تطوير الجامعات.. كيف تنظر له أعين الطلاب؟

الأحد - 31 يناير 2016

Sun - 31 Jan 2016

مع ارتفاع التوقعات حول الأدوار التي تلعبها الجامعات لمقابلة مطالب المجتمع لتخريج مواطنين متقدمي المعرفة والمهارة، أصبحت الحاجة ملحة ليكون هناك تحديث وتطوير للبرامج والمواد بشكل غير متوقف، وذلك نابع من الحاجة لأن تتم إدارة التطوير بالأخذ في الاعتبار التحديات المتجددة التي تجلبها العولمة (globalization) باستمرار، ومتطلبات الاقتصاد المعرفي لبناء اقتصاد سعودي منافس على صعيد الأسواق العالمية.

إلى جانب تلك المسؤوليات، تريد الحكومة من الجامعات كفاءة في استخدام الموارد عند تشغيل البرامج الدراسية، وتريد جودة في المخرجات (معرفة ومهارة) تسد احتياجات سوق العمل. والمجتمع يريد زيادة في المقاعد الجامعية، ورفع جودة التعليم، وجعل التكاليف الدراسية ميسرة.

ما بين ذاك المد وذاك الجزر، يوجد العنصر، ربما الأكثر تأثرا، ومع ذلك، الأخفت صوتا: الطالب/الطالبة وما يتطلع له.

ويأتي السؤال الأهم، كيف يعيش الطالب التجربة؟ بعبارة أخرى، إلى أي درجة يشعر الطالب بأنه منسجم مع الروتين ومتطلبات التغيير والتحديات التي تخوضها الأقسام لمقابلة مطالب الحكومة والمجتمع، وكيف يرى تطور أهدافه التعليمية (التي من أجلها خصص جزءا من سنوات عمره الثمينة ليقضيها في التعليم الجامعي) في ظل تلك الظروف غير المستقرة داخل قسمه؟

ينبغي ألا ننسى، أن الطالب هو العنصر الأكثر حرجا من ذلك كله، والمحدد الرئيس لمعرفة ما إذا كنا نسير بالجهود التطويرية على المسار الصحيح.

التعليم الجامعي تحول كبير في حياة الطالب (تجربة تعلم مختلفة)، فطالب الجامعة يُعامل كراشد، يُتوقع منه قدر مضاعف من الجهد والمسؤولية والاستقلالية في التعلم المستمر والذاتي، يُنظر له كعامل للمعرفة (ناقد، محلل، منتج)، وذلك على خلاف التعليم المدرسي (التلقين).

وتجربة السنة الجامعية الأولى هي الأكثر تحديا في مسيرته، عندها يحدد تطلعاته ويدرك مسؤولياته وأدواره التي من خلالها سيحقق أحلامه، فهل تأخذ الأقسام بعين الاعتبار ما قد يتطلع له الطالب حينما تضع استراتيجيات المرحلة القادمة من التغيير، وذلك كي تعينه ليرى الصلة فيما بين ما يريده هو وما يتوقع القسم منه كطالب منتظم؟

فحينما يواجه المحاضر تكرارا في الغياب، أو انخفاضا كبيرا في الأداء لدى الطلاب، قد يتبادر إلى الذهن أن الطلاب غير مبالين أو لا يريدون أن يتعلموا شيئا، في حين أن السبب الحقيقي قد يعود إلى فشل البرنامج في جعل الطالب يرى العلاقة بين ما هو مطلوب منه (من حضور وجهد وتعلم ذاتي ومستمر) ومستقبله وأحلامه.

إن عدم إدراك الطالب لتلك العلاقة، أو إحساسه بفقدان الهوية الشخصية وهيمنة الهوية الجامعية عليها ليكون الأداة التي ترتقي بها في التصنيفات العالمية وتقابل بها شروط الاعتمادات الأكاديمية، فذلك سيعيق أمرين جوهريين: الأول جعل الطالب يؤمن في قيمة التعلم فيشعر بالمسؤولية ويبذل الجهد ليحقق المتوقع منه كطالب منتظم، والثاني، سيصعب على الجامعة مقابلة مطالب المجتمع في رفع جودة مخرجات التعليم، لأن العنصر الأكثر حرجا، والذي تحركت الجهود لأجله، غير مستجيب، كونه مغيبا (لا يدرك موقعه من تلك العواصف (عواصف التطوير) ولا يرى صلتها بتطلعاته).

[email protected]