4 خيارات لبوتين في سوريا بعد الانسحاب
الجمعة - 22 أبريل 2016
Fri - 22 Apr 2016
يعتقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بصدق أن الدعم الغربي للديمقراطية في سوريا وغيرها من الدول ليس سوى تمويه لإسقاط الأنظمة، بما في ذلك نظامه، وبحسب رأيه، يقف الغرب وراء معظم الاحتجاجات الدولية الكبيرة، بدءا من «الثورة البرتقالية» في أوكرانيا وصولا إلى الربيع العربي.
ووفقا لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى فإن بوتين لا يتصور أن الشعب نفسه يطلب التغيير، كما أنه على المستوى المحلي يعتقد أن تشجيع الناس على الالتفاف حول الراية الوطنية سيصرف انتباههم عن عجز حكومته في الداخل. فقد ضمّ شبه جزيرة القرم من أوكرانيا في وقت كانت شعبيته قد انخفضت إلى أدنى مستوياتها وكان الاقتصاد الروسي في ركود عميق، وبالتالي، فإن المغامرة التي يخوضها في سوريا متجذرة في العقلية نفسها.
وأيا كان ما وراء تحركات روسيا الأخيرة في سوريا، أي سحب بعض القوات ولكن إضافة قوات أخرى في الوقت نفسه، فأمام موسكو الآن خيارات عسكرية كثيرة لتكملة دبلوماسيتها في المرحلة السياسية التي يدخلها الصراع.
ونظرا إلى المنهجية التي يعتمدها الكرملين في مقاربة الصراعات الأخرى الجارية أخيرا، لا غرابة إذن ألا يكون الانسحاب من سوريا انسحابا حقيقيا. فكما أشار جاريت كامبل في مقاله الذي أصدرته مؤسسة بروكنجز في 18 مارس، لا تزال الأسلحة الروسية لمنع الوصول قائمة في مكانها ويمكن أن تعقّد أي جهود أمريكية لإنشاء منطقة حظر جوي. كما دعمت القوات الروسية آخر عمليات نظام الأسد لاستعادة تدمر من قبضة تنظيم داعش. وعلى نطاق أوسع، أعرب بوتين علنا استعداده لإعادة تعزيز الوجود الروسي في سوريا في أي وقت. وتشكّل أوجه الغموض والتناقضات الظاهرة في سياسة موسكو عوامل تثير تساؤلات حول الطريقة التي ستؤثر فيها أحدث التطورات على الولايات المتحدة وباقي المجموعة الدولية لدعم سوريا، فضلا عن إيران وسوريا نفسها.
إنّ النجاح العسكري الروسي أمر لا يرقى إليه الشك، فكما أشار الخبير في الشؤون السورية فريد هوف في 16 مارس في مقال له صدر عن موقع «هافينجتون بوست»، فقد صُدت قوى المعارضة بشدة منذ بدء التدخل الروسي في أواخر العام الماضي، إلا أن هذه المعارضة لا تزال تسيطر على مناطق استراتيجية، ويبدو أن بوتين اختار «تسديد ضربات عدة» خفيفة في سوريا بدلا من ضربة قاضية كالتي أحرزها في الشيشان وشبه جزيرة القرم. ويعني ذلك عمليا إنقاذ بشار الأسد وتوسيع الوجود العسكري الروسي والمضي قدما في أجندة موسكو الاستراتيجية. فالضغط من أجل تحقيق النصر الكامل قد يكون خطرا نظرا إلى تهديدات الولايات المتحدة بـ»خطة بديلة» لدعم الثوار، وإلى تأكيد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في الشهادة التي أدلى بها في 23 فبراير أمام مجلس الشيوخ بأن روسيا لا تستطيع أن تهزم المعارضة بشكل تام. كما من شأن تحقيق المزيد من التقدم أن يؤدي إلى تدفق مزيد من اللاجئين نحو أوروبا التي تعاني من وضع يائس، الأمر الذي يمكن أن يؤثر تأثيرا عكسيا على روسيا.
أمام بوتين وفقا للمعهد أربعة خيارات عسكرية وسياسية على الأقل في سوريا
1 - تحقيق المكاسب
وبحسب محللين ينطوي هذا السيناريو على إظهار مرونة تكتيكية، بما في ذلك إظهار بُعد شكلي عن مقاربة الأسد الوحشية في كثير من الأحيان، وفي الوقت نفسه ضمان بقاء المعارضة تحت ضغط عسكري. وهذا يعني أيضا إبقاء الأسد في السرج السياسي، وهو أمر مهم لإيران بشكل خاص، كما وصفته رندة سليم في مقالها المنشور في موقع «هافينجتون بوست» في 17 نوفمبر. وقد يتطلب هذا الأمر التهديد بشن ضربات جوية روسية، أو شنها بالفعل، ضد عناصر الثوار إذا ما تمردوا في المفاوضات، لكنّه لن يتطلب أي تغيير عسكري كبير.
