وجه مألوف
تفاعل
تفاعل
السبت - 16 أبريل 2016
Sat - 16 Apr 2016
خرج مسرعا من مكتبه وكانت الساعة قد انتصفت بعد الواحدة ظهرا، وكان الجو رطبا وحارا كعادته في هذه المدينة التي يتغزل بها أهلها بأنها عروس البحر وإن شاخت وخابت، خرج وقد أدركه الوقت بعد اتصال من زوجته تذكره بموعدها مع الطبيب الذي اختارته في فسحة الغداء حتى تتمكن من العودة إلى مكتبها دون تأخير.
بدأ يومه بأخبار غير مريحة، فالشركة التي يعمل بها تساومه على الاستقالة بسبب ما آل إليه الحال فيها من خسارة بسبب عدم نجاح مشروعها الذي عول عليه الشركاء كثيرا.
كان منقبضا وغير متفائل وإن كان يتوقع هذه النهاية منذ أشهر لموقعه في الشركة وقربه من مؤسسيها ومعرفته بما يدور فيها من إحباطات بخرت أحلام الجميع في نجاح فكرتهم التي تعثرت.
وعندما وصل إلى حيث سيارته تحت مبنى مكتبه فوجئ بسيارة بيضاء طويلة تقف بلا مبالاة خلف سيارته تحتل مخرج سيارتين خلفها فانزعج لسوء طالعه في هذا اليوم وأخذ يسأل عن صاحب السيارة لكي يزيحها ليلحق بموعد الطبيب، كان الضيق قد أخذ منه هدوءه ولباقته خاصة عندما لم يعثر على صاحب السيارة البيضاء الطويلة التي تقف ببرود لا تأبه به وبما حصل له هذا الصباح في مكتبه، طرأت على خاطره فكرة بعد عشرين دقيقة من الانتظار، وهي أن يصعد إلى إدارة العمارة في الدور الأول ويسأل عن صاحب السيارة عسى أن يرشده موظف الأمن أو أحد العاملين، وعندما دخل الإدارة ثائرا وجد سالم الرجل الوقور الهادئ الطبع المشرف على الصيانة، فخاطبه بعصبية واصفا له السيارة، فرد سالم بهدوء مشيرا إلى رجل جالس على أريكة يراجع أوراقه وأمامه طفاية مليئة بأعقاب السجائر وبيده سيجارة كذلك وحوله غمامة من الدخان تعج رائحتها في المكتب.
قال سالم في صوت هادئ وقور: هذه سيارة الدكتور، مشيرا إلى الجالس في ثوب أبيض حاسر الرأس يقلب في الأوراق التي أمامه والتي عرف بعدها أنها عقد استئجار مكتب لشركة الدكتور في نفس البرج، لم يعجبه ذلك المنظر وقال بانفعال: أأنت دكتور؟! يا أخي تعال أبعد سيارتك لقد عطلتني . فنظر إليه الرجل بثقة قائلا في هدوء: هذه مواقف شركتي التي أوقفت خلفها سيارتي، فأجابه: لو كانت المواقف محجوزة لك عليك إقفالها حتى لا نستخدمها.
فرد الدكتور: أنا آسف سأبعد السيارة، وخرج منزعجا إلى الشارع ينتظر الدكتور وكانت زوجته تتصل للمرة الثالثة تستعجله لأخذها للطبيب، ولكن الذي وصل كان سالم الذي حاول تشغيل السيارة ولم يعرف، فهي من النوع الذي يحتاج فتح الضامن المشفر، فصعد سالم ثانية ليشرح له الدكتور كيف يحركها، ثم عاد وأبعد السيارة التي ساعده هو في إخراجها بعصبية وكانت السيارة عندما دخلها - محاولا مساعدة سالم - عبارة عن طفاية سجاير على أربع عجلات فرائحة التبغ الحادة تفوح بداخلها وقد ضاقت طفاياتها الصغيرة بأعقاب السجائر حتى فاضت على جانبيها وتناثر الرماد على المقاعد والأرضيات فتعجب وقال لسالم مبررا انفعاله وعدم لياقته: بالله عليك هل هذه سيارة دكتور؟ ..لا حول ولا قوة إلا بالله!
