ماذا سيفعل الروس في المملكة بعد 10 أعوام؟
الأربعاء - 16 أكتوبر 2019
Wed - 16 Oct 2019
في خريف 2013 غادرت مع صديق متشعب العلاقات مع السياسيين الأمريكان مقر مؤتمر «صناع القرار»، الذي ينظمه المجلس الوطني للعلاقات العربية ــ الأمريكية سنويا في مركز الرئيس رونالد ريغان على بعد أمتار من البيت الأبيض، وكان السؤال الذي يقفز دائما: ماذا تعلمت من العيش في واشنطن؟ فرد باقتضاب «أن لا أثق في أحد من مرتاديها».
ربما يرى البعض أن الأمر طبيعي لأن التعامل مع السياسيين يندر أن تكون الثقة فيه مفرطة، إلا أن المجرب يعرف أن هناك مساحة من الثقة يجب أن تكون متوفرة، خاصة في التعامل على أعلى المستويات، كما يدرك العارف بالشأن الأمريكي أن واشنطن مع كل إدارة تغير جلدها ولغتها ومصالحها، لذا أصبح التعامل معها لا يخلو من المخاطرة.
أما التعامل مع الروس مختلف، وهذا ما أكدته الزيارة التاريخية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى المملكة، والتي شهدت التوجه نحو منعطف جديد تاريخيا، وهو ثمرة عمل حقيقي على أعلى المستويات لا يعرف التقلب وبيع المواقف مثل الأصدقاء الأمريكيين، وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال ترك الأمريكان، لكن يجب أن نكون أكثر وعيا وحكمة في تعاملنا مع القوى العالمية.
التعامل مع الروس فيه كثير من الوضوح والإنجاز، وهذا لمسته شخصيا عندما كنت أعمل سابقا مستشارا في وزارة الطاقة، حيث تشرفت بخدمة وطني في الأشهر الأولى لاتفاق «أوبك بلس»، فكان الروس مرحبين، حاسمين ومتفهمين بمرونة نحن نحتاجها اليوم في وقت مهم من تاريخ المملكة الذي يلعب الشركاء دورا مهما فيه، لنرى مخرجات رؤية المملكة 2030 واقعا.
يجب أن نعترف أننا كنا مأخوذين بالتجربة الأمريكية والغربية عموما، وهذا أمر طبيعي لأسباب تاريخية وسياسية مختلفة، لكن أغمضنا أعيننا عن روسيا والصين وما وصلتا إليه من نجاحات عسكرية، وعلمية وثقافية. فعلى سبيل المثال مكينة الإعلام الأمريكية مجدت وصول الأمريكي إلى القمر، لكن ما يعرفه أهل العلوم أن الروس وصلوا قبلهم إلى الفضاء، وأن الجزء الأول الذي بني في محطة الفضاء الدولية هو «زاريا» الروسية، قبل أن ينهي الأمريكان حلمهم.
روسيا اليوم مختلفة، مشرقة وديناميكية، وحري بنا أن نستفيد من التوافق رفيع المستوى اليوم بين قيادة بلادنا والإدارة الروسية التي حتى وإن تغيرت ستبقى روسيا ومصالحها أولا، وهذا ما سيعود علينا بمنتج حقيقي كمحصلة للاتفاقات التي أبرمت في قصر اليمامة، فسنرى المعجزات الروسية في مرافق الحياة السعودية، من اليوم حتى 10 أعوام مقبلة، دون خوف من مصالح حزبية داخل الكرملين توقف هذه الشراكة مثلما يحدث تحت قبة الكونغرس الأمريكي كل خمسة أعوام.
اليوم خارطة توازن القوى تغيرت، والنظام العالمي يتشكل من جديد، ومكانة المملكة تؤهلها لأن تلعب أدوارا أكثر قوة وتأثيرا. فعلاوة على أن بلادنا هي القائدة للعالمين الإسلامي والعربي فإن موقعها عالميا يمنحها ميزة أكبر في تشكيل ثقل أكبر على المسرح الدولي، وتوزيع التحالف سياسيا واقتصاديا مع القوى العظمى أساس لمستقبل لا يحتكم لشريك متقلب، في حين يفهم صناع السياسة في الإدارات الكبرى أن «المكان يشكل المكانة».
