إحباطات مبكرة للمسعى الفلسطيني

قبل أن يُطرح المشروع الفلسطيني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي على مجلس الأمن الدولي؛ بدا واضحاً، أن المحبطات الكثيرة، قد نالت منه قبل أن يصل إلى سوية التأهل للتصويت. وارتبكت التصريحات الفلسطينية والإسرائيلية في هذا الشأن.

قبل أن يُطرح المشروع الفلسطيني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي على مجلس الأمن الدولي؛ بدا واضحاً، أن المحبطات الكثيرة، قد نالت منه قبل أن يصل إلى سوية التأهل للتصويت. وارتبكت التصريحات الفلسطينية والإسرائيلية في هذا الشأن.

الاحد - 21 ديسمبر 2014

Sun - 21 Dec 2014



 



 



قبل أن يُطرح المشروع الفلسطيني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي على مجلس الأمن الدولي؛ بدا واضحاً، أن المحبطات الكثيرة، قد نالت منه قبل أن يصل إلى سوية التأهل للتصويت. وارتبكت التصريحات الفلسطينية والإسرائيلية في هذا الشأن. فعلى هذا الصعيد، قال وزير الخارجية الفلسطيني يوم الجمعة الماضية (19/12/2014) إن التصويت على المشروع سيكون في غضون 24 ساعة، علماً بأن المشروع لم يتأهل للتقديم أصلاً. ومعلوم أن أصل الأمر، هو انتظار التغييرات في العضويات المتحركة داخل المجلس، في الشهر الأول من السنة الميلادية، لعلها توائم المحاولة الفلسطينية لتأمين تسعة أصوات -على الأقل- مؤيدة لطرح المشروع. أما الجانب الإسرائيلي، فقد انعكس ارتباكه من خلال التهديدات التي جاءت في سياق مزاودات انتخابية صاخبة وملتبسة، إذ ستُجرى انتخابات عامة مبكرة في شهر مارس المقبل.

وللأسف، ما زال الأمريكيون مُصرين على تجاهل كل منطق، وعلى مساندة الظلم وحماية الظالمين، والإبقاء على بلاء المتطرفين الصهاينة الظلاميين كالدواعش. فقد خابت توقعاتنا أن يغير الأمريكيون موقفهم، هذه المرة، في مجلس الأمن، تغييراً طفيفاً بالامتناع عن التصويت. لكن أنباءً رشحت من داخل فريق الوزير جون كيري، قبل أن يصل إلى روما للاجتماع بنتنياهو يوم (13/12/2014) أفادت أن الولايات المتحدة، لن تتردد في استعمال حق النقض «الفيتو» في حال عرض موضوع إنهاء الاحتلال على مجلس الأمن.

ولم تقتصر الضغوط الأمريكية على الفلسطينيين والعرب. فقد انطلقت حملة ضغط أمريكية على الأقطار الأوروبية. ولأن الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن، سيتغيرون في شهر يناير المقبل؛ استهلت واشنطن ضغوطاً عاجلة وحثيثة على الدول التي ستدخل. وأمام الحراك البرلماني الأوروبي، اعتمدت الولايات المتحدة أسلوب الخديعة والتشاطر، ففتحت المجال لصيغ معدلة لمشروع القرار المتعلق بالاحتلال، في حال طرحه للتصويت في مجلس الأمن. وكل ما تريده واشنطن، هو شطب أية فقرة تتعلق بالسقف الزمني لإنهاء الاحتلال، وكأنها تفاهمت مع متطرفي مجلس المستوطنات في الضفة الفلسطينية، على رفع عنصر الوقت عن قلوبهم، لكي يأخذوا راحتهم وصولاً إلى أقصى التفشي الاستيطاني السرطاني، وهو ما يشجع على القول بعدئذٍ، إن مشروع الدولة الفلسطينية غير واقعي وغير عملي.

في هذه الأثناء، يهدد نتنياهو وسلفان شالوم وغيرهما، بردود أفعال -لم يوضحوا طبيعتها- في حال مرّ أي مشروع في مجلس الأمن، يحدد سقفاً زمنياً لإنهاء الاحتلال. ما صرحوا به، أن كل الاتفاقات السابقة ستكون لاغية، وأن لا مرجعية لشيء في حال مر أي مشروع في مجلس الأمن. فهؤلاء أظهروا استعدادهم للتحدي في مواجهة العالم كله، ولا يقتصر تهديدهم على المشروع العربي، بل يشمل المشروع الفرنسي وأي مشروع معدّل. وللأسف، نسمع الأمريكيين، في هذه اللُجة، يهددون بعظائم الأمور. فبقدر ما كانت الإدارة الأمريكية مستاءة من حكومة المستوطنين وعنجهيتها؛ جاءت ردود أفعالها في الاتجاه المعاكس، أشبه بالتوحش ضد الفلسطينيين. ربما تكون الخُلاصة الموضوعية من هكذا سياق، هي أن أقصر الطرق، لتخليق سياسة أمريكية أفضل؛ تكمن في سياسات عربية جديدة، حيال أمريكا، وعلى كل صعيد. المشروع الذي لا يزال الفلسطينيون ماضين في محاولة طرحه، تعرض سلفاً للتعديل على النحو الذي جعله في موضع المعارضة المسبقة على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي. ولعل أكثر التعديلات إشكالية، تتعلق بصيغة غير مسبوقة لوضع مدينة القدس الشرقية المحتلة منذ العام 1967. فقد عارضت الفصائل الفلسطينية، المنضوية في منظمة التحرير الفلسطينية، الفقرة التي تقول إن القدس ستكون عاصمة للدولتين. وبالطبع، لن يكون المحتلون مستعدين لأن يشاركهم الفلسطينيون في أي أمر يتعلق بالقدس الغربية، لأن المقصودة حُكماً، في هذه الصيغة الغائمة، القدس الشرقية وحسب. وهناك تعديل في المشروع الفرنسي، يطال حق اللاجئين في العودة، وهو حق غير قابل للتصرف. من هنا، يواجه المسعى إلى مجلس الأمن، إحباطات عدة ومعارضات من جانبي النزاع!