على شريحة الشباب، وتبرئة الأنظمة من مسؤوليتها الحقيقية في دفع الشباب نحو تبني الفكر المتطرف والانخراط في صفوف الجماعات الإرهابية، حسب قوله.
غياب لغة العصر
قرقوط قدم في حديثه تشخيصا قاتما لواقع الشباب في معظم البلدان العربية، حيث رأى أنهم يعيشون حالة إحباط عامة لأسباب تتعلق بعدم توفر مستلزمات الحياة التي تجعله جزءا من العصر الذي يعيشه، وعدم امتلاكه الأدوات التي تساعده على التفاعل مع شروط الحياة المتبدلة بشكل سريع. وأشار، في هذا الصدد، إلى عدم وجود خطط تنموية عامة في الإدارات والمؤسسات الحكومية بالدول العربية وغيرها بما يلائم لغة هذا العصر. وأكد على إحباط يعيشه هذا الجيل والأجيال التي سبقته لغياب التنمية المستدامة بالبلدان العربية التي لم تستغل الثورة التكنولوجية وثورة الاتصالات، بما يؤسس لتنمية اقتصادية واجتماعية حقيقية تتكفل بنقل أبناء المجتمع من واقعهم لواقع أفضل على كل المستويات.
التعليم والتطرف
يونس كوركي القيادي في «الاتحاد التونسي العام للشغل» ركز على منظومة التعليم في العالم العربي كأحد أهم أسباب جنوح شباب المنطقة نحو التطرف.
وقال إن أزمة الشباب العربي وجنوحه نحو التطرف الفكري يعودان إلى غياب الأسس السليمة لاستراتيجية وطنية يختص بها كل بلد عربي، كجزء من استراتيجية عربية شاملة تخص كل البلدان العربية لإصلاح حقيقي في منظومة التعليم.
كوركي دعا الأنظمة والحكومات العربية إلى تبني سياسة دعم الحراك الاجتماعي بالأوساط الشبابية، وتعزيز الحوار الوطني لتفهم مشاكل الشباب. وحذر من أنه من غير ذلك فإن مجتمعاتنا ستشهد انضمام المزيد من الشباب لصفوف المجموعات الإرهابية.
«معظم الأنظمة العربية تسعى لتكريس واقع البطالة والفقر كسياسة تحرص عليها من منطلق السعي للتحكم في الشعوب».
مصطفى حضري - رئيس مركز تكامل مصر
«أساليب التعليم ما زالت تغرق في نبش الماضي، أو في الأسلوب الحفظي البصمي الثقيل، الذي لم يترك لمكونات العقل الإنساني فرصة للتأمل والإبداع».
حافظ قرقوط - خبير اقتصادي سوري
البحث عن الجذور
وتحاول تلك المنظمات من خلال الندوات الفكرية، والحلقات الدراسية، والمؤتمرات، البحث عن أسباب وجذور التطرف الفكري الذي يقود نحو التحاق المزيد من الشباب بالمنظمات الإرهابية. خبراء ومراقبون من دول عربية عدة رصدوا أهم أسباب التطرف في أوساط الشباب العربي، وذكروا منها منظومة التعليم السائدة، وارتفاع معدل البطالة، وغياب الإصلاح السياسي الحقيقي.
وبينما حمل هؤلاء الخبراء والمراقبون الأنظمة العربية جزءا كبيرا من المسؤولية عن ظاهرة التطرف، ألقوا جزءا من المسؤولية على الدول الكبرى بسبب سياسة ازدواجية المعايير التي تتبعها في التعامل مع العرب والمسلمين، وما تكرسه من شعور بالإحباط والظلم لدى كثير من الشباب العربي.
استراتيجية موحدة
رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام (تكامل مصر)، وهو مركز بحثي مستقل، الباحث مصطفى حضري، عد البطالة مقوما أساسيا من مقومات تنامي الفكر المتطرف بين الشباب العربي. واستبعد حضري إمكانية اتفاق الدول العربية على استراتيجية عربية موحدة لمواجهة البطالة، واصفا ذلك بأنه حلم بعيد المنال يصعب تحقيقه. وأوضح أن من أهم الأسباب التي تدفعه نحو الاعتقاد بصعوبة اتفاق الدول العربية على استراتيجية موحدة لمواجهة التطرف، واقع الانشطار العمودي بالعالم العربي بين مستويين من الدخل المتباين لحد بعيد، بين دول نفطية يتمتع مواطنوها بدخل مرتفع، ودول أخرى يتدنى مستوى دخل الفرد فيها لمستويات مخيفة.
بطالة مستشرية
ووفق رأيه فإن ثورات الربيع العربي انطلقت عام 2011 في ظروف بطالة مستشرية منذ عقود في أوساط شريحة مهمة من الشباب العربي الذي وجد في انطلاق هذه الثورات ما يعبر حقيقة عن تطلعاته وطموحاته في العيش الكريم.
