هذه (التقاطعات).. يجب (إزالتها)!
الأحد - 13 ديسمبر 2015
Sun - 13 Dec 2015
1 - ها.. نحن في بدايات العام الهجري الجديد، وبعد أيام نلج عاما ميلاديا جديدا، تمر بنا السنون عجلى ونحن في مستقرنا لا نمر ولا نفعل ولا نغير من الأمر شيئا: تعليم بلا مخرجات، وثقافة بلا أثر، و(دين) مختزل في (عبادات) و(مناسك).. مدن (هشة) في وجه الريح، و(مشاريع) أبدية ومتأخرة، لا تستجيب لحاجات إنسان الزمن الجديد!
2 - ألج أنا في غيهب (المأساة) مستقرئا المشهد بتأطيره داخل (منتج)، يتكون في كل مرة بتأثير سببين، لا ثالث لهما عندي (على الأقل).. أولهما الخلاف المستمر بين الخطابات والمؤسسات المحلية: الدينية والتعليمية والإعلامية والثقافية، وحتى بين خطط عمل المؤسسات الحكومية ذات الصلة بخدمات المواطنين وحاجاتهم! فنجد رموزا للخطاب الديني في مجتمعنا يهاجمون أبرز تجليات خطاب (الثقافة): (المسرح- السينما- الأدب الحديث..)، وما ينشر عن (المؤسسة الإعلامية) لدينا يختزل الأجناس الأدبية الثقافية في فنون محددة (جدا)، كما أن الخطاب (التعليمي) لدينا يتقاطع غالبا مع الخطابين (الاجتماعي) و(الثقافي)! وكذلك الحال بالنسبة لمؤسسات البلاد المتعددة، فكثيرا ما يصطدم عمل (وزارة النقل) مع مخططات (أمانات وبلديات) المدن، وغالبا ما خالفت مشاريع وزارة النقل الخطط المرورية العامة، كما أن قرارات (وزارة العمل والشؤون الاجتماعية) تكون خارج حسابات منتجات (التعليم العالي).. وهكذا!
3 - ولذلك فإن بداية معالجة خلل تلك التقاطعات يكمن في مشروع للاتفاق والاتساق بين مجموع الخطابات والمؤسسات المحلية: طاولة واحدة -مثلا- يجلس حولها ممثلو الخطابات الفاعلة (الدينية والتعليمية والإعلامية والثقافية والاجتماعية..) لينتج عنها قرارات واضحة ومحددة ونهائية، توجه مرتكزات وأجندات عمل تلك الخطابات إلى (وجهة) واحدة مترابطة! (بحيث لا نرى مثلا ممثلين للخطاب الديني يهاجمون بشراسة مقر ممثلين آخرين للخطاب الثقافي، ولا ممثلين للخطاب التعليمي يجرمون بعض منتجات الخطاب الإعلامي الرسمي.. وهكذا)!
4 - أما التقاطعات المتعلقة بالمؤسسات الحكومية فيجب (حلها) من خلال (لجنة عليا) مثلا تشرف على كل خطط البنى المؤسساتية، وتوافق بين أهدافها وأنشطتها، وتحدد حاجات المواطن المتعثرة بسبب تصادم برامج العمل تلك، كما تقوم هذه اللجنة بمراقبة تصريحات مسؤولي تلك المؤسسات ومدى مطابقتها مع الواقع...!
5 - أما ثاني السببين لمشهد الأزمة فهو غياب منهجية تفكير صحيحة، تستثمر كل ذلك الزخم الهائل من المعلومات التي تزخر بها المؤسسات العامة ذات العلاقة (كالمدارس والجامعات ووسائل الإعلام المتنوعة) أو المؤسسات المعلوماتية الخاصة (كوسائل التواصل الاجتماعي بتشكيلاتها المتعددة) .. ولذلك فإن غياب هذه المنهجية يغيب مخرجات التعليم والإعلام ومؤسسات الفكر والثقافة المنتظرة للنهضة الحقيقية، وتسجيل الأثر الراسخ على الأرض، ويجعل الفقر المعرفي - مع زخم المواد المعرفية - سمة للمجتمع الذي أصبح في (دوشة) هائلة، لا يعرف (ساسه من رأسه)، ولا يدرك غايات العلوم والمعارف وآليات إنتاجها، ويجهل الطريقة المثالية لاستثمار المعلومات التي تحيط به من كل جانب، من أجل إنتاج خطاب معرفي خلاق، يكون هو الخطاب المهيمن على مجتمع (المعرفة).. المجتمع المنشود.
6 - ولعل من أبرز مقومات امتلاك تلك (المنهجية) المثمرة أن يرسخ في ذهن الفرد عدة قناعات مؤكدة وهي: أن ليس ثمة أحكام مطلقة تنطبق على كل الحالات والأزمان والظروف، وأن ليس ثمة هوية مقدسة تتهاوى في حضرتها هويات الآخرين، ومن تلك القناعات أيضا ضرورة التحرر من سلطة الرموز وهيمنة الخطابات، وأهمية التفكير على أسس راسخة من الموضوعية والحياد العلمي في مواجهة إغراءات الخرافات والغيبيات، والانفتاح على تجارب ومعارف الآخرين، والثقة بالذات في صناعة أدوار فاعلة في الشؤون المدنية والسياسات المحلية.. وبالتالي فإن التسليم بتلك القناعات (ينتج) لدى الفرد تلك المنهجية الصحيحة التي تعينه على الاستفادة من زخم المعلومات والمعارف والنصوص والوصايا التي يتلقاها بشكل متواصل من مصادرها المتنوعة (السابقة)، بعد أن يكون قد نظر إليها نظرة فاحصة فاعلة، وقام بفرز مفرداتها إيجابا أو سلبا بحسب أسس تلك المنهجية الرصينة.