2 - هجمات جديدة
هجمات جديدة ضد المعارضة مع وجود الطائرات حاليا في سوريا، والتي يمكن تعزيزها إذا لزم الأمر، إذ بإمكان بوتين أن يدعم قوات النظام والعناصر الإيرانية في حملة جديدة للتضييق فعليا على المعارضة، بما في ذلك منطقة أعزاز السورية التي تشكل شريان حياة استراتيجيا لتركيا، وحتى التهديد بشن مثل هذه الهجمات من شأنه أن يعزز من القوة الدبلوماسية المتوفرة بين يديه
3 - النصر مهما كلف الأمر
على الرغم من أن هذا السيناريو ممكن عسكريا (على الأقل في شمال غرب سوريا في البداية)، إلا أن محاولة تدمير المعارضة ستكون مكلفة، إذ يمكن أن يؤدي ذلك إلى دفع الولايات المتحدة والحكومات العربية والعالم السني الأوسع إلى اتخاذ مواقف مضادة فضلا عن مواقف أكثر صرامة من الاتحاد الأوروبي حول مختلف القضايا التي تؤثر على المصالح الروسية. وبالتالي فهذا السيناريو هو الأقل احتمالا.
4 - مناورة تنظيم داعش
فنظرا إلى خطاب بوتين حول تنظيم داعش والفوز الأخير الذي حقق في تدمر، قد يعلن الرئيس الروسي شن هجوم جديد ضد التنظيم بالتعاون مع الأسد وإيران. وبمساعدة من القوة الجوية وربما بعض قوات النخبة البرية الروسية، وربما يمكن لقوة مشتركة من الإيرانيين وحزب الله ووحدات سورية موثوق بها أن تبلي بلاء حسنا ضد داعش.
ولن تؤدي هذه الحملة إلى هزيمة داعش بالكامل، لكنّ ذلك قد لا يكون هدف بوتين الحقيقي؛ فهو سيتطلع على الأرجح إلى تعزيز هيمنة روسيا في المنطقة. وفي الواقع، قد يحقق فوزا جيوسياسيا كبيرا من خلال إبراز التباين ما بين تقدم روسيا في مواجهة داعش والمخاطر التي تخوضها لذلك، والحملة البطيئة «الخالية من أي مخاطر» التي أطلقها الرئيس الأمريكي باراك أوباما وائتلافه، وكل ذلك من دون تعريض مفاوضات السلام السورية للخطر.
أهداف للسياسة الروسية
ووفقا لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى فإن بوتين لا يتصور أن الشعب نفسه يطلب التغيير، كما أنه على المستوى المحلي يعتقد أن تشجيع الناس على الالتفاف حول الراية الوطنية سيصرف انتباههم عن عجز حكومته في الداخل. فقد ضمّ شبه جزيرة القرم من أوكرانيا في وقت كانت شعبيته قد انخفضت إلى أدنى مستوياتها وكان الاقتصاد الروسي في ركود عميق، وبالتالي، فإن المغامرة التي يخوضها في سوريا متجذرة في العقلية نفسها.
وأيا كان ما وراء تحركات روسيا الأخيرة في سوريا، أي سحب بعض القوات ولكن إضافة قوات أخرى في الوقت نفسه، فأمام موسكو الآن خيارات عسكرية كثيرة لتكملة دبلوماسيتها في المرحلة السياسية التي يدخلها الصراع.
ونظرا إلى المنهجية التي يعتمدها الكرملين في مقاربة الصراعات الأخرى الجارية أخيرا، لا غرابة إذن ألا يكون الانسحاب من سوريا انسحابا حقيقيا. فكما أشار جاريت كامبل في مقاله الذي أصدرته مؤسسة بروكنجز في 18 مارس، لا تزال الأسلحة الروسية لمنع الوصول قائمة في مكانها ويمكن أن تعقّد أي جهود أمريكية لإنشاء منطقة حظر جوي. كما دعمت القوات الروسية آخر عمليات نظام الأسد لاستعادة تدمر من قبضة تنظيم داعش. وعلى نطاق أوسع، أعرب بوتين علنا استعداده لإعادة تعزيز الوجود الروسي في سوريا في أي وقت. وتشكّل أوجه الغموض والتناقضات الظاهرة في سياسة موسكو عوامل تثير تساؤلات حول الطريقة التي ستؤثر فيها أحدث التطورات على الولايات المتحدة وباقي المجموعة الدولية لدعم سوريا، فضلا عن إيران وسوريا نفسها.