كاد أن ينسى هذه الحادثة التي زادت في تنغيص يومه، فلم يعد بعد ذلك اليوم إلى العمارة ولم يعد إلى عمله فلقد اكتفى بأن حول صاحب الشركة حقوقه إلى حسابه ودخل في دوامة البحث عن عمل، لم يترك إعلانا ولا شركة يعرفها أو أصدقاء إلا وأرسل لهم صورة من سيرته الذاتية التي كلما قرأها تساءل بغرور كيف لا يجد عملا من له كل هذه المهارات والتجارب والخبرات؟ ناسيا أنه تجاوز الخمسين وأن أكثر إعلانات الوظائف الشاغرة تشترط سنا معينة هي أقل من عمره الحالي، حتى ضاق ذرعا وقال عند قراءته هذه الإعلانات أظنهم يطلبون خيولا تجر الشركة لا مديرين لها، وظل يقص الإعلانات عن الوظائف كل صباح ويبدأ بمراسلة الشركات الكترونيا أو بالبريد أو الفاكس كل حسب وسيلته للاتصال، لاحظ على جواله ذات يوم وكان الوقت ظهرا والساعة قد انتصفت بعد الواحدة وكان الجو حارا كعادته في هذه المدينة التي ما زال أهلها يتغزلون بأنها عروس البحر وإن شاخت وخابت. ورغم أنه كان يقود سيارته ولكنه استعجل قراءة الرسالة التي تخبره عن قبوله مبدئيا في الوظيفة وعليه الحضور الساعة الثالثة للمقابلة وفرح بذلك.
وأخبر الجميع وخاصة زوجته وكان العنوان نفس العمارة لمكتبه القديم، وكانت الشركة في الدور الأرضي منها ودخل صاحب الشركة وكان هو نفسه الدكتور الذي استأجر المكاتب يوم الموقف والسيارة القضاء الطويلة، فبادره الدكتور في الوهلة الأولى من اللقاء: وجهك مألوف يا أخي!
فابتسم ولم يجب.. وغاب الدكتور وجاء شاب وشرح له كيفية الاختبار، وصلته وهو في نصف المقابلة رسالة من زوجته تطلب منه أن يمر عليها في المكتب لتذهب مبكرة إلى البيت فأجابها بكلمة (ok).
أنهى الاختبار مدركا أنه لن ينتظر منهم شيئا!
بدأ يومه بأخبار غير مريحة، فالشركة التي يعمل بها تساومه على الاستقالة بسبب ما آل إليه الحال فيها من خسارة بسبب عدم نجاح مشروعها الذي عول عليه الشركاء كثيرا.
كان منقبضا وغير متفائل وإن كان يتوقع هذه النهاية منذ أشهر لموقعه في الشركة وقربه من مؤسسيها ومعرفته بما يدور فيها من إحباطات بخرت أحلام الجميع في نجاح فكرتهم التي تعثرت.
وعندما وصل إلى حيث سيارته تحت مبنى مكتبه فوجئ بسيارة بيضاء طويلة تقف بلا مبالاة خلف سيارته تحتل مخرج سيارتين خلفها فانزعج لسوء طالعه في هذا اليوم وأخذ يسأل عن صاحب السيارة لكي يزيحها ليلحق بموعد الطبيب، كان الضيق قد أخذ منه هدوءه ولباقته خاصة عندما لم يعثر على صاحب السيارة البيضاء الطويلة التي تقف ببرود لا تأبه به وبما حصل له هذا الصباح في مكتبه، طرأت على خاطره فكرة بعد عشرين دقيقة من الانتظار، وهي أن يصعد إلى إدارة العمارة في الدور الأول ويسأل عن صاحب السيارة عسى أن يرشده موظف الأمن أو أحد العاملين، وعندما دخل الإدارة ثائرا وجد سالم الرجل الوقور الهادئ الطبع المشرف على الصيانة، فخاطبه بعصبية واصفا له السيارة، فرد سالم بهدوء مشيرا إلى رجل جالس على أريكة يراجع أوراقه وأمامه طفاية مليئة بأعقاب السجائر وبيده سيجارة كذلك وحوله غمامة من الدخان تعج رائحتها في المكتب.