7 - أزعم أن الحوارية الناقدة مع هذين السببين في مشهدنا المحلي المأزوم سوف (تحل) كثيرا من (لخبطة) الخطابات و(عبثية) عمل المشاريع والبرامج المؤسساتية داخل البلاد!!
[email protected]
2 - ألج أنا في غيهب (المأساة) مستقرئا المشهد بتأطيره داخل (منتج)، يتكون في كل مرة بتأثير سببين، لا ثالث لهما عندي (على الأقل).. أولهما الخلاف المستمر بين الخطابات والمؤسسات المحلية: الدينية والتعليمية والإعلامية والثقافية، وحتى بين خطط عمل المؤسسات الحكومية ذات الصلة بخدمات المواطنين وحاجاتهم! فنجد رموزا للخطاب الديني في مجتمعنا يهاجمون أبرز تجليات خطاب (الثقافة): (المسرح- السينما- الأدب الحديث..)، وما ينشر عن (المؤسسة الإعلامية) لدينا يختزل الأجناس الأدبية الثقافية في فنون محددة (جدا)، كما أن الخطاب (التعليمي) لدينا يتقاطع غالبا مع الخطابين (الاجتماعي) و(الثقافي)! وكذلك الحال بالنسبة لمؤسسات البلاد المتعددة، فكثيرا ما يصطدم عمل (وزارة النقل) مع مخططات (أمانات وبلديات) المدن، وغالبا ما خالفت مشاريع وزارة النقل الخطط المرورية العامة، كما أن قرارات (وزارة العمل والشؤون الاجتماعية) تكون خارج حسابات منتجات (التعليم العالي).. وهكذا!
3 - ولذلك فإن بداية معالجة خلل تلك التقاطعات يكمن في مشروع للاتفاق والاتساق بين مجموع الخطابات والمؤسسات المحلية: طاولة واحدة -مثلا- يجلس حولها ممثلو الخطابات الفاعلة (الدينية والتعليمية والإعلامية والثقافية والاجتماعية..) لينتج عنها قرارات واضحة ومحددة ونهائية، توجه مرتكزات وأجندات عمل تلك الخطابات إلى (وجهة) واحدة مترابطة! (بحيث لا نرى مثلا ممثلين للخطاب الديني يهاجمون بشراسة مقر ممثلين آخرين للخطاب الثقافي، ولا ممثلين للخطاب التعليمي يجرمون بعض منتجات الخطاب الإعلامي الرسمي.. وهكذا)!
4 - أما التقاطعات المتعلقة بالمؤسسات الحكومية فيجب (حلها) من خلال (لجنة عليا) مثلا تشرف على كل خطط البنى المؤسساتية، وتوافق بين أهدافها وأنشطتها، وتحدد حاجات المواطن المتعثرة بسبب تصادم برامج العمل تلك، كما تقوم هذه اللجنة بمراقبة تصريحات مسؤولي تلك المؤسسات ومدى مطابقتها مع الواقع...!
5 - أما ثاني السببين لمشهد الأزمة فهو غياب منهجية تفكير صحيحة، تستثمر كل ذلك الزخم الهائل من المعلومات التي تزخر بها المؤسسات العامة ذات العلاقة (كالمدارس والجامعات ووسائل الإعلام المتنوعة) أو المؤسسات المعلوماتية الخاصة (كوسائل التواصل الاجتماعي بتشكيلاتها المتعددة) .. ولذلك فإن غياب هذه المنهجية يغيب مخرجات التعليم والإعلام ومؤسسات الفكر والثقافة المنتظرة للنهضة الحقيقية، وتسجيل الأثر الراسخ على الأرض، ويجعل الفقر المعرفي - مع زخم المواد المعرفية - سمة للمجتمع الذي أصبح في (دوشة) هائلة، لا يعرف (ساسه من رأسه)، ولا يدرك غايات العلوم والمعارف وآليات إنتاجها، ويجهل الطريقة المثالية لاستثمار المعلومات التي تحيط به من كل جانب، من أجل إنتاج خطاب معرفي خلاق، يكون هو الخطاب المهيمن على مجتمع (المعرفة).. المجتمع المنشود.
6 - ولعل من أبرز مقومات امتلاك تلك (المنهجية) المثمرة أن يرسخ في ذهن الفرد عدة قناعات مؤكدة وهي: أن ليس ثمة أحكام مطلقة تنطبق على كل الحالات والأزمان والظروف، وأن ليس ثمة هوية مقدسة تتهاوى في حضرتها هويات الآخرين، ومن تلك القناعات أيضا ضرورة التحرر من سلطة الرموز وهيمنة الخطابات، وأهمية التفكير على أسس راسخة من الموضوعية والحياد العلمي في مواجهة إغراءات الخرافات والغيبيات، والانفتاح على تجارب ومعارف الآخرين، والثقة بالذات في صناعة أدوار فاعلة في الشؤون المدنية والسياسات المحلية.. وبالتالي فإن التسليم بتلك القناعات (ينتج) لدى الفرد تلك المنهجية الصحيحة التي تعينه على الاستفادة من زخم المعلومات والمعارف والنصوص والوصايا التي يتلقاها بشكل متواصل من مصادرها المتنوعة (السابقة)، بعد أن يكون قد نظر إليها نظرة فاحصة فاعلة، وقام بفرز مفرداتها إيجابا أو سلبا بحسب أسس تلك المنهجية الرصينة.
7 - أزعم أن الحوارية الناقدة مع هذين السببين في مشهدنا المحلي المأزوم سوف (تحل) كثيرا من (لخبطة) الخطابات و(عبثية) عمل المشاريع والبرامج المؤسساتية داخل البلاد!!
[email protected]