أهلا بالروس، طاقة، صناعة، علوم وثقافة، فكم كنا مغمضي الأعين عن هذا البلد العظيم المتنوع بجمال إرثه وإنسانه.
@Hadi_Alfakeeh
ربما يرى البعض أن الأمر طبيعي لأن التعامل مع السياسيين يندر أن تكون الثقة فيه مفرطة، إلا أن المجرب يعرف أن هناك مساحة من الثقة يجب أن تكون متوفرة، خاصة في التعامل على أعلى المستويات، كما يدرك العارف بالشأن الأمريكي أن واشنطن مع كل إدارة تغير جلدها ولغتها ومصالحها، لذا أصبح التعامل معها لا يخلو من المخاطرة.
أما التعامل مع الروس مختلف، وهذا ما أكدته الزيارة التاريخية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى المملكة، والتي شهدت التوجه نحو منعطف جديد تاريخيا، وهو ثمرة عمل حقيقي على أعلى المستويات لا يعرف التقلب وبيع المواقف مثل الأصدقاء الأمريكيين، وهذا لا يعني بأي حال من الأحوال ترك الأمريكان، لكن يجب أن نكون أكثر وعيا وحكمة في تعاملنا مع القوى العالمية.
التعامل مع الروس فيه كثير من الوضوح والإنجاز، وهذا لمسته شخصيا عندما كنت أعمل سابقا مستشارا في وزارة الطاقة، حيث تشرفت بخدمة وطني في الأشهر الأولى لاتفاق «أوبك بلس»، فكان الروس مرحبين، حاسمين ومتفهمين بمرونة نحن نحتاجها اليوم في وقت مهم من تاريخ المملكة الذي يلعب الشركاء دورا مهما فيه، لنرى مخرجات رؤية المملكة 2030 واقعا.
يجب أن نعترف أننا كنا مأخوذين بالتجربة الأمريكية والغربية عموما، وهذا أمر طبيعي لأسباب تاريخية وسياسية مختلفة، لكن أغمضنا أعيننا عن روسيا والصين وما وصلتا إليه من نجاحات عسكرية، وعلمية وثقافية. فعلى سبيل المثال مكينة الإعلام الأمريكية مجدت وصول الأمريكي إلى القمر، لكن ما يعرفه أهل العلوم أن الروس وصلوا قبلهم إلى الفضاء، وأن الجزء الأول الذي بني في محطة الفضاء الدولية هو «زاريا» الروسية، قبل أن ينهي الأمريكان حلمهم.
روسيا اليوم مختلفة، مشرقة وديناميكية، وحري بنا أن نستفيد من التوافق رفيع المستوى اليوم بين قيادة بلادنا والإدارة الروسية التي حتى وإن تغيرت ستبقى روسيا ومصالحها أولا، وهذا ما سيعود علينا بمنتج حقيقي كمحصلة للاتفاقات التي أبرمت في قصر اليمامة، فسنرى المعجزات الروسية في مرافق الحياة السعودية، من اليوم حتى 10 أعوام مقبلة، دون خوف من مصالح حزبية داخل الكرملين توقف هذه الشراكة مثلما يحدث تحت قبة الكونغرس الأمريكي كل خمسة أعوام.
اليوم خارطة توازن القوى تغيرت، والنظام العالمي يتشكل من جديد، ومكانة المملكة تؤهلها لأن تلعب أدوارا أكثر قوة وتأثيرا. فعلاوة على أن بلادنا هي القائدة للعالمين الإسلامي والعربي فإن موقعها عالميا يمنحها ميزة أكبر في تشكيل ثقل أكبر على المسرح الدولي، وتوزيع التحالف سياسيا واقتصاديا مع القوى العظمى أساس لمستقبل لا يحتكم لشريك متقلب، في حين يفهم صناع السياسة في الإدارات الكبرى أن «المكان يشكل المكانة».
أهلا بالروس، طاقة، صناعة، علوم وثقافة، فكم كنا مغمضي الأعين عن هذا البلد العظيم المتنوع بجمال إرثه وإنسانه.
@Hadi_Alfakeeh