هل يطيح تراجع النفط والعقوبات بالرئيس الروسي؟

يبدو أن 2014 كان عاما جيدا بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فقد ارتفعت شعبيته محليا لتصل لأكثر من 80% بعد قرار ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا في مارس الماضي، إلى جانب ما تلا ذلك من صراع مع الغرب حول أوكرانيا، مما دفع المنتقدين إلى الاعتراف بأن موقف بوتين أصبح أكثر قوة من أي وقت مضى

يبدو أن 2014 كان عاما جيدا بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فقد ارتفعت شعبيته محليا لتصل لأكثر من 80% بعد قرار ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا في مارس الماضي، إلى جانب ما تلا ذلك من صراع مع الغرب حول أوكرانيا، مما دفع المنتقدين إلى الاعتراف بأن موقف بوتين أصبح أكثر قوة من أي وقت مضى

الاحد - 21 ديسمبر 2014

Sun - 21 Dec 2014



يبدو أن 2014 كان عاما جيدا بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فقد ارتفعت شعبيته محليا لتصل لأكثر من 80% بعد قرار ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا في مارس الماضي، إلى جانب ما تلا ذلك من صراع مع الغرب حول أوكرانيا، مما دفع المنتقدين إلى الاعتراف بأن موقف بوتين أصبح أكثر قوة من أي وقت مضى.

وفي نوفمبر الماضي اختارت مجلة فوربس الأمريكية بوتين كأقوى شخصية في العالم خلال 2014 للعام الثاني على التوالي، ثم مضى بوتين ليوجه بعضا من أقوى خطاباته ضد العقوبات الغربية والسياسة الخارجية الأمريكية.



قلق اقتصادي



ورغم هذه المحاولات لإظهار القوة إلا أن بوتين لم يستطع تحويل الانتباه عن القلق المتزايد بشأن حالة الاقتصاد الروسي.

ومع استمرار تراجع قيمة الروبل الروسي بشكل سريع وسط انخفاض أسعار النفط وارتفاع معدل التضخم، يتوقع مسؤولون روس حدوث نوع من الركود الاقتصادي وعجز بالموازنة العامة بحلول 2015.

وهذه الاضطرابات الاقتصادية دفعت معلقين للقول إن الغرب سيكسب الصراع مع روسيا في حال تحوله لصراع بالمال والنفط بدلا من الدبابات والمدافع.



بوتين والعقوبات



لكن هل سيستسلم بوتين؟! المنظور العام للاقتصاد الروسي ليس بالغ السوء تماما.

فالخزائن العامة للدولة الروسية لا تزال عامرة بالاحتياطيات المالية، مما يمنحها إمكانية تحمل صدمة خارجية مزدوجة تتمثل في انخفاض أسعار النفط والعقوبات الغربية.

وتسيطر وزارة المالية على صندوقين سياديين للثروة يحتويان على نحو 172 مليار دولار، وذلك منذ الأول من ديسمبر الحالي.

وهذه الاحتياطيات المالية بالعملة الأجنبية تم جمعها خلال الأعوام الـ 15 الماضية التي ارتفعت فيها عائدات تصدير النفط والغاز الطبيعي، وتم تخصيصها كنوع من الادخار لتأمين نظام المعاشات.

وإضافة إلى ذلك فإن احتياطيات البنك المركزي من النقد الأجنبي سجلت رقما صحيا من الناحية الاقتصادية، وهو 2ر416 مليار دولار في أوائل ديسمبر الحالي.



احتياطات روسية



لا تعاني روسيا من ديون تذكر مطلوب سدادها، وذلك نتيجة للسياسات النقدية المحافظة للغاية تحت حكم بوتين.

ويبلغ معدل ديون روسيا العامة بالنسبة لإجمالي الناتج المحلي 10%، وهو رقم ممتاز مقارنة بالمعدل السيئ الذي ساد في منطقة اليورو عام 2013 (9ر90 %).

ويرى فاسيلي أستروف من معهد فيينا للدراسات الاقتصادية الدولية أن “الاحتياطيات الروسية تتمتع بوضع مريح مع عدم وجود مخاطر للإفلاس”.

وبعث بوتين بإشارة تفيد بأنه لن يغير مساره عندما تحدث في خطابه الموجه للأمة في 4 ديسمبر، غير أنه قال أيضا إنه يجب تقليص الإنفاق الحكومي بنسبة 5% على الأقل سنويا خلال السنوات الثلاث المقبلة.

ولا يشعر الروس بالقلق إزاء حظر السفر وتجميد الأصول المفروض على رجال الأعمال ونواب البرلمان المرتبطين بالكرملين، حيث إن هذا الحظر والتجميد لا يكاد يؤثر على مجمل الاقتصاد.



حجب القروض



ومع ذلك فإن العقوبات المفروضة ضد البنوك الكبرى أدت لإبعاد جهات التمويل الغربية البارزة عن تقديم القروض لروسيا.

ونتيجة لهذه العقوبات لن تتمكن وزارة المالية الروسية من طرق أبواب أسواق الإقراض الخارجية، وستجد نفسها مضطرة إلى تغطية أي عجز في الموازنة من صناديق الثروة السيادية.

وقال أستروف “إذا استمرت أسعار النفط بنفس المعدلات الحالية أو انخفضت بدرجة أكبر، فإن الاحتياطيات المالية الروسية ستنفد عاجلا أم آجلا”.

وفي خطابه للأمة هاجم بوتين العقوبات باعتبارها نسخة عصرية لسياسة الاحتواء التي مارسها الغرب إبان الحرب الباردة، والتي تستهدف تحجيم روسيا.



مخاوف مشروعة



ويتفق معظم المراقبين على أنه ليس من المرجح أن تؤدي العقوبات لإحداث تغييرات جوهرية في سياسات الكرملين، وأن الهدف الرئيس من هذه العقوبات هو إظهار موقف موحد في مواجهة السياسات الروسية في أوكرانيا التي تعد بمثابة عودة للماضي.

غير أن حقيقة أن المسؤولين الروس يمارسون الضغط، سواء سرا أو علانية على من يعتقد أنهم حلفاؤهم في أوروبا لإلغاء العقوبات، تنم عن مخاوف روسية عميقة.

وكان وزير التنمية الاقتصادية الروسي ألكسي أوليوكاييف أبلغ رجال أعمال ألمان في نوفمبر الماضي أنه يجب عليهم ممارسة الضغط على الساسة لإلغاء العقوبات.

وسيزداد التوتر حدة عندما يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يقرر ما إذا كان سيجدد العقوبات، وثمة أمل في أن الأطراف المتعاطفة مع موسكو قد ترفض تمديدها.



احتواء الشعبية



من ناحية أخرى يمثل التضخم أيضا سببا للقلق، فقد زادت أسعار الكثير من المواد الغذائية بنسبة 20% أو أكثر بعد أن فرضت موسكو حظرا على الواردات الغذائية الأوروبية بأغسطس الماضي، ردا على العقوبات الغربية.

ومع ذلك يرى الكثير من المحللين أن الروس اعتادوا على المعاناة، وأن المصاعب الاقتصادية لن تؤدي تلقائيا لحدوث احتجاجات شعبية.

ويشير دينيس فولكوف من مركز “ليفادا” لاستطلاعات الرأي، وهي مؤسسة روسية مستقلة، إلى أنه مع تفاقم الأزمة فإن القيود المفروضة على وسائل الإعلام صارت هي الأشد منذ أعوام، ومع السيطرة على وسائل الإعلام بشكل قوي فمن المرجح أن تستمر شعبية بوتين عالية.