محمد حطحوط

كذبة لا تعلمها عن قوقل!

الاثنين - 28 مارس 2016

Mon - 28 Mar 2016

المجتمع الأمريكي ينتظر تاريخ الأول من شهر أبريل كل عام، حيث دأبت الشركات الأمريكية بذكر كذبات (بيضاء) مداعبة للجمهور، وكل شركة تتميز عن قرينتها بدهاء الكذبة وحبكتها. بالنسبة لقوقل هناك كذبات كثيرة، منها مشروب قوقل الذي يزيد قدرتك البحثية ومشروع (قولب) لبناء بيوت دائمة في المريخ!

دعك من هذه المقدمة التي لا بد منها، ولنعد لكذبة قوقل لعام 2004 التي لخبطت المجتمع الأمريكي بأسره، وصارت هذه الكذبة حديث الناس وشغل وسائل الإعلام بدءا من السي إن إن وانتهاء بفوربس وإنك وغيرها! في ذلك العام يجب أن تعرف أن سوق (الإيميلات) كانت تسيطر عليه شركتان عملاقتان فقط: (ياهو) ذات نصيب الأسد و(هوتميل)، ياهو كانت تمنح مساحة لإيميلك لا تتجاوز 4 ميقا! لا يا صديقي.. ليس هذا خطأ مطبعيا، نعم ميقا وليس قيقا، وأي إيميل فيه صورة بدقة عالية لا تستطيع فتحه حتى تشترك دوريا بمبلغ 100 دولار لتحصل على 100 ميقا فقط! ويجب عليك وقتها أن تضيف لجدول مهامك اليومي مسح الإيميلات التي لا تحتاجها لأنك ستصل سريعا للحد الأعلى. هوتميل أكثر سوءا حيث تقدم لمستخدميها مساحة 2 ميقا فقط! في تاريخ 1 أبريل لعام 2004 قدمت قوقل، ولم تكن وقتها دخلت سوق الإيميلات، كذبتها السنوية قائلة: أهلا بكم في خدمة (جيميل) وهو إيميل مجاني من قوقل، مساحته 5 (قيقا)! مرة أخرى.. نعم 5 قيقا! وهذا يعني أن إيميل قوقل أفضل من ياهو وهوتميل بألف مرة! وهذا أمر شبه مستحيل حينها!

ضحك الناس وقتها، لكن الضحك لم يستمر طويلا، عندما سجل مواطن أمريكي ذو فضول بخدمة (جيميل) الجديدة واكتشف أنها (كذبة) صادقة، وأن قوقل كانت فعلا جادة هذه المرة، وقررت دخول المجال، ولكن بطريقتها الخاصة بمساحة 5 قيقا، والأهم أنها مجانية. حل الخبر كالصاعقة على الإدارة التنفيذية لياهو وهوتميل، فقوانين اللعبة تغيرت تماما وبدأت الحرب المسعورة بين الشركات الثلاث في حملة لزيادة الحصة السوقية من العملاء.

يذكر هذا المثال دائما تحت بند إدارة الصراع بين الشركات، وما ينتج عن ذلك من حرب أسعار وغيرها، خصوصا أن الوطن الآن يشهد معركة دامية ومناوشات حامية الوطيس بين مطاعم البيتزا بالمملكة! هذه المعارك غالبا لا ينتج عنها فائز وخاسر، وإنما يحدد مقياس الفوز هنا بأن تكون أنت أقل الطرفين في تكبد الخسائر البشرية والمالية! العين على ميدان المعركة بين ذراع أجنبي ممتلئ نقودا، وبين ابن البلد، والذي لا نعلم هل يدرك الطريق الذي قرر سلوكه أم لا؟

يستمتع المواطن على المدى القريب بهذه الحرب حيث نزول حاد في الأسعار، لكنه هو الخاسر على المدى البعيد، وذلك عندما تضع الحرب أوزارها، والتي غالبا تنتهي بخروج أحدهما من العمل وفشله نهائيا وخسارته، يتململ الفائز ويطلق زمجرة الانتصار والتحكم في السوق، ومن يجرؤ على مواجهة أسد الغاب، وفرض السعر الذي يريد، بالشكل الذي يريد.. حينها ستذكرون ما أقول لكم. جدير بالذكر يا رفاق، أنه في شهر أبريل تتجدد الذكريات والحنين لخروج العبد الضعيف للدنيا وتحديدا في يومه الثالث قبل ثلاثة عقود، ولكن الغريب هذه السنة أن شهر أبريل يوافق شهر رجب، وهو تاريخ الميلاد العربي، أواه من رجب ففيه حكايا الحب، وأجمل لحظات العمر، حتى استحق في نهاية المطاف أن يُمنح شهر رجب وسام (شهر الحب المقدس)!