علي الغامدي

الرغبة في الفوز

الخميس - 17 يناير 2019

Thu - 17 Jan 2019

تقول الدكتورة «تالي شاروت» المتخصصة في علم الأعصاب السلوكي «إن الخوف من الخسارة يؤدي إلى الجمود، والرغبة في الفوز تؤدي إلى العمل بجد». وقد استخدمت شاروت هذا المبدأ لمساعدة الناس في التخلص من العادات السيئة بفعالية.

فبدلا من تخويفهم من الأمراض والنتائج الوخيمة المترتبة على ممارساتهم ترغبهم بشدة في النتائج الإيجابية عند الإقلاع عن هذه العادات. وهذا لا يعني أن التخويف لا يؤثر في سلوكنا، بل إن تأثيره محدود مقارنة بالتشجيع والترغيب.

ويمكننا تطبيق هذه الفكرة في الإقلاع عن العادات السيئة التي نعاني منها، أو التي تخص أطفالنا، أو التي يمارسها كثير من أفراد المجتمع.

وقد قام أحد المستشفيات في الولايات المتحدة بإجراء تجربة لدراسة تأثير هذا المبدأ في حث الممارسين الصحيين على غسل أيديهم قبل الدخول وبعد الخروج من غرفة المريض، فتم في المرة الأولى تعليق لافتة تبين خطر عدم غسل الدين ودوره في نشر الأمراض، وهو أسلوب التخويف. وبعد تعليق كاميرا مراقبة في إحدى الغرف اتضح أن 1 فقط من كل 10 ممارسين قاموا بغسل أيديهم عند زيارة المريض.

في المرة التالية تم استخدام سياسة أخرى، وهي وضع لوحة الكترونية توضح عدد مرات الغسيل لكل موظف، حيث يشاهد تصاعد معدله الأسبوعي في كل مرة يغسل يديه. الذي حدث هو أن عدد مرات غسيل اليدين زاد بنسبة 90%، لأن مشاهدتهم للمعلومات الإيجابية عن تطور نتائجهم جعلتهم يشعرون وكأنهم يحصلون على مكافأة فورية.

الذي يحدث على مستوى الدماغ البشري عند حصوله على مكافآت فورية هو ميله الشديد إلى تكرار الأعمال المؤدية لهذا الشعور الجيد، بينما تؤدي التهديدات من الأمراض والأخطار إلى شعور سيئ لا يقوده بالضرورة للإقلاع عن ممارساته، بل قد يؤدي إلى التحايل على الحقائق لتجنب أي معلومات سلبية مزعجة.

فعند مشاهدة الصور المرعبة الموجودة على علبة السجائر يلجأ المدخن إلى التهرب والبحث عن معلومات مريحة، فيبرر أفعاله بأنها ليست خطيرة إلى هذا الحد، فجده قد وصل إلى عمر 90 وهو مدخن دون أن يصاب بأذى، وذلك ليشعر نفسه بالطمأنينة.

وعندما تخبر أي شخص بأن السمنة سبب في كثير من الأمراض العضوية فسيبدأ بالتحايل بنفس الطريقة، بينما عندما تعرضه لمعلومات إيجابية حيث إنه يبدو أكثر جاذبية ووسامة فإن دافعه لممارسة الرياضة سيزيد بنسبة كبيرة جدا.

عندما استخدم أسلوب الترغيب في كثير من الحملات التوعوية الصحية في الولايات المتحدة زادت ممارسة الرياضة لدى الأشخاص من 2.3 ساعة إلى 4.1 ساعات أسبوعيا، وزادت نسبة الإقلاع عن التدخين من %9 إلى 32% ممن خاضوا هذه التجربة.

ويمكن القول بأن دافعنا لترك العادات السيئة يزداد عند مشاهدتنا للنتائج الإيجابية أكثر من تذكيرنا بالمصير المرعب.

1 لماذا يفشل كثيرون في الإقلاع عن العادات السيئة؟

2 كيف تغير الشعارات من دوافعنا في ترك العادات؟

3 الخوف من الخسارة أم الرغبة في الفوز؟

AliGhamdi2@