التخبط التربوي واختبارات الطلاب

أؤمن بمبدأ الميزان الاجتماعي بمعنى أنك لو وضعت ثقلا في أحد مكياليّ الميزان؛ فإن الميزان سيتأرجح قليلا ثم يثبت بارتفاع أحدهما دون الآخر، ولو حاولت أن تحدث بينهما توازنا بوضع ثقل آخر في المكيال الخالي، فإن الميزان سيشتد تأرجحه ويأخذ وقتا حتى يثبت بتوازن.

أؤمن بمبدأ الميزان الاجتماعي بمعنى أنك لو وضعت ثقلا في أحد مكياليّ الميزان؛ فإن الميزان سيتأرجح قليلا ثم يثبت بارتفاع أحدهما دون الآخر، ولو حاولت أن تحدث بينهما توازنا بوضع ثقل آخر في المكيال الخالي، فإن الميزان سيشتد تأرجحه ويأخذ وقتا حتى يثبت بتوازن.

الخميس - 31 ديسمبر 2015

Thu - 31 Dec 2015



أؤمن بمبدأ الميزان الاجتماعي بمعنى أنك لو وضعت ثقلا في أحد مكياليّ الميزان؛ فإن الميزان سيتأرجح قليلا ثم يثبت بارتفاع أحدهما دون الآخر، ولو حاولت أن تحدث بينهما توازنا بوضع ثقل آخر في المكيال الخالي، فإن الميزان سيشتد تأرجحه ويأخذ وقتا حتى يثبت بتوازن.

وهذا ما يحدث في المجتمع، عند محاولة التوازن في بعض جوانب الحياة ولأن رؤيتنا للحياة والمستقبل ليست واضحة كما هي في رؤيتنا للميزان؛ فإن المبالغة في التعديل هي السائدة، حيث ترتفع صفة لتطغى على أخرى ثم ترتفع الأخرى لتطغى على الأولى.

أرجو ألا أكون قد دخلت عالم الفلسفة والهراء الفكري، ولكن دعاني للكتابة على هذا النحو أسبوع الاختبارات وما يحمله من هم أسري وضغط نفسي على الوالدين، حيث من المفترض تسليم الشهادة لهما، لا للأبناء الذين طغى عليهم حس البرود واللا مبالاة.

يدعونا هذا دائما لتذكر أنفسنا حين كنا طلابا، وكيف كان الهم والحماس والخوف يدفعنا لنستبدل طعامنا ونومنا بالكتب، وشعار الاجتهاد والكفاح لدينا لا يتبدل، فكيف فقد أبناؤنا هذا الشعور بالمسؤولية والخوف إلى التجمد الحسي والفكري لما تحت درجة الصفر!

بالتأكيد الأسباب كثيرة، ولكن ربما يكون من أهمها التخبط التربوي سواء في المنزل أو المدارس للوصول إلى التوازن، فبعد المبالغة في القسوة والضرب وكل وسائل الترهيب المطبقة قديما، انقلب ذلك في محاولة للتصحيح بالمبالغة في التدليل والتشجيع وحمل المسؤوليات عن الأبناء حتى أصيبوا بتخمة عدم الاكتراث.

فكما كان يقال «الدراسة إما رغبة أو رهبة»، واليوم الأم أو الأب أو الإخوان مسؤولون عن حل واجبات أبنائهم وتلخيص المواد لهم وتحضير الكتب في حقائبهم المدرسية، وترديد الأناشيد أو القرآن أو التعاريف أو ما لا نهاية له ليتمكن الأبناء من حفظها.

وإذا حصل على تقدير ليس جيدا أو تعرض للتوبيخ أو الضرب من المعلم فإن الدفاع جاهز بكل قوة وإمكانات لإحاطة الابن بهالة من الحماية وأخذ حقوقه فوق ما يستحق بكثير.

الحقيقة أن ما كان يحدث قديما هو كارثة تربوية، وما يحدث اليوم مهزلة تربوية، وقد آن الأوان ليقف الميزان قريبا من المنتصف ليحقق شيئا من التربية المعقولة والتي بدورها تكون بعيدة عن الضغط على كلا الطرفين من متربين ومربين.

لست ضد أو مع طرف إنما الكابوس الذي انزاح عن عاتق الأبناء ليوضع بثقله على المعلمين والآباء ظلم للطرفين، فهو يفسد الطرف الأول ويستنزف حياة الطرف الثاني.

لهذا فإن إصلاح هذا الوضع جزء كبير منه يقع على عاتق وزارة التربية والتعليم، بسن قوانين تضع جزءا كبيرا من المسؤولية على الطلاب، وتكون الجدية في التطبيق وتنفيذ الإجراءات المنصوص عليها.

حتى الدول الغربية التي منعت الضرب، تتخذ إجراءات صارمة تنفذ بلا رحمة أو تهاون أو غطرسة الواسطات، ليتعلم الطالب أن الحياة تعطيك كما تعطيها، ولتكون مدرسة للفكر والأدب والسلوك على حد سواء.