عبدالحليم البراك

صباح الخير يا مارك توين..

الاثنين - 08 أبريل 2019

Mon - 08 Apr 2019

مارك توين هو كاتب أمريكي ساخر، والأب الروحي للأدب الأمريكي، وصاحب رواية هكلبيري فين، صاحب حكم لطيفة؛ لربما اختصرت لي ولك أن نعيش تجربة، وربما ننجح في استخلاص النتائج وربما نعيد التجربة مرة أخرى ونلدغ من الجحر مرة ومرتين حتى نصل للنتيجة الجاهزة المعلبة التي يقدمها لنا مارك توين وعلى طبق من (أدب)، وهذه بعض لطائفه بعد أن (نسعودها) دون أن نمنحها الجنسية!

يقول مارك الطيب «إذا شعرت بأنك قليل الأدب فأنت مؤدب لأن قليلي الأدب لا يشعرون» وستلاحظ أن في مجتمعات ما (!!)، لا يرمش له طرف وهو يمارس قلة الأدب، بل يسميها صراحة، وإن لمس غضبك قال أنت حساس، ونقول له «لله درك» أوجزت فأنجزت!

كما يقول اللطيف الكبير مارك توين ملمحا للآباء والأمهات، والأصدقاء القدامى «إن وجدت من يسعدك اليوم، لا تنس من اهتم بك بالأمس» فالذين يعيشون يومهم أنانيون بطبعهم، والذين يرجعون للخلف فيتذكرون أصدقاءهم ومن أسعدهم ومن قدم لهم ولو معروفا بسيطا قلت: لو كل إنسان لم ينس معروف رجل طيب قدم له الخير، لتزاحم الناس حول عدد محدود منهم، فالطبيون قليلون منسيون!

وقال الأمريكي المتوفى عام 1910م «لا تغضب إذا انفجر البالون في وجهك، فأنت من نفخه وأعطاه أكبر من حجمه وكذلك بعض البشر. قال كاتب السطور: لقد تفجرت في وجوهنا عشرات البالونات، لقد أدمت وجوهنا، وأفزعتنا، وكنا نعتقد أن الخطأ هو خطؤهم، لقد كان خطؤنا من جانب، ومن جانب آخر؛ لقد أفسدوا قيم الثناء على الناس بإساءتهم لمن أثنى عليهم»!

ويقول هذا الرجل الحزين مارك توين «تنبع الفكاهة من الحزن لا من الفرح» وصدق، وأسباب الحزن كثيرة من بينها وجع الحياة (مع الاعتذار لروح الشاعر الكبير محمود درويش للاقتباس)

«إننا نحب كل شخص يقول لنا رأيه بصراحة، إذا كان هذا الرأي يتفق مع رأينا» هذه العبارة، آخر ما قالها مارك توين وهي أقرب ما تكون فلسفة ما يخفى على الإنسان، وتنطبق على ثلاثة أشخاص بوضوح وربما أكثر، مدير مستبد يحب رأيك الصريح الذي يتفق مع رأيه، وأحمق يستشيرك في رأي وقد حسم رأيه قبل استشارتك، وآخر مغطى على عينيه فهو أحادي الصورة والمذهب والرأي لا رأي له إلا رأيه، وعدا ذلك عدو له أو لا يفهم الحياة بزعمه!

وقال هذا الساخر مقولتين في السخرية من الحياة، الأولى «الجنس البشري يملك سلاحا فعالا وحيدا ألا وهو الضحك» في إشارة إلى دور السخرية في الحلول السياسية والاقتصادية، وكيف أنها تنقل المشكلة من صيغة التنظير المباشر إلى التغيير غير المباشر بالضحك، وقال أيضا «الإنسان هو الحيوان الوحيد الذي يكذب»، ولاحظ أنه لم يقل يخدع، فكثير من الحيوانات تخدع ولا تكذب، لكن الإنسان هو الوحيد الذي جمع بين الخيانة والكذب في أبشع صورة، بشرط أن لا يأتي أحدهم ويقول «لمارك توين» أو لي: لو تفهم زقزقة العصافير، وزئير الأسد وفحيح الأفعى، فكلها كذب لا تفهمه ولا تعرف من يترجم لك ذلك، وأقول له نيابة عن كوين نفسه: الحيوانات لا تكذب حتى نجد المترجم الذي يترجم لنا كذبها!!

Halemalbaarrak@