فارس الهمزاني

كيف ننعش الأيام الثقافية في الخارج؟

الاثنين - 07 أكتوبر 2019

Mon - 07 Oct 2019

تسعى كثير من الدول إلى بناء علاقات استراتيجية من خلال السياسة الثقافية، عبر زيادة دور المؤسسات والأنشطة الثقافية في الخارج، والتي تندرج تحت مفهوم الدبلوماسية العامة كأحد مصادر القوة الناعمة التي تستخدم للتواصل مع الآخر، بهدف التأثير فيه باستخدام أدوات حضارية وثقافية لصياغة استراتيجيات قابلة للتطبيق.

السؤال أعلاه حيرني كثيرا ولم أجد له إجابة، فقد كانت قبل 15 عاما أيام ثقافية سعودية فعالة ومستمرة تتنقل بين عواصم دول العالم بأنشطة وفعاليات رائعة، ولكنها اختفت! وبدأت الآن تعود على استحياء بإشراف الهيئة العامة للثقافة، وهي مبادرة جيدة ويشكرون على تعليق الجرس، لكنها لا تتناغم مع الواقع المتغير وحجم السرعة في ظل ثورة المعلومات والوضع الدولي المعقد والمتجدد، والذي يتطلب حضورا مختلفا في أغلب الدول وليس الكبرى وحدها.

إن واقع العلاقات الدولية والسياسات العالمية أثبت صعوبة تجاهل القوة الناعمة في ظل التغير التكنولوجي وتدفق الأفكار والقيم والسلع وغيرها، ومع تغير طبيعة البشر أيضا في عصر العولمة، بحيث أصبحت أكثر انفتاحا وتقبلا للآخر مع ارتفاع مستويات التعليم.

مثلا نجد حاليا أن تركيا وإيران تسعيان إلى إعادة تشكيل التوازنات الإقليمية وامتداداتها الخارجية، حيث لجأ كل منهما إلى أدوات القوة الناعمة وفق استراتيجيته وسياساته. وسبق أن قال وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي الإيراني محمد حسيني «إن الأسابيع الثقافية تفتح فصلا جديدا من العلاقات بين الدول»، وهذا مصدر قلق.

تكتسب الثقافة بعدا وثقلا مهمين عند الحديث عن التحركات الناعمة، وأصبحت السياسة الثقافية إحدى أهم أدوات السياسات العامة التي تتنافس فيها الدول للحصول على الدور الريادي والقيادي، عبر دعم الحضور الثقافي خارجيا. وهذا بالتأكيد يأتي متزامنا مع رؤية الداخل وترابطها مع أهداف المراكز الثقافية في الخارج، بالحضور والمشاركة في المؤسسات والمجتمعات الدولية أو ببث القيم عبر الفنون السبعة، وغيرها من أدوات تحرك الدول في سياساتها الثقافية.

وهنا أقود اقتراحا بأن تتحول فرحة اليوم الوطني في الخارج إلى أيام ثقافية! بمعنى أن الأسبوع الذي يصادف اليوم الوطني يجري الإعداد له منذ وقت مبكر بميزانية وأجندة وخطة عمل، تشترك فيها وزارات عدة، منها الخارجية وهي الأساس، والثقافة والإعلام والتعليم. وفي هذا الأسبوع يجري إبراز جزء من حضارتنا وعرض تراثنا العريق ومنجزاتنا الثقافية في الأماكن العامة وقاعات الجامعات وصالات السينما والمسارح وغيرها، عبر دعوة شخصيات سعودية متميزة لها حضورها في الخارج أو أجانب كانت لهم بصمات إيجابية في السعودية.

مما يدعم هذه الفكرة وجود الطلاب السعوديين في الخارج من مختلف المناطق، وهنا يأتي دور الملحقيات الثقافية! هؤلاء الطلاب سوف يساهمون في نقل ثقافتهم بالمشاركة في الإعداد والتنفيذ والتطوع في نجاح مثل هذه الأنشطة، والتي لن يتردد في المشاركة فيها أي طالب عندما تكون الفعاليات مصاحبة لليوم الوطني، مما يقلل التكلفة ويضمن الترتيب الجيد والتنسيق الفعّال والتواصل بكفاءة عالية ومهنية.

على يقين تام بأن تحول فرحة اليوم الوطني في الخارج من يوم إلى كرنفال يمتد لبضعة أيام ممتلئة بالأنشطة والفعاليات المتنوعة، سوف يُحتفى به كثيرا، وسيصبح على قائمة أولويات أغلب المهتمين والمتابعين والمحبين أيضا. وسوف يسهم في صناعة صورة إيجابية بكسب علاقات طيبة وبناء شراكات استراتيجية تزداد نموا وانتشارا وتألقا عاما بعد عام.

faresalhammzani@