أن تكتب بلا فكرة!
الأحد - 07 فبراير 2016
Sun - 07 Feb 2016
قررتُ وأنا بكامل قواي العقلية – التي أزعم وجودها - أنني سأكتب مقالا دون فكرة مسبقة!، وها أنا أفعل.. هل يبدو الأمر مغامرة؟ أو بشكل آخر: هل سيؤثر هذا القرار على تقبّل القارئ للمقال؟
كثيرا ما مارست الشطب والتعديل وإعادة صياغة المقال كي يكون ممتعا للقارئ، وأزعم أنه من حقي – ولو لمرة واحدة – أن أُمارس أنا متعة الكتابة بلا قيود، سيما وأن القارئ يملك خيارا أفضل من الشطب والتعديل وإعادة الصياغة، ألا وهو تجاوز المقال كاملا، والانتقال لمقال آخر، بل وحتى بإمكانه بسهولة أن يقلب الصفحة عليّ وعلى الزملاء (عليَ وعلى أعدقائي)، لكن مع ذلك من حق القارئ أن يعرف الدافع لهكذا مغامرة.
دائما الكاتب يلجأ لكتابة ما يشبه اليوميات (كما أفعل أنا الآن) إما لعدم وجود فكرة يناقشها، أو لتمرير ضجره من الرقيب (أبونظارة سميكة، ذي المزاج الحاد والملامح الصلبة التي لا تقول شيئا) – لا أدري لِمَ الصورة الذهنية له هكذا، ولا أتخيله شابا وسيما يقرأ المقال ويبتسم – فأنا أكتب – أو بالأصح أهرب – من كثرة الأفكار، هل جرّب أحدكم أن يبقى لمدة طويلة في مكان يحاصره الصمت لساعات طويلة؟
وقتها سيكون الصمت مزعجا جدا لدرجة أنك لا تستطيع أن تفكر، أو حتى تتصرف بهدوء، الأمر كذلك عندما تكون محاصرا بتخمة الأفكار، فهذا العالم أصبح مسعورا يفاجئك بكل لحظة بحدث لا يمكن أن تستوعبه، حتى يصب عليك سوط حدث أكثر إيلاما، أما الرقيب فلا يوجد بيننا موقف، العلاقة بيننا محايدة، لا أشعر بأي عاطفة نحوه، وأظنه يبادلني نفس المشاعر الجامدة، أما الخطوط الحمراء فلم أقترب منها يوما، لا لشيء إلا أنني لا أحب الألوان (الصارخة)، هل سمع أحدكم صوت لون يصرخ؟!
للأمانة فكرت أن أكتب مقالا سياسيا ثم تراجعت (تراجعت! يا لهذه المفردة، فكثير من الذين أفتوا بالقتل يوما قالوا (تراجعنا) عن فتاوينا السابقة!، طيب والقاتل والمقتول؟!) يا إلهي! بمجرد ذكر كلمة سياسة أتى فعل (قتل)!، والقتل عند العرب ليس دائما كلمة سلبية، فأحيانا تكون غارقة بالشاعرية كـ»من الحب ما قتل» و»أموت فيك»، وقمة الغزل تأتي بجملة «اقتلني يا حلو»، بل وحتى الجمال يرتبط بالكلمة، فالجمال المدهش الخارق يُقال عنه «موتٍ حمر» – حمر أي أحمر ولا علاقة له بدوج حمدة الشهير- وهذا السبب (القتل مجرد سبب) ليس سبب إحجامي عن الكتابة في السياسة، بل لأن السياسة.. لحظة!
كأن المقال أراد أن يتلبّس بفكرة ما، وكأنني – من حيث لا أشعر – أعيد سيناريو قصيدة الشاعر العامّي الكبير العوني في القهوة:
(يمشي برفـق خايـف مدمـج السـاق يفصم حجول ضامها الثقل مـن فـوق
إليا حصل لك ساعة وانـت مشتـاق اقطـف زهـر مـالاق والعمـر ملـحـوق)
وإن قال قائل ما علاقة هذه الأبيات في القهوة، أقول كعلاقة مقالي بالسياسة!