قال سالم في صوت هادئ وقور: هذه سيارة الدكتور، مشيرا إلى الجالس في ثوب أبيض حاسر الرأس يقلب في الأوراق التي أمامه والتي عرف بعدها أنها عقد استئجار مكتب لشركة الدكتور في نفس البرج، لم يعجبه ذلك المنظر وقال بانفعال: أأنت دكتور؟! يا أخي تعال أبعد سيارتك لقد عطلتني . فنظر إليه الرجل بثقة قائلا في هدوء: هذه مواقف شركتي التي أوقفت خلفها سيارتي، فأجابه: لو كانت المواقف محجوزة لك عليك إقفالها حتى لا نستخدمها.
فرد الدكتور: أنا آسف سأبعد السيارة، وخرج منزعجا إلى الشارع ينتظر الدكتور وكانت زوجته تتصل للمرة الثالثة تستعجله لأخذها للطبيب، ولكن الذي وصل كان سالم الذي حاول تشغيل السيارة ولم يعرف، فهي من النوع الذي يحتاج فتح الضامن المشفر، فصعد سالم ثانية ليشرح له الدكتور كيف يحركها، ثم عاد وأبعد السيارة التي ساعده هو في إخراجها بعصبية وكانت السيارة عندما دخلها - محاولا مساعدة سالم - عبارة عن طفاية سجاير على أربع عجلات فرائحة التبغ الحادة تفوح بداخلها وقد ضاقت طفاياتها الصغيرة بأعقاب السجائر حتى فاضت على جانبيها وتناثر الرماد على المقاعد والأرضيات فتعجب وقال لسالم مبررا انفعاله وعدم لياقته: بالله عليك هل هذه سيارة دكتور؟ ..لا حول ولا قوة إلا بالله!
كاد أن ينسى هذه الحادثة التي زادت في تنغيص يومه، فلم يعد بعد ذلك اليوم إلى العمارة ولم يعد إلى عمله فلقد اكتفى بأن حول صاحب الشركة حقوقه إلى حسابه ودخل في دوامة البحث عن عمل، لم يترك إعلانا ولا شركة يعرفها أو أصدقاء إلا وأرسل لهم صورة من سيرته الذاتية التي كلما قرأها تساءل بغرور كيف لا يجد عملا من له كل هذه المهارات والتجارب والخبرات؟ ناسيا أنه تجاوز الخمسين وأن أكثر إعلانات الوظائف الشاغرة تشترط سنا معينة هي أقل من عمره الحالي، حتى ضاق ذرعا وقال عند قراءته هذه الإعلانات أظنهم يطلبون خيولا تجر الشركة لا مديرين لها، وظل يقص الإعلانات عن الوظائف كل صباح ويبدأ بمراسلة الشركات الكترونيا أو بالبريد أو الفاكس كل حسب وسيلته للاتصال، لاحظ على جواله ذات يوم وكان الوقت ظهرا والساعة قد انتصفت بعد الواحدة وكان الجو حارا كعادته في هذه المدينة التي ما زال أهلها يتغزلون بأنها عروس البحر وإن شاخت وخابت. ورغم أنه كان يقود سيارته ولكنه استعجل قراءة الرسالة التي تخبره عن قبوله مبدئيا في الوظيفة وعليه الحضور الساعة الثالثة للمقابلة وفرح بذلك.
وأخبر الجميع وخاصة زوجته وكان العنوان نفس العمارة لمكتبه القديم، وكانت الشركة في الدور الأرضي منها ودخل صاحب الشركة وكان هو نفسه الدكتور الذي استأجر المكاتب يوم الموقف والسيارة القضاء الطويلة، فبادره الدكتور في الوهلة الأولى من اللقاء: وجهك مألوف يا أخي!
فابتسم ولم يجب.. وغاب الدكتور وجاء شاب وشرح له كيفية الاختبار، وصلته وهو في نصف المقابلة رسالة من زوجته تطلب منه أن يمر عليها في المكتب لتذهب مبكرة إلى البيت فأجابها بكلمة (ok).
أنهى الاختبار مدركا أنه لن ينتظر منهم شيئا!