الميزانية بين الحقد والوعي المفقود

الحديث عن المال بشكل عام شائك وفيه كثير من الخطوط المترابطة بالأخص في زماننا هذا للتقارب ما بين الضروريات والكماليات، فما بالك حين يكون الحديث عن ميزانية دولة لا ميزانية أفراد أو شركات.

الحديث عن المال بشكل عام شائك وفيه كثير من الخطوط المترابطة بالأخص في زماننا هذا للتقارب ما بين الضروريات والكماليات، فما بالك حين يكون الحديث عن ميزانية دولة لا ميزانية أفراد أو شركات.

الخميس - 07 يناير 2016

Thu - 07 Jan 2016



الحديث عن المال بشكل عام شائك وفيه كثير من الخطوط المترابطة بالأخص في زماننا هذا للتقارب ما بين الضروريات والكماليات، فما بالك حين يكون الحديث عن ميزانية دولة لا ميزانية أفراد أو شركات.

ولست أفقه كثيرا في الأمور المالية وتوابعها، غير أن الحديث عن ميزانية دولة يطلعك على ثقافة الشعب ومدى فقه المواطن لبواطن الأمور.

فمن السذاجة أن يكون القارب مبحرا في اتجاه الشمال تبعا للرياح، فيأتي الركاب مطالبين بالإبحار جنوبا عكس الرياح تبعا لأهوائهم.

لهذا يثير استغرابك أحيانا بعض المطالبات أو التعليقات مع صدور الميزانية، وكأن الركب في سبات كسبات أهل الكهف استيقظوا منه وإذا هم في زمان غير زمانهم وأحوال لم تستوعبها أفهامهم.

نمر ببعض الأزمات منذ شهور، بدءا بالحرب مع الحوثيين إلى أسعار النفط المتدنية، ثم تسمع من يطالب براتب شهرين فضلا عن زيادة الرواتب والعلاوات وكأنهم يظنون أن ميزانية الدولة تسيرها شياطين يسكبون فيها المال بلا حساب أو شرط.

لست من فقهاء المال كما ذكرت ولا من المهتمين والمتابعين للتحليلات الاقتصادية، غير أن هناك أمورا بديهية من العار عدم استشعارها أو على الأقل مراعاتها.

أعتذر لمن يقرأ مقالي هذا وهو من الصنف الذي ذكرت، ولكن إدراك الحال من المفترض ألا يغيب عمن يحمل شيئا من العقل وقليلا من الفكر.

وفي ظني أن الكثيرين يحملون القدر الكافي من الفكر، إلا أن قلوبهم تحمل الكثير من الأحقاد التي تظهر في الأزمات والكوارث.

فما الذي يفيدك أن تحقد على رؤسائك، وإن كان الحق معك كم يفسد عليك هذا الكثير من أوقاتك وحسناتك وصفاء قلبك، وهل بإمكانك إخراج هذا الغل لتنعم براحة بالك!

فلم الشقاء فيما لا نفع فيه، لا أعني أن تطبل على كل تصريح وترقص على كل مرسوم، ولكن كن وسطا (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) وما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين اثنين إلا اختار أوسطهما.

فلا تغذ روحك فيما لا خير فيه، ولا تتعب ملائكتك وهي تمحو حسناتك لتكتب سيئاتك، ولا تتعب ذهنك فيما أنت في حاجته لما هو أهم وأولى في حياتك العملية والخاصة.

أحسن الظن بالقدر المطلوب وتجاهل القيل والقال، واركن بحياتك لموضع آمن وهادئ بعيدا عن الصخب الذي يضجر مضجعك، وكن قدوة لأبنائك ومن حولك بذكر المحاسن والتغاضي عما دون ذلك، وكن وسطا في منهجك للتعامل مع الآخرين قولا وعملا.

واعلم أنك لن تغير أو تبدل الكثير في حياتك ومع أسرتك إلا بجهد ليس بقليل، فكيف ستغير في سياسة دولة أو ميزانية مليارات هذا في حال لم يقنعك الواقع.

فارض واقنع وثق وتوكل، واشغل نفسك بما تستطيع تقديمه لنفسك وأسرتك ووطنك ومجتمعك.

وكن فعالا لا مُحبطا متشائما ضيق الفكر ومن ثم الخُلق، واعلم أن البلاء موكل بالمنطق.