[email protected]
كثيرا ما مارست الشطب والتعديل وإعادة صياغة المقال كي يكون ممتعا للقارئ، وأزعم أنه من حقي – ولو لمرة واحدة – أن أُمارس أنا متعة الكتابة بلا قيود، سيما وأن القارئ يملك خيارا أفضل من الشطب والتعديل وإعادة الصياغة، ألا وهو تجاوز المقال كاملا، والانتقال لمقال آخر، بل وحتى بإمكانه بسهولة أن يقلب الصفحة عليّ وعلى الزملاء (عليَ وعلى أعدقائي)، لكن مع ذلك من حق القارئ أن يعرف الدافع لهكذا مغامرة.
دائما الكاتب يلجأ لكتابة ما يشبه اليوميات (كما أفعل أنا الآن) إما لعدم وجود فكرة يناقشها، أو لتمرير ضجره من الرقيب (أبونظارة سميكة، ذي المزاج الحاد والملامح الصلبة التي لا تقول شيئا) – لا أدري لِمَ الصورة الذهنية له هكذا، ولا أتخيله شابا وسيما يقرأ المقال ويبتسم – فأنا أكتب – أو بالأصح أهرب – من كثرة الأفكار، هل جرّب أحدكم أن يبقى لمدة طويلة في مكان يحاصره الصمت لساعات طويلة؟
وقتها سيكون الصمت مزعجا جدا لدرجة أنك لا تستطيع أن تفكر، أو حتى تتصرف بهدوء، الأمر كذلك عندما تكون محاصرا بتخمة الأفكار، فهذا العالم أصبح مسعورا يفاجئك بكل لحظة بحدث لا يمكن أن تستوعبه، حتى يصب عليك سوط حدث أكثر إيلاما، أما الرقيب فلا يوجد بيننا موقف، العلاقة بيننا محايدة، لا أشعر بأي عاطفة نحوه، وأظنه يبادلني نفس المشاعر الجامدة، أما الخطوط الحمراء فلم أقترب منها يوما، لا لشيء إلا أنني لا أحب الألوان (الصارخة)، هل سمع أحدكم صوت لون يصرخ؟!
للأمانة فكرت أن أكتب مقالا سياسيا ثم تراجعت (تراجعت! يا لهذه المفردة، فكثير من الذين أفتوا بالقتل يوما قالوا (تراجعنا) عن فتاوينا السابقة!، طيب والقاتل والمقتول؟!) يا إلهي! بمجرد ذكر كلمة سياسة أتى فعل (قتل)!، والقتل عند العرب ليس دائما كلمة سلبية، فأحيانا تكون غارقة بالشاعرية كـ»من الحب ما قتل» و»أموت فيك»، وقمة الغزل تأتي بجملة «اقتلني يا حلو»، بل وحتى الجمال يرتبط بالكلمة، فالجمال المدهش الخارق يُقال عنه «موتٍ حمر» – حمر أي أحمر ولا علاقة له بدوج حمدة الشهير- وهذا السبب (القتل مجرد سبب) ليس سبب إحجامي عن الكتابة في السياسة، بل لأن السياسة.. لحظة!
كأن المقال أراد أن يتلبّس بفكرة ما، وكأنني – من حيث لا أشعر – أعيد سيناريو قصيدة الشاعر العامّي الكبير العوني في القهوة:
(يمشي برفـق خايـف مدمـج السـاق يفصم حجول ضامها الثقل مـن فـوق
إليا حصل لك ساعة وانـت مشتـاق اقطـف زهـر مـالاق والعمـر ملـحـوق)
وإن قال قائل ما علاقة هذه الأبيات في القهوة، أقول كعلاقة مقالي بالسياسة!
[email protected]