إنّ النجاح العسكري الروسي أمر لا يرقى إليه الشك، فكما أشار الخبير في الشؤون السورية فريد هوف في 16 مارس في مقال له صدر عن موقع «هافينجتون بوست»، فقد صُدت قوى المعارضة بشدة منذ بدء التدخل الروسي في أواخر العام الماضي، إلا أن هذه المعارضة لا تزال تسيطر على مناطق استراتيجية، ويبدو أن بوتين اختار «تسديد ضربات عدة» خفيفة في سوريا بدلا من ضربة قاضية كالتي أحرزها في الشيشان وشبه جزيرة القرم. ويعني ذلك عمليا إنقاذ بشار الأسد وتوسيع الوجود العسكري الروسي والمضي قدما في أجندة موسكو الاستراتيجية. فالضغط من أجل تحقيق النصر الكامل قد يكون خطرا نظرا إلى تهديدات الولايات المتحدة بـ»خطة بديلة» لدعم الثوار، وإلى تأكيد وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في الشهادة التي أدلى بها في 23 فبراير أمام مجلس الشيوخ بأن روسيا لا تستطيع أن تهزم المعارضة بشكل تام. كما من شأن تحقيق المزيد من التقدم أن يؤدي إلى تدفق مزيد من اللاجئين نحو أوروبا التي تعاني من وضع يائس، الأمر الذي يمكن أن يؤثر تأثيرا عكسيا على روسيا.
أمام بوتين وفقا للمعهد أربعة خيارات عسكرية وسياسية على الأقل في سوريا
1 - تحقيق المكاسب
وبحسب محللين ينطوي هذا السيناريو على إظهار مرونة تكتيكية، بما في ذلك إظهار بُعد شكلي عن مقاربة الأسد الوحشية في كثير من الأحيان، وفي الوقت نفسه ضمان بقاء المعارضة تحت ضغط عسكري. وهذا يعني أيضا إبقاء الأسد في السرج السياسي، وهو أمر مهم لإيران بشكل خاص، كما وصفته رندة سليم في مقالها المنشور في موقع «هافينجتون بوست» في 17 نوفمبر. وقد يتطلب هذا الأمر التهديد بشن ضربات جوية روسية، أو شنها بالفعل، ضد عناصر الثوار إذا ما تمردوا في المفاوضات، لكنّه لن يتطلب أي تغيير عسكري كبير.
2 - هجمات جديدة
هجمات جديدة ضد المعارضة مع وجود الطائرات حاليا في سوريا، والتي يمكن تعزيزها إذا لزم الأمر، إذ بإمكان بوتين أن يدعم قوات النظام والعناصر الإيرانية في حملة جديدة للتضييق فعليا على المعارضة، بما في ذلك منطقة أعزاز السورية التي تشكل شريان حياة استراتيجيا لتركيا، وحتى التهديد بشن مثل هذه الهجمات من شأنه أن يعزز من القوة الدبلوماسية المتوفرة بين يديه
3 - النصر مهما كلف الأمر
على الرغم من أن هذا السيناريو ممكن عسكريا (على الأقل في شمال غرب سوريا في البداية)، إلا أن محاولة تدمير المعارضة ستكون مكلفة، إذ يمكن أن يؤدي ذلك إلى دفع الولايات المتحدة والحكومات العربية والعالم السني الأوسع إلى اتخاذ مواقف مضادة فضلا عن مواقف أكثر صرامة من الاتحاد الأوروبي حول مختلف القضايا التي تؤثر على المصالح الروسية. وبالتالي فهذا السيناريو هو الأقل احتمالا.
4 - مناورة تنظيم داعش
فنظرا إلى خطاب بوتين حول تنظيم داعش والفوز الأخير الذي حقق في تدمر، قد يعلن الرئيس الروسي شن هجوم جديد ضد التنظيم بالتعاون مع الأسد وإيران. وبمساعدة من القوة الجوية وربما بعض قوات النخبة البرية الروسية، وربما يمكن لقوة مشتركة من الإيرانيين وحزب الله ووحدات سورية موثوق بها أن تبلي بلاء حسنا ضد داعش.
ولن تؤدي هذه الحملة إلى هزيمة داعش بالكامل، لكنّ ذلك قد لا يكون هدف بوتين الحقيقي؛ فهو سيتطلع على الأرجح إلى تعزيز هيمنة روسيا في المنطقة. وفي الواقع، قد يحقق فوزا جيوسياسيا كبيرا من خلال إبراز التباين ما بين تقدم روسيا في مواجهة داعش والمخاطر التي تخوضها لذلك، والحملة البطيئة «الخالية من أي مخاطر» التي أطلقها الرئيس الأمريكي باراك أوباما وائتلافه، وكل ذلك من دون تعريض مفاوضات السلام السورية للخطر.
أهداف للسياسة الروسية
- تصوير الغرب على أنه ضعيف وغير كفء
- استعادة مكانة روسيا كقوة عظمى
- الحفاظ على استمرار ولاء دول الجوار
- قدرتها على التأثير في الأحداث العالمية