يكاد البرق يخطف أبصارهم

تفاعل
تفاعل

السبت - 23 يناير 2016

Sat - 23 Jan 2016

السحابة التي ينزل المطر منها حجمها هائل جدا، حيث تمتد رأسيا ما بين 10 إلى 20 كلم في الغلاف الجوي، وتتراوح درجات الحرارة هناك ما بين 60 إلى 70 درجة مئوية تحت الصفر، ويتكون حينئذ البرد، وعندما يتساقط داخل السحابة يحدث هناك تميع بسبب انفصال شحنات كهربائية موجبة وأخرى سالبة وينتج عن ذلك التفريغ الكهربائي الذي يكون على شكل برق وينتج عن هذه العملية كمية من الحرارة تسبب تمددا مفاجئا للهواء يحدث صوتا مدويا وهو ما يسمى بالرعد.

وللبرق ضوء ساطع جدا ولو استمر البرق لدقائق عدة وكان الإنسان محدقا فيه لأصيب بالعمى، لأن ضوء البرق مبهر والنظر إليه يؤدي إلى قتل الخلايا، ولكن من رحمة الله بنا أن جعل البرق يحدث في أجزاء من الثانية. وورد هذا في التعبير القرآني في قوله تعالى «يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم»، وكلمة (يكاد) في اللغة تدل على أن الشيء قارب الفعل في الحدوث، ولكن لم يتم وأما كلمة (كلما) في سياق الآية فهي في أصلها اللغوي مكونة من كلمتين هما (كل) و(ما) وهي في اللغة أداة شرط تفيد التكرار وهذا ما يحدث في البرق، لأن له شرارات متكررة في الحدوث، والآية الكريمة في مجملها تصور حال الكفار تصويرا بيانيا فنيا وبلاغيا بديعا في قوله «يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير».

فالكفار لو اطلعوا على نور الإسلام لوضح لهم الطريق في الوصول إلى الملك العلام، ولكنهم أبوا إلا الكفر والضلال فبقوا في التيه والظلام. ونلاحظ الإبداع الرباني في التعبير القرآني، فهذه الآية شبهت أحوال الكفار غير المحسوسة بمشاهد كونية محسوسة وكأن القارئ يراهم أمام عينيه وفي هذه الآية كثير من الأسرار البلاغية والعلمية

لا يمكن حصرها في هذا المقال المختصر، فمنها الفرق بين الضوء والنور الذي يغفل عنه كثير من الناس، خاصة الكتاب والشعراء، فالضوء يصدر من جسم مضيء مثل الشمس، أما النور فيكون انعكاسا للضوء مثل القمر يعكس ضوء الشمس، فصلى الله على محمد الذي جاء «داعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا».