حذامي محجوب

الإبداع طير لا وطن له بين الرياض وتونس يطير الحمام.. يحط الحمام

الاحد - 14 أبريل 2019

Sun - 14 Apr 2019

نظمت الملحقية الثقافية لسفارة المملكة العربية السعودية بتونس ندوتين فكريتين أيام 12 و13 أبريل 2019 على هامش معرض تونس الدولي للكتاب، استضافت خلال الندوة الأولى الفنان محمد بن عبدالعزيز المنيف للتعريف بالفن التشكيلي السعودي من البدايات إلى الحداثة واستدعت للندوة الثانية الكاتب يوسف المحيميد للتعريف بالرواية السعودية وتطورها. وحصلت على إثر الندوة الأولى التي حضرها جملة من الفنانين والناقدين وأهل الثقافة والفن نقاشات مفيدة وتبادلات للأفكار، وقد ألقى الحاضرون على الفنان محمد المنيف عدة أسئلة تعلقت أساسا بحرية الممارسات الفنية في المملكة أو بالأحرى بحرية التعبير الفني في المملكة العربية السعودية، وأكد الفنان محمد بن عبدالعزيز المنيف من خلال بعض الأعمال خاصة النحتية منها كأعمال النحات السعودي المشهور محمد الثقفي بأن هذه الأعمال هي أكبر دليل على حرية التعبير الفني في المملكة اليوم، وبين أن أعمال الفنانين السعوديين تشارك اليوم في الفعاليات الفنية الكبرى التي تقام في العالم وفي الخليج كبيانال الشارقة ودبي آرت ولوفر أبوظبي ...وأشار إلى أن هذه التظاهرات قد ساهمت في تقريب الفنانين السعوديين من بقية فناني العالم وجعلتهم يتأثرون ويؤثرون في الفن العالمي ببعث رسائل إلى العالم تتضمن جماليات وإنشائيات الحياة السعودية.

أما الندوة الثانية التي قدمها الروائي السعودي يوسف المحيميد فقد كانت فرصة لتعرف المثقفين في تونس على تطور الرواية في المملكة العربية السعودية ومراحل تطورها، وهو الذي أنتج العديد من الروايات التي أثرت ساحة الرواية في المملكة والرواية العالمية باعتبارها قد ترجمت إلى عدة لغات، من أشهر هذه الروايات :-"لغط موتى"،" فخاخ الرائحة"، "القارورة"، "نزهة الدلفين"، "الحمام لا يطير في بريدة"،,"رحلة الفتى النجدي" و"غريق يتسلى في أرجوحة"....وكان موضوع الندوة " الرواية السعودية وتطورها" وقد أرجع الروائي يوسف المحيميد تاريخ الرواية السعودية إلى ثلاث مراحل، مرحلة التأسيس وهي المرحلة الأولى التي تعود إلى الثلاثينيات بصدور أول رواية سعودية لعبد القدوس الأنصاري " التوأمان" ثم المرحلة الثانية وقد بدأت بصدور أول رواية فنية هي " ثمن التضحية" لحامد الدمنهوري سنة 1959 وقد صورت هذه الرواية حيرة الرجل العربي بين اختيار المرأة المثقفة أوالتقليدية، أما المرحلة الأخيرة وهي مرحلة نعتها بالتجديد باعتبارها حاملة لكم هائل من الروايات ذات المستوى الفني العالي وقد بدأت من سنة 1980الى يومنا هذا.. وكنتيجة للتعليم النظامي للبنات الذي بدأ في الستينات في المملكة تحدث عن ظهور روايات نسائية مثل " غدا سيكون الخميس" لهدى الرشيد و"البراءة المفقودة" لهند باغفار و"غدا أنسى" لأمل شطا وغيرها من الروايات النسائية على يد كل من خيرية السقاف وفوزية جارالله وبدرية البشر وليلى الجهني...، وتحصل رجاء عالم عن روايتها " طوق الحمام" جائزة البوكر في العالم العربي لتكون بذلك أول امرأة عربية تنال هذه الجائزة.

واعتبر يوسف المحيميد أن مرحلة الثمانيات هي مرحلة ازدهار الرواية السعودية ويرجع ذلك إلى انفتاح المجتمع السعودي واختلاطه بثقافات أخرى مما انعكس على الكتابة وأثرى مخيلة الكتاب واعتبر أن صدور رواية الدكتور غازي القصيبي " شقة الحرية" سنة 1994 قد أسست لمرحلة جديدة في تاريخ الرواية السعودية التي زرعت تقاليد جديدة في مجال الكتابة أكثر حرية من قبل، فظهرت ثلاثية تركي الحمد "أطياف الأزقة المهجورة" وروايات عبده خال التي تلتها روايات عديدة تخلصت نوعا ما من الخطاب المحافظ الموروث وأحدثت زيادة ملحوظة في مستوى الجرأة والصراحة، فظهرت رجاء عبدالله الصانع بروايتها "بنات الرياض" التي أحدثت نجاحا وضجيجا كبيرا لجرأتها، وترجمت هذه الرواية إلى ست وعشرين لغة، وحصلت على المركز الثامن في أكثر الكتب المبيعة في العالم، كما صدر في نفس الفترة عدد من الروايات المثيرة مثل "حب في السعودية" لإبراهيم البادي و"ملامح" لزينب الحفني و"سعوديات" لسارة العليوي وغيرها...وكلها تشهد على توفر فضاء الحرية الذي يحث على الإبداع حيث أصبحت المملكة تقريبا تشهد أكثر من صدور مائة رواية سنويا.

وأشار يوسف المحيميد إلى أن هذه الإصدارات أصبحت تحصد جوائز عديدة منها البوكر وجائزة نجيب محفوظ وجائزة أبو القاسم الشابي وغيرها من الجوائز الأدبية العالمية كجائزة الأدب الألماني لسنة 2014 التي حصلت عليها رجاء عالم.

وقد حضر هذه المحاضرة كذلك عن نشأة الرواية السعودية العديد من الشخصيات الأدبية التونسية والنقاد والصحفيين ورجال الثقافة والفن وطرحوا على يوسف المحيميد عدة أسئلة تتعلق ببداياته وطفولته وكل المؤثرات التي تنحت مخيلة الروائي وتصنع أفكاره، وكانت فرصة طيبة لتبادل الأفكار والتجارب بين الطرفين وإطلاع المثقفين التونسيين على التطور الأدبي والثقافي السعودي وعلى تفاصيل الحياة الثقافية في المملكة وربما كما قال أحد المتدخلين تغيير تلك الصورة النمطية التي رسختها بعض الأطراف وبعض وسائل الإعلام الغربية عن طبيعة المجتمع السعودي.