عبدالله العولقي

الهوية العربية تبدد المشروع الصفوي

الأربعاء - 30 أكتوبر 2019

Wed - 30 Oct 2019

تتسارع وتيرة الأحداث في المشهد العراقي واللبناني واليمني، وكلها تلوح بصورة أو بأخرى بعودة الهوية العربية في وجه المشروع الصفوي، هذه العودة تتقمص رداء الوطنية المحضة وترفض بشدة فكرة الهوية الطائفية العنصرية، ولا شك أن هذا التحول الثقافي قد ترسخ اجتماعيا بعد قناعة شعبية شاملة بخطورة المشروع الصفوي على مستقبل الأوطان العربية، ولا سيما أنه يعتمد في تحقيق مآربه على إذكاء الفتنة الطائفية وتمزيق النسيج الاجتماعي والتشكيك في الهوية العربية.

بعد أحداث الربيع العربي عام 2011، أفاقت بعض الشعوب العربية على مخطط تخريبي وفوضوي للمنطقة، يستهدف عمق الهوية العربية، ويكرس للفتنة الاجتماعية، وبقراءة بسيطة للدول والمجتمعات التي تورطت ووقعت في فخ ما يسمى الربيع العربي، نجدها اليوم منهمكة في أزمات اقتصادية واجتماعية حادة.

الجانب المظلم في أحداث الربيع العربي أنها منحت المشروع الإيراني أبعادا في توسعه الجغرافي على حساب السيادة العربية، فسقطت أربع عواصم رسمية في الوحل الصفوي، واعتقد بعض الطائفيين أن ولاية الفقيه الإيراني ستجلب المنفعة وأبواب الخير إلى بلدانهم، ولكنهم فوجئوا بمشروع ثقافي عنصري خالص لا يمنح وطنهم سوى أداة رخيصة في مكون المشروع الصفوي، ولهذا تحول المشهد اليوم إلى عبرة وآية في التاريخ الحديث، فالحضارة العريقة للعراق وسوريا قد تحولت بعد التغلغل الإيراني إلى مشهد من الدمار المأساوي، ربما لم تشهده شعوبها على مر التاريخ.

في أحداث الربيع العربي 2011 رفعت الثورات شعارات القيم الغربية كالديمقراطية الليبرالية، ولهذا آلت الأمور إلى فوضى تمكنت طهران من خلالها من بسط نفوذها على الجغرافيا العربية، لكن احتجاجات اليوم مغايرة تماما، فهي انعكاس لنبض الشارع العروبي وتعبر عن ضمير الهوية العربية، وهذا هو تفسير القلق المتأجج لدى عمائم الحرس الثوري، فبغداد تنتفض، وبيروت تخلع عباءة الطائفية، لأن الصورة قد باتت واضحة للجميع، ولهذا نجد الاحتجاجات تتفاقم في عمق المكون الشيعي كرسالة جلية تتعنون بإحياء الهوية العربية أمام الولي الفقيه .

أخيرا، ما لفت نظري مؤخرا حول نجاح اتفاق الرياض التاريخي هو الحالة الهستيرية للإعلام الإيراني، لأن الهوية العربية هي القاسم المشترك بين دول التحالف العربي (السعودية والإمارات والشرعية اليمنية بمكوناتها)، ولهذا جاء الاتفاق كتوجيه عام للبوصلة العسكرية تجاه الخطر الحوثي في صنعاء، ولذلك يدرك الإيرانيون جيدا أن الهوية العربية تعد المحرك الأساسي لنجاح كل الاتفاقات العربية، ومن هنا نتفهم أن سلوك النظام الإيراني العدائي مع أهالي الأحواز ما هو إلا قلق وتوجس من الهوية العربية، ولهذا تظل الهوية العربية هي الهاجس المقلق دائما للمشروع الصفوي.