ثامر فهد الغفيلي

هل سيرتفع السوق العقاري أم سينخفض؟

الاحد - 03 مارس 2019

Sun - 03 Mar 2019

يطرح هذا السؤال دوما في كل مجلس أو مناسبة عامة، ويشكل الحديث فيه محور اهتمام الجميع، ويتخذ البعض بعض القرارات الاستراتيجية اعتمادا على نتائج تلك الأحاديث، فامتلاك الأرض وبناء المنزل عليها قرار بعيد المدى ويحتاج إلى تخطيط ودراسة وتنفيذ على المدى الطويل.

ويخرج من بين الناس من يدعي معرفته بمستقبل الأسعار، وكأنه قد امتهن مهنة المنجمين واتبع مسالكهم في معرفة المعلومة والبحث عنها، فتجده تارة يتوقع حدوث نزول مظلي للأسعار بناء على توقعات شخصية أو أمنيات خاصة، وتارة تجده يتوقع ارتفاعا صاروخيا سيحلق بالأسعار في الأعلى إلى أن تصل لعنان السماء.

وفي الحقيقة، إن تغيرات أسعار العقارات تحكمها عوامل عديدة، سنذكر جلها بقدر الإمكان محاولين تغطية أهم تلك العوامل وأساسها:

العرض والطلب: وهي قاعدة تجارية عالمية تدخل في جميع السلع والخدمات، سواء كانت عقارية أو تجارية وغير ذلك، إذ كلما زاد الطلب ارتفعت الأسعار، وكلما زاد العرض انخفضت الأسعار (السوق الإماراتي الآن خير مثال لهذا المحور).

التمويل:

تتحكم القدرة التمويلية في التحكم بجزء كبير من الحركة العقارية وارتفاع وانخفاض أسعارها، فكلما كان التمويل ميسرا وذا فائدة منخفضة تنشط الأسواق العقارية وحركة البيع والشراء، ويصحبها انتعاش بالأسعار ونشاط وطلب عاليان نتيجة توفر السيولة.

وعكس ذلك صحيح، فكلما زادت تكلفة التمويل العقاري وارتفعت أرباحه قلت الحركة التجارية العقارية وضعف الطلب وانخفضت الأسعار أو استقرت على وضعها الحالي.

الوضع السياسي العام: تتأثر الأسعار غالبا في جميع دول العالم بالحركة السياسية، فتستقر وترتفع بوجود الاستقرار السياسي، ويحدث لها نزول وتخلخل في حالة الاضطرابات السياسية ونحوها.

السياسات والإجراءات: تسهم التشريعات والإجراءات الحكومية والتنظيمية في حركة الأسعار، فالتنظيمات البلدية والقروية قد تكون سببا في تأخر ضخ المخططات والفسوحات للمباني والمنشآت، وبالتالي ارتفاع الطلب على الوحدات السكنية والتجارية والأراضي المطورة، نتيجة قلة المعروض بسبب تأخر صدور تلك التصاريح أو المتطلبات أو وجود بيروقراطية تعطلها.

ومن تلك الأمثلة أيضا ما حدث أخيرا من خروج عدد كبير من الأجانب واليد العاملة (تفوق المليون عامل) في وقت وجيز، وبالتالي انخفاض أسعار الإيجارات السكنية بنسبة تقريبية 25% كمتوسط عام.

الاحتكار ومحدودية التداول: ويشكل الاحتكار ومحدودية التداول بين فئة محدودة من تجار العقار مؤشرا سيئا لحركة الأسعار، نتيجة احتكار التداول وحركة البيع والشراء لفئة قليلة تكون بالعادة هي المسيطرة والمتحكمة بالحركة العقارية دون غيرها.

الحركة الاقتصادية للدول: بلا شك عند وجود انتعاش اقتصادي للدولة أو المنطقة بشكل عام تصحب ذلك حركة عالية ونشطة في استئجار وبيع وشراء وتداول العقارات بشكل عام، سواء كانت أبراجا، أو مكاتب، أو معارض، أو أراضي ومنازل أو شققا سكنية. والعكس صحيح، فارتفاع الطلب والأسعار التأجيرية يصحبه ارتفاع في قيمة الأصل نتيجة لارتفاع عوائده وريعه السنوي، وانخفاض العوائد التجارية وضعف الطلب عليها، يصحبه انخفاض في أسعار تلك الوحدات والعقارات بشكل عام.

النمط المعيشي والفكر: يؤثر الفكر الشخصي والنمط المعيشي وطريقة الاستهلاك والادخار في الأسعار بشكل غير مباشر، فعندما ينفق الفرد جل مدخراته الشهرية والسنوية على كماليات إضافية أو لا حاجة له فيها، أو سفرات خارجية عديدة تفوق ميزانيته المحدودة أو في شراء سيارة أو ساعة ثمينة تفوق إمكاناته ودخله الشهري بمراحل عديدة، ولا توجد له خطة ادخار واستثمار طويلة المدى، فإن وضعه المالي وقدرته الشرائية سوف ينخفضان بلا شك، مما يضعف الحركة العقارية بشكل عام إذا كان هذا هو الاتجاه السائد لشريحة كبيرة من المجتمع.

إذن يجب تنمية ثقافة الادخار وتحقيق هدف بناء منزل العمر من خلال تجزئة الهدف لمراحل وسنين عدة، وتحقيقه من خلال تلك الأعوام، لأنه هدف استراتيجي طويل المدى لا يتحقق في يوم وليلة أو بين عشية وضحاها.