وأضاف «هؤلاء الشباب كانوا وقود الثورات العربية التي أصابها بعض النكوص، فهو لا يعني الكثير أمام مؤشرات حتمية انطلاق ثورات أخرى بقيادات شبابية واعية اكتسبت ما يكفي من الخبرة لإحداث تغيير حقيقي في تركيبة المجتمعات العربية».
أنظمة غير مكترثة
وجه الباحث المصري انتقادات لمؤسسات المجتمع المدني والجماعات الدينية والسياسية بالعالم العربي، معتبرا أنها لا تعطي أولوية ضمن أهدافها لمحاربة البطالة والقضاء عليها.
وفي ظل هذا الواقع الذي لا تلقى فيه قضية مكافحة بطالة الشباب، أحد المقومات الأساسية لتنامي الفكر المتطرف، اهتماما من الأنظمة العربية ولا مؤسسات المجتمع المدني، حسب حضري، شدد على أن مواجهة هذه الأزمات لا يمكن أن تتحقق إلا بوضع شعار الإسلام هو الحل موضع التجسيد العملي، بما يتضمنه من مقومات نجاح تتمثل في التكافل المجتمعي، والزكاة التشغيلية، وإحياء الأرض الموات (إعمارها واستصلاحها)، وغير ذلك مما يحفل به الإسلام من حلول جذرية لما تعانيه مجتمعاتنا اليوم من بطالة وتراجع في معدلات التنمية وغيرها.
30 % عاطلون
وبينما تصل نسبة البطالة بين الشباب على مستوى العالم إلى 13% وفق تقرير أصدرته منظمة العمل الدولية بعنوان اتجاهات الاستخدام العالمية للشباب لعام 2015، قال المدير العام لمنظمة العمل العربية أحمد محمد لقمان، على هامش مؤتمر عن سوق العمل العربي بالكويت، في أبريل 2015، إن أكثر من 30 % من الشبان العرب يعانون من البطالة.
شراء الذمم
الخبير الاقتصادي السوري حافظ قرقوط، أيضا، حمل الأنظمة العربية المسؤولية عن تنامي الإرهاب بالمفهوم السائد. وأرجع ذلك إلى عدم تبني هذه الأنظمة لسياسات الإصلاح السياسي بشكل جدي، في الوقت الذي تلتف فيه على الإصلاح السياسي الحقيقي بشراء ذمم بعض المثقفين لإلقاء تهمة الإرهاب على شريحة الشباب، وتبرئة الأنظمة من مسؤوليتها الحقيقية في دفع الشباب نحو تبني الفكر المتطرف والانخراط في صفوف الجماعات الإرهابية، حسب قوله.
غياب لغة العصر
قرقوط قدم في حديثه تشخيصا قاتما لواقع الشباب في معظم البلدان العربية، حيث رأى أنهم يعيشون حالة إحباط عامة لأسباب تتعلق بعدم توفر مستلزمات الحياة التي تجعله جزءا من العصر الذي يعيشه، وعدم امتلاكه الأدوات التي تساعده على التفاعل مع شروط الحياة المتبدلة بشكل سريع. وأشار، في هذا الصدد، إلى عدم وجود خطط تنموية عامة في الإدارات والمؤسسات الحكومية بالدول العربية وغيرها بما يلائم لغة هذا العصر. وأكد على إحباط يعيشه هذا الجيل والأجيال التي سبقته لغياب التنمية المستدامة بالبلدان العربية التي لم تستغل الثورة التكنولوجية وثورة الاتصالات، بما يؤسس لتنمية اقتصادية واجتماعية حقيقية تتكفل بنقل أبناء المجتمع من واقعهم لواقع أفضل على كل المستويات.
التعليم والتطرف
يونس كوركي القيادي في «الاتحاد التونسي العام للشغل» ركز على منظومة التعليم في العالم العربي كأحد أهم أسباب جنوح شباب المنطقة نحو التطرف.
وقال إن أزمة الشباب العربي وجنوحه نحو التطرف الفكري يعودان إلى غياب الأسس السليمة لاستراتيجية وطنية يختص بها كل بلد عربي، كجزء من استراتيجية عربية شاملة تخص كل البلدان العربية لإصلاح حقيقي في منظومة التعليم.
كوركي دعا الأنظمة والحكومات العربية إلى تبني سياسة دعم الحراك الاجتماعي بالأوساط الشبابية، وتعزيز الحوار الوطني لتفهم مشاكل الشباب. وحذر من أنه من غير ذلك فإن مجتمعاتنا ستشهد انضمام المزيد من الشباب لصفوف المجموعات الإرهابية.
«معظم الأنظمة العربية تسعى لتكريس واقع البطالة والفقر كسياسة تحرص عليها من منطلق السعي للتحكم في الشعوب».
مصطفى حضري - رئيس مركز تكامل مصر
«أساليب التعليم ما زالت تغرق في نبش الماضي، أو في الأسلوب الحفظي البصمي الثقيل، الذي لم يترك لمكونات العقل الإنساني فرصة للتأمل والإبداع».
حافظ قرقوط - خبير اقتصادي سوري