داعشي تحت السرير

قال أرسطو مرة «الكرامة ليست امتلاك المفاخر، بل استحقاقها»

قال أرسطو مرة «الكرامة ليست امتلاك المفاخر، بل استحقاقها»

الخميس - 03 ديسمبر 2015

Thu - 03 Dec 2015



قال أرسطو مرة «الكرامة ليست امتلاك المفاخر، بل استحقاقها».

بعد أن انتهيت من تنظيف غرفتي التي قضيت فيها ما يقارب السنة.

وسلمتها لمدير السكن أفضل مما استلمتها منه.

وأثناء تأكده من سلامة الغرفة قال لي: ساعدني في رفع المرتبة لكي أرى ما تحتها، فلربما قمت بتخبئة داعشي تحت السرير!.

قالها وهو يبتسم ابتسامة خبيثه تحولت إلى «أنا أمزح» عندما لاحظ أن ملامحي بدأت تتغير.

فسارع قائلا: حتى أنا في بلادي الأم هناك جماعة مجرمة كتنظيم داعش، محاولا إظهار ما قاله على أنه مزحة لا أكثر، وأننا مشتركون في نفس المعاناة.

سكت وسلمت الغرفة وخرجت من السكن والنار تشتعل في داخلي.

خرجت وأنا أقول هذه ليست أول مرة أرى مثل هذه التلميحات سواء كانت منه أو من قريبته أو من ابن بلده اللذين كانا يسكنان معي في نفس الشقة «روميت».

ولكن الفرق أنها هذه المرة كانت أكثر وضوحا ووقاحة، وكأنه كان ينتظر هذه اللحظة لكي يخرج ما في نفسه.

تذكرت حينها قول الله تعالى «ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم».

عشت هذه الآية بتفاصيلها وأنا في أرض الابتعاث.

في كل مرة أتذكر مواقف سيد الخلق مع من آذوه فأصبر، ولكن الأخيرة كانت لي كالضربة القاضية.

تفكرت كثيرا في مواقفه عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم فوجدت أنه كان صابرا صبورا ولكن لم يكن خانعا.

فالصبر والمسامحة تكتسب معانيها عند المقدرة لا عند الإجبار.

قررت أن أتصل بالبوليس الأمريكي لكي أقول لهم ما حدث معي من هذا الرجل.

أعلم أنه في الأغلب سينكر فليس هناك شهود على ما قاله.

ولكن اتصالي سيكون له كدرس بأن لا يكرر ما فعله مع أي مسلم آخر، فسكوتي أنا وغيري عن مثل هذه التصرفات هو بمثابة تصريح بالاستمرار فيما هم فيه من سوء تقدير لنا ومساواتنا مع الإرهابين والمتطرفين.

ولكني تذكرت بأن هناك ملحقية ثقافية نتبع لها يجب أن نمرر مشاكلنا من خلالها وهي من تتخذ الإجراءات النظامية في استرداد حقوقنا والدفاع عنا.

هذا ما ظننته قبل أن أتصل على أرقام الطوارئ، خمسة أرقام أخذتها بالتوالي، الأول لا يجيب فأذهب إلى الثاني، وهكذا إلى أن رد الأخير ولله الحمد.

كيف حالك يا أستاذي الكريم، معك فلان بن علان طالب مبتعث في ولاية فراغ تخصص فراغ! فقال لي معك الطوارئ ما هي مشكلتك؟ فأخبرته بما حدث معي.

ظهرت على صوته علامات الاستغراب، الدهشة والغضب الذي انتهى بحل يبرد الخاطر وهو أن لا أفعل شيئا طالما أنهيت العقد، وأن أجمع ما تبقى لي من حاجيات وأغادر.

وانتهى حديثه بأنه يفضل أن أبلغ المسؤول عن المشاكل الاجتماعية فقط، من باب أن يكون على حيطة بالمواقف التي تمر بالمبتعثين.

ما فائدة معرفتكم بالمواقف إن لم تكونوا قادرين على اتخاذ المواقف! اليهود يعلمون أنهم منبوذون من الكثيرين، ومع هذا أجبروا الكل على احترامهم وعدم المساس بهم بشكل علني على أقل تقدير.

أجبرونا بالقوانين حتى ظهر ما يسمى بمعاداة السامية، فلم لا يكون هناك قانون أيضا يسمى بمعاداة الإسلام.

نسمع الحكومات الغربية تقول نحن نعلم بأن الإسلام بريء من تصرفات هذا التنظيم المتطرف، كيف هذا وأنتم من أطلقتم عليه اسم ISIS، في حين كان بالإمكان أن تطلقوا عليه كما أطلقنا عليه بل وأطلقوا هم على أنفسهم اسم داعش؟السبب وبكل بساطة أن ISIS ما هي إلا اختصار لمصطلح Islamic State of Iraq and Syria وهذا ما سيظهر للفرد الغربي مباشره عند البحث على هذا المصطلح، وعليه لا نستغرب عندما يقوم المواطن الغربي بربط الإسلام مباشرة بتصرفات هذا التنظيم المتطرف.

فالغرب يسير على ما قاله أدولف هتلر: اجعل الكذبة كبيرة، اجعلها بسيطة، وكررها وفي نهاية المطاف سوف يصدقونها.

(إذا ليك عند الكلب حاجة قولو يا سيدي!!) لماذا علينا أن نتعايش مع هذا المثل المقزز طوال فترة الابتعاث.

مثل ينشئ الفرد على الهروب والخنوع والسكوت عن الحق.

وماذا سيرجو الدين والوطن ممن هكذا نشأته.

يقول بارني «أولئك الذين يركعون للناس يخشى أن يعتبروا مقعدين».

ملايين تصرف وأوقات تهدر وما زلنا ننتظر النتيجة.

سيقول البعض وأين أنت من قول الأصمعي «من لم يحتمل ذل التعلم ساعة، بقي في ذل الجهل أبدا».

صدق الأصمعي، ولكن إن كان التعليم حكرا على هذا البلد.

فالتعليم ولله الحمد لم ولن يكون حكرا على أحد.

أخشى ما أخشاه أن لا تأتينا الفرصة كي نرفع رؤوسنا مرة أخرى.

وأختم كلامي بما قاله جمال عبد الناصر «الخائفون لا يصنعون الحرية، والمترددون لن تقوى أيديهم المرتعشة على